رئيس الحكومة الجزائرية: الحرائق تمت بأيادٍ إجرامية

12 اغسطس 2021
أكثر من 70 ضحية للحرائق التي أتت على مئات المنازل (مصعب رويبي/الأناضول)
+ الخط -

جدّد رئيس الحكومة ووزير المالية الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، الاتهامات لأطراف لم يسمّها بالوقوف وراء الحرائق المهولة التي تشهدها الجزائر منذ أيام، والتي خلّفت حتى الآن أكثر من 70 ضحية، وأتت على مئات المنازل وآلاف الهكتارات من الغابات والمحاصيل الزراعية.

وقال رئيس الحكومة، خلال زيارته إلى ولاية تيزي وزو الخميس، على ِرأس وفد وزاري للاطلاع على حجم الكارثة التي حلّت بالمنطقة، إنّ "الحرائق المندلعة على مستوى مختلف الولايات تمّت بفعل فاعل، وبأيادٍ إجرامية، وهناك أدلة علمية توصّلت إليها المصالح المختصّة أكّدت عدم عفوية اندلاع سلسلة الحرائق المتزامنة".

وأضاف بن عبد الرحمن: "لقد أثبتت التحقيقات أنّ الحرائق كانت بفعل فاعل وبأيادٍ إجرامية، خاصة أنها اندلعت في مناطق محدّدة ومدروسة، بالإضافة إلى أنها اندلعت في الوقت ذاته والثانية نفسها، إذ عمل المجرمون على محاصرة المناطق الضيقة من أجل إشعال المناطق الكبرى. كلّ القطاعات مستمرة في بذل الجهود، رغم حقد الحاقدين وإجرام المجرمين، الجزائر لديها إمكانيات علمية وتكنولوجية تظهر أنّ هذا العمل إجرامي".

واعتبر المسؤول الجزائري أنّ الأولوية القصوى الحالية هي الحفاظ على صحة المواطنين، وجدّد التزامه بـ"مدّ يد العون لكافة المتضرّرين من الحرائق". كما كشف أنّ الرئيس عبد المجيد تبون اتخذ عدّة قرارات هامة، من بينها استحداث صندوق خاص بالمتضرّرين يتكفّل "في أقرب وقت ممكن" بانشغالاتهم، وأمر بتخصيص ميزانية خاصة لتعويض المتضرّرين من الحرائق، حيث سيشمل التعويض كلّ المناطق المتضرّرة. 

وأشار بن عبد الرحمن إلى أنّ جرد الخسائر سيبدأ اليوم الخميس، وأضاف أنّ "الدولة ستوفّر كل ما يجب توفيره، وتجنّد كافة الإمكانيات لإعادة الحياة إلى مجراها بعد سلسلة الحرائق المندلعة في عدة ولايات".

وفي السياق ذاته، وجّه وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد تعليمات تقضي بإرسال أكبر عدد من مكثّفات الأوكسجين التي استوردتها السلطات الصحية لمواجهة جائحة كورونا نحو مشافي ولاية تيزي وزو، الولاية الأكثر تضرراً من الحرائق، لمساعدة المصابين الذين يتواجدون في المستشفيات. 

وكانت آخر حصيلة رسمية قد تحدثت عن وفاة 65 شخصاً، بينهم 28 عسكرياً، لكن حصيلة جديدة غير رسمية تحدثت، الخميس، عن ارتفاع عدد الضحايا إلى 77 شخصاً.

وأعلنت هيئة الدفاع المدني في الجزائر أنها تمكّنت من السيطرة على 92 حريقاً في 17 ولاية في عموم البلاد، لكنها ما زالت تواصل عمليات الإطفاء في منطقة القبائل التي تشهد أكبر الحرائق. 

ووصلت، صباح الخميس، إلى الجزائر طائرتان لإخماد الحرائق من نوع كانداير، كانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت أمس استئجارهما من الاتحاد الأوروبي، فيما حوّل الجيش عدداً من الطائرات العسكرية إلى طائرات تساعد في عمليات الإطفاء.

وفي السياق ذاته، مازالت تفاعلات قضية إقدام مجموعة من الشباب على حرق الشاب جمال بن اسماعيل تثير الجدل في الجزائر، خاصة بعدما اتضح أنّ الشاب القتيل لا علاقة له بعمليات حرق غابات ولاية تيزي وزو، وأنه بخلاف ذلك تماماً كان قد نظّم موكب مساعدة للمنطقة وتوجّه لمساعدة السكّان، ناهيك عن أنه ناشط مجتمعي وفنان، يرسم ويغني.

وقال والد جمال بن اسماعيل، في تسجيل فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ ابنه يُعتبر "شهيداً عند الله"، وطالب في الوقت ذاته السلطات بأن تتدخل وتسترجع جثة ابنه من ولاية تيزي وزو، مشدداً على ضرورة تفادي الفتنة. 

وأضاف: "القبائل (الأمازيغ) إخواننا وأحبابنا، وهناك فئة قامت بهذا الفعل، والله يصبر الشعب الجزائري، لأنّ ابني توفي شهيدا، وهو بطل لأنه توفي من أجل إخماد الحرائق مع أبناء بلده".

وأشاد ناشطون بموقف والد الضحية، على الرغم من الظروف القاسية والمؤلمة التي تمّ فيها مقتل ابنه والتنكيل بجثته. 

واعتبر الإعلامي سمير فارس أنّ موقف والد الضحية قوي ووصفه بـ"الرجل الصالح"، وعلّق على موقفه بالقول: "الذي يحفظ التوازن في هذا المجتمع هو وجود كتلة الصالحين المصلحين، تشاهد أبشع ما يمكن أن يقوم به البشر، ثم يخرج لك من نفس المجتمع رجل بسيط مكلوم في فلذة كبده غير معروف، فيقول كلاماً من ذهب في لحظة صعبة جداً لا يثبت فيها إلا الأولياء والعرفاء. لا أملك إلا أن أقول سبحان من ألهمك جميل الصبر وحسن الكلام وسمو الأخلاق".

وكانت مجموعة من الشباب الغاضبين قد أقدمت على انتزاع شاب من داخل سيارة شرطة، اشتبه فيه بالتورّط في حرائق الغابات بمنطقة "الأربعاء ناث ايراثن"، وقتلته بطريقة وحشية. 

وأثارت الحادثة استياءً كبيراً بسبب هذا التصرف الذي وُصف بـ"الهمجي".

ونشر بعض الشباب فيديو يُظهر مجموعة من الشباب الغاضبين قاموا بإخراج الشاب من سيارة الشرطة وسحله، وتمّ حرق جثته في الشارع، وبقيت جثته لفترة في الساحة.

وأعلن القضاء الجزائري بدء التحقيق في الحادث، وذكر أنّ "مجموعة من المواطنين قامت بإلقاء القبض على ثلاثة أشخاص كانوا على متن سيارة، إثر شكوك راودتهم بأنهم متورطون في حرائق الغابات بمنطقة "الأربعاء ناث ايراثن". وبعد أن اعتدوا عليهم بالضرب، تدخّلت مصالح الشرطة لإنقاذهم وتحويلهم إلى مقرّ الشرطة، غير أنّ المجموعة ذاتها عادت وهاجمت الشرطة مستخدمة العنف، وتمكّنت من إخراج أحد الثلاثة المشتبه بهم، وسحبوه إلى ساحة المدينة، حيث اعتدوا عليه بالضرب وأضرموا النار في جسده، ما أدى إلى وفاته".

وأكّد البيان أنّ "عناصر الشرطة الذين تدخّلوا لحماية الضحية وإنقاذه تعرّضوا إلى إصابات متفاوتة". وأمرت نيابة الجمهورية بـ"فتح تحقيق في ظروف وملابسات القضية للكشف عن هوية الفاعلين وتقديمهم للقضاء لنيل جزائهم الصارم، طبقاً لما تقتضيه قوانين الجمهورية، حتى لا تمرّ هذه الجريمة البشعة بدون عقاب"، وتعهدت باطلاع الرأي العام على نتائج التحقيق.

المساهمون