روسيا تجنّس أوكرانيي زاباروجيا وخيرسون بحجج إنسانية

02 يونيو 2022
يعالج تجنيس سكان أوكرانيين الأزمة الديموغرافية في روسيا (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
+ الخط -

مع تركيز القوات الروسية عملياتها العسكرية في شرق أوكرانيا، قررت موسكو تسهيل إجراءات منح الجنسية الروسية لسكان مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا الأوكرانيتين، وسط توقعات بأن تضم روسيا مناطق جنوب شرقي أوكرانيا وفق نموذج ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.  
وستسمح الإجراءات بأن يقدم سكان المقاطعتين طلبات الحصول على الجنسية الروسية من دون استخراج أوراق إقامة دائمة أو حتى مؤقتة، بعدما كان هذا الإعفاء يقتصر منذ عام 2019 على سكان "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" اللتين اعترفت روسيا بقرار آحادي باستقلالهما في 21 فبراير/ شباط الماضي، أي قبل أيام من بدء العملية العسكرية في أوكرانيا في 24 من الشهر ذاته.  
ويصف عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، قرار تسهيل إجراءات منح الجنسية الروسية لسكان خيرسون وزاباروجيا، في حديثه لـ"العربي الجديد" بأنه "إيجابي، ويرسم صورة لمستقبل سكانهما الذين سيفهمون أن روسيا باقية بعدما تخلت أوكرانيا نفسها عن مواطني مناطقها الشرقية".  
وحول قدرة روسيا على تحمل فاتورة صرف الإعانات الاجتماعية ومعاشات التقاعد للمجنسين من المقاطعتين، يقول بوغدان: "مهما كانت الأعباء المالية ستكون أقل من العدول عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. وسيسمح ذلك بتحسين الوضع الديمغرافي في روسيا عن طريق زيادة عدد سكانها بمجنسين".  
وأظهر تعداد للسكان أجري العام الماضي أن عدد سكان روسيا يناهز 147 مليون نسمة، بينهم أكثر من مليونين من شبه جزيرة القرم. كما قدم نحو مليون من سكان دونباس طلبات للحصول على الجنسية الروسية، وحصل نحو 800 ألف منهم عليها.  
وفيما يتجاوز عدد سكان مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا 2.5 مليون، سيقترب عدد سكان روسيا من عتبة الـ150 مليوناً في حال حصل غالبيتهم على هويات البلد.

وتفيد وكالات إعلام رسمية روسية بأن أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ أوكراني وصلوا إلى روسيا حتى 27 مايو/ أيار الماضي. ويذكر بيزبالكو أن "روسيا ليست الطرف الوحيد المستفيد ديمغرافياً من الوضع الراهن في أوكرانيا، إذ تدفق نحو 4 ملايين لاجئ أوكراني إلى أوروبا سيحققون توازناً ثقافياً ودينياً مقابل تدفق نحو مليون لاجئ من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات السابقة".

الصورة
وصل أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ أوكراني إلى روسيا (دوغوكان كيسكينكيليتش/ الأناضول)
وصل أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ أوكراني إلى روسيا (دوغوكان كيسكينكيليتش/ الأناضول)

وفيما تواجه خطوة توزيع روسيا أوراقها على مواطني دولة أخرى انتقادات بسبب مخالفتها القانون الدولي، يقلل بيزبالكو من أهمية هذه المزاعم، قائلاً: "يجب الانطلاق من أن النظام العالمي يتجه نحو التغيير، وهناك سوابق للاعتراف باستقلال إقليم كوسوفو عن صربيا بصرف النظر عن موقف بلغراد، وانضمام جزيرة مايوت إلى السيادة الفرنسية، وانضمام القرم إلى روسيا. وهناك مجموعة من الدول تمنح جنسيتها للأجانب بناء على أصولهم الإثنية، وبينها ألمانيا وكازاخستان ولاتفيا وغيرها".

بدوره، اعتبر نائب رئيس لجنة شؤون رابطة الدول المستقبلة في مجلس الدوما (النواب)، قسطنطين زاتولين، أن تسهيل نظام منح الجنسية الروسية لسكان زاباروجيا وخيرسون يعزز ثقتهم بتعاون موسكو معهم. وأمل بأن تتعلق القرارات التشريعية التالية بـ "الأراضي الأخرى الخاضعة لسيطرة القوات الروسية"، ما يشير إلى عزم موسكو ضم مزيد من الأراضي الأوكرانية إلى السيادة الروسية.

والأسبوع الماضي، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعديلاً لمرسوم "تحديد فئات الأشخاص الذين يحق لهم لاعتبارات إنسانية التقدم بطلبات الحصول على الجنسية الروسية بنظام مبسط" الصادر عام 2019، ليشمل سكان مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا اللتين سيطرت عليهما روسيا ضمن عمليتها العسكرية.  
وينص المرسوم على مجموعة تسهيلات، منها ألا تزيد مدّة النظر في الطلب عن ثلاثة أشهر، وإعفاء سكان دونباس من الشروط المتعلقة بمدّة الإقامة داخل روسيا والتخلي عن الجنسية الأوكرانية واجتياز امتحان اللغة الروسية. 
وعزا بوتين قراره إلى "اعتبارات إنسانية"، مستشهداً بتجارب المجر ورومانيا وبولندا في منح جنسياتها لأجانب تعود أصولهم إلى دولها.  

المساهمون