يحثّ المغرب الخطى لإقرار مشاريع "رقمنة الفلاحة" من أجل مواجهة تداعيات الجفاف والتغيّر المناخي. وتفيد وزارة الفلاحة (الزراعة) والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بأنّ ورش رقمنة الزراعة "تهدف إلى ربط مليونَي فلاح (مزارع) بالخدمات الإلكترونية في أفق عام 2030"، وذلك "في إطار استراتيجية الجيل الأخضر".
ورقمنة الزراعة تعني استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبيانات الأنظمة البيئية لدعم إتاحة المعلومات والخدمات أمام المزارعين، بهدف رفع المردود الزراعي وبأقلّ كلفة.
والتوجّه الذي سارت فيه السلطات في إطار "مخطط المغرب الأخضر"، برنامج تطوير للقطاع الزراعي أطلقته وزارة الفلاحة في إبريل/ نيسان من عام 2008، استنزف الموارد المائية.
يقول الخبير المغربي في تكنولوجيات الزراعة عزيز أبو عبد الله، لوكالة الأناضول، إنّ ثمّة "تحديات اقتصادية تواجه القطاع الزراعي فارضة تغيير أدوات العمل من أجل رفع مردود الإنتاج، في ظلّ تزايد المنافسة".
يضيف أبو عبد الله، وهو أستاذ في "المدرسة الوطنية للفلاحة" بمدينة مكناس، شمالي البلاد، أنّ "تحديات تواجهنا، من بينها التغيّر المناخي، الأمر الذي يدفعنا إلى العمل للمحافظة على الموارد الثمينة التي نملكها، من بينها المياه والتربة أساساً".
ويشير أبو عبد الله إلى أنّ "الرقمنة في القطاع الزراعي صارت ضرورية لمواجهة التغيّر المناخي، وسنوات الجفاف المتتالية التي يعرفها الغرب". ويشرح أنّ "الرقمنة تعني استخدام التكنولوجيات الحديثة لتحديد أوقات الجني والكمية المتوقعة من المحصول. وثمّة تطبيقات كثيرة على شبكة الإنترنت تساعد في هذا المجال".
ويؤكّد الخبير أنّ "ثمّة حلولاً مبتكرة تقترحها التكنولوجيا، من بينها التطبيقات الخاصة ببرامج السقي اليومية التي تساعد المزارع في تحديد احتياجات بقعته الزراعية بشكل دقيق، بعد تحديد نوع الزراعة وتاريخ البذر ونوع التربة".
وفي الخامس من إبريل/ نيسان الماضي، قال وزير الفلاحة المغربي محمد صديقي إنّ "رقمنة الزراعة من المشاريع الأفقية لاستراتيجية الجيل الأخضر التي تهدف إلى جعلها أكثر مرونة وتنافسية".
وتلتزم الحكومة المغربية بخلق طبقة وسطى في العالم القروي، من خلال استراتيجية "الجيل الأخضر"، وتطمح إلى إدخال ما بين 350 ألفاً و400 ألف أسرة مزارعين إلى الطبقة الوسطى.
ويوضح الصديقي أنه "لدينا ورش مفتوحة عدّة لتحقيق الابتكار والجاذبية لمهنيّي القطاع الزراعي، وكذلك للشباب والأجيال الناشئة من المزارعين"، لافتاً إلى إنشاء "قطب للرقمنة في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، وبدأنا في إقرار مشاريع عدّة، من بينها تلك التي تتعلق بتقنيات تدبير السقي، وكذلك تقنيات سلاسل الإنتاج".
وفي عام 2022 الماضي، أبصرت النور مزرعة رقمية هي الأولى من نوعها في المغرب، وهي فضاء مفتوح يستقطب المزارعين الراغبين في الاعتماد على التكنولوجيا في فلاحتهم.
ويقول مدير مؤسسة "فيرما تيك" الخاصة التي تدير المزرعة البيداغوجية (التربوية) أمين زروق: "نتطلع إلى أن تقوم المزرعة البيداغوجية بتحفيز الفلاحين لتطوير الرقمنة في الزراعة، الأمر الذي يساعد في تجاوز صعوبات التغيّر المناخي ويرفع المردود".
ويؤكد زروق، في تصريح لوكالة الأناضول، قائلاً: "نسعى إلى المساعدة في ملائمة الأنماط الزراعية الجديدة مع التكنولوجيات الحديثة، عبر خدمات عدّة، من بينها المزرعة النموذجية وحاضنة مبتكرة لتسريع ومواكبة الشركات الناشئة".
ويتابع زروق أنّ "رقمنة الزراعة استثمار مهمّ جداً، يساعد في رفع مردود الإنتاج وتحقيق ربح أكبر ويفتح فضاءات جديدة لتسويق منتوجات المزارعين".
وتضمّ المزرعة البيداغوجية شباك خدمات للمزارعين يشمل تقديم المساعدة في استخدام منصات الخدمات الزراعية الرقمية، والإيداع الإلكتروني لملفات الدعم الحكومي، والاطلاع على خريطة خصوبة التربة، والتوصيل بأسعار سوق الجملة، والتعرّف إلى أحوال الطقس.
(الأناضول)