رئيسة مؤسسة التعليم فوق الجميع: الشرعية الدولية خذلت أطفال غزة

09 سبتمبر 2024
من مؤتمر "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب"، قطر 9 سبتمبر 2024 (التعليم فوق الجميع)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الهجمات على التعليم في غزة**: في مؤتمر "التعليم في خطر" بالدوحة، أكدت الشيخة موزا بنت ناصر على استمرار الهجمات على التعليم في غزة، مما أدى إلى استشهاد أكثر من عشرة آلاف طالب و400 معلم، وتحويل 63% من المدارس إلى ملاجئ.

- **الوضع التعليمي في فلسطين واليمن**: وزيرة الخارجية الفلسطينية أشارت إلى استهداف المؤسسات التعليمية كجريمة إبادة جماعية، بينما أكد رئيس الوزراء اليمني تضرر البنية التحتية التعليمية بشكل كبير.

- **التقرير العالمي عن الهجمات على التعليم**: تقرير التحالف العالمي لحماية التعليم أشار إلى تسجيل ثماني هجمات يومياً على التعليم في المتوسط، مع تأثيرات طويلة الأمد على 72 مليون طفل حول العالم.

تحت عنوان "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب"، انطلقت في الدوحة أعمال المؤتمر الدولي الذي يُنظّم في الذكرى الخامسة لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع من سبتمبر/ أيلول يوماً عالمياً لحماية التعليم من الهجمات. وفي كلمتها الافتتاحية التي ألقتها في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، أكّدت رئيسة مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع، عضو مجموعة المدافعين عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، الشيخة موزا بنت ناصر، أنّ "الهجمات على التعليم تتواصل من دون انقطاع"، مضيفةً "لقد فشلنا كمجتمع دولي في حمايته".

ولعلّ ما يجري في قطاع غزة مثال على ما يُمكن أن يتعرّض له التعليم في مناطق النزاعات. في هذا الإطار، قالت الشيخة موزا: "لقد خذلناكم يا أطفال غزة، ولم يحمكم لا قانون دولي، ولا شرعية دولية، ولا اتفاقيات دولية". يُذكر أنّ اليوم يصادف كذلك انطلاق العام الدراسي الجديد في الأراضي الفلسطينية، لكنّ تلاميذ غزة لن يتمكّنوا من الالتحاق بمدارسهم وسط العدوان الإسرائيلي المتواصل عليهم منذ 11 شهراً، علماً أنّهم سبق أن خسروا عامهم الدراسي الماضي.

ورأت رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، في خلال افتتاح المؤتمر الدولي، أنّ المجرم ليس فقط من ارتكب الجرائم في قطاع غزة، إنّما "كلّ من يدعم الاحتلال ويسانده ويدافع عنه ويدعمه بالمال والعتاد أو اختار الصمت عمّا يجري في القطاع المحاصر". وبيّنت الشيخة موزا أن أكثر من عشرة آلاف طالب في قطاع غزة وأكثر من 400 معلّم استشهدوا، في حين أنّ 63% من المدارس تحوّلت إلى ملاجئ إيواء للمهجّرين، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ولفتت إلى أنّ نحو عشرين مقرّراً وخبيراً أممياً حذّروا من إبادة تعليمية متعمّدة في قطاع غزة.

ولم تخفِ الشيخة موزا غضبها إزاء ما يتعرّض له قطاع غزة من جرائم على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، وإزاء صمت المجتمع الدولي. فقالت: "غاضبة من زعماء دول انتفضوا غضباً لحرب وصمتوا طويلاً عن أخرى.. غاضبة من زعماء دول يتحدّثون كثيراً عن حقوق الإنسان وولاية القانون الدولي ويسكتون عمّا يجري في غزة من إبادة جماعية.. غاضبة من زعماء كثيراً ما سمعناهم يقولون إنّ فلسطين قضيّتهم المركزية ولا نرى شيئاً من هذه المركزية في مواقفهم".

الصورة
الشيخة موزا بنت ناصر في مؤتمر "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب" - قطر - 9 سبتمبر 2024 (مؤسسة التعليم فوق الجميع)
الشيخة موزا بنت ناصر في مؤتمر "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب"، قطر، 9 سبتمبر 2024 (التعليم فوق الجميع)

في الإطار نفسه، قالت وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين في فلسطين فارسين أغابيكيان شاهين إنّ استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يأتي متعمّداً وواسع النطاق، المؤسسات التعليمية والثقافية في قطاع غزة يمثّل "مظهراً آخر من مظاهر جريمة الإبادة الجماعية المستمرّة منذ 11 شهراً". ودعت شاهين إلى اتّخاذ إجراءات ملموسة تعزّز دعم أطفال فلسطين وضمان سلامة مدارسهم واستمرار تعليمهم من أجل "مستقبل مزدهر".

وأشارت شاهين إلى أنّ إحصاءات وزارة التربية الفلسطينية توثّق استشهاد تسعة آلاف 839 طالباً و522 من كوادر التعليم في قطاع غزة، نتيجة الإبادة الجماعية المستمرّة التي ترتكبها إسرائيل، في حين يُقدَّر بالآلاف عدد الجرحى الذين أُصيب عدد كبير منهم بإعاقات من شأنها أنّ تغيّر حياتهم، من دون أن تنسى الصدمات النفسية. أضافت شاهين أنّ 105 أساتذة استشهدوا كذلك، بحسب بيانات وزارة التربية التي أفادت كذلك بأنّ جامعات غزة البالغ عددها 12 استُهدفت كلّها، الأمر الذي أدّى إلى تدميرها إمّا كلياً وإمّا جزئياً. وتابعت أنّ 620 ألف طالب في مدارس غزة مُنعوا من مواصلة تعليمهم، في حين استشهد في الضفة الغربية المحتلة 76 طالباً مدرسياً و34 طالباً جامعياً.

وطالبت الوزيرة الفلسطينية بتوفير الحماية لحقوق الطفل في فلسطين، مشدّدةً على وجوب أن يُدرَج ذلك في سلّم الأولويات، إلى جانب وضع حدّ لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية التي سبّبها الاحتلال. كذلك طالبت شاهين المجتمع الدولي بالتحرّك العاجل قولاً وفعلاً، والوفاء بالتزاماته القانونية والسياسية والإنسانية والأخلاقية في هذا السياق.

الصورة
من فعاليات مؤتمر "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب" - قطر - 9 سبتمبر 2024 (مؤسسة التعليم فوق الجميع)
من فعاليات مؤتمر "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب"، قطر، 9 سبتمبر 2024 (التعليم فوق الجميع)

من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك إنّ قطاع التعليم في بلاده تعرّض لأضرار بالغة طاولت البنية التحتية ومخرجات التعليم، الأمر الذي خلّف أزمة تعليم هي الأسوأ في تاريخ اليمن. وبيّن أنّ المعاناة طاولت الأطفال في سنّ التعليم المدرسي الذين تبلغ نسبتهم 34% من إجمالي عدد السكان. وأشار بن مبارك إلى أنّ ثلثَي هؤلاء يعيشون في مناطق نائية، ما يساهم في محدودية الوصول إلى المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى النزوح المتكرر الذي تخوضه عائلاتهم بحثاً عن مناطق أكثر أماناً تقيهم من ويلات الحرب. وتابع أنّ عدد المدارس التي تضرّرت من جرّاء الحرب المتواصلة، منذ نحو تسعة أعوام، بأكثر من ألفَين و860 مدرسة.

في سياق متصل، تحدّثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنيّة بالأطفال والنزاع المسلح فيرجينيا غامبا عن أكثر من 26 نزاعاً على مستوى العالم، من هاييتي إلى أوكرانيا والصومال وغزة وغيرها من مناطق النزاعات حيث يتعرّض التعليم لهجمات مستمرّة. ولفتت غامبا إلى أنّ تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بشأن الأطفال في مناطق النزاعات يكشف عن انتهاكات حقوق الأطفال في نحو عشرين من تلك المناطق في العالم.

ويعرض منظّمو المؤتمر الدولي الذي يأتي تحت عنوان "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب"، في ردهات مركز قطر الوطني للمؤتمرات، عملَين فنيَّين تركيبيَّين، الأوّل بعنوان "التعليم تحت الحصار" والثاني بعنوان "الجدران المحطّمة".

تجدر الإشارة إلى أنّه في التاسع من سبتمبر/ أيلول من عام 2020، كان الاحتفال الأوّل باليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات، وهو يوم أُقِرّ باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع القرار 74/275 الذي قدّمته دولة قطر وشاركت في تقديمه 62 دولة أخرى.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

يفيد التقرير الأخير الصادر عن التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات لعامَي 2022 و2023، بأنّ ثماني هجمات على التعليم سُجّلت يومياً في المتوسط في هذه الفترة، الأمر الذي يمثّل زيادة بنسبة 20% عن العامَين السابقَين، على مستوى العالم ككلّ. كذلك سُجّل، بحسب التقرير نفسه، ستة آلاف هجوم ضد الطلاب والمهنيين والمؤسسات التعليمية، بما في ذلك ألف حالة استخدام عسكري لهذه المؤسسات، وقد وقع ضحيّة ذلك أكثر من عشرة آلاف طالب ومعلّم في كلّ أنحاء العالم.

وبينما أثّرت الهجمات على التعليم على كلّ مناطق العالم، إلا أنّها كانت أكثر تواتراً في الدول التي تعاني من الصراع المسلح، بحسب التقرير نفسه عن عامَي 2022 و2023. وتأتي فلسطين من بين الدول التي تعرّضت لأعلى أعداد من الهجمات على التعليم. كذلك يبيّن تقرير التحالف العالمي لحماية التعليم استخدام أسلحة متفجّرة في نحو ثلث الهجمات المبلّغ عنها على التعليم في العامَين المذكورَين، في دول مثل فلسطين والسودان وسورية واليمن. ويتابع التقرير أنّ الهند وباكستان وفلسطين وأفغانستان سجّلت أكبر عدد من الأشخاص الذين تعرّضوا للأذى أو القتل في هجمات على التعليم، في عامَي 2022 و2023.

إلى جانب ذلك، تشير بيانات نُشرت اليوم في إطار فعاليات المؤتمر الدولي "التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب"، إلى أنّ أكثر من 72 مليون طفل حول العالم محرومون من التعليم بسبب النزاعات، وتمثّل الفتيات 53% من هذا العدد. ويواجه 17% من هؤلاء الأطفال صعوبات وظيفية، في حين هُجّر 21% منهم. يُذكر أنّ التهديدات التي يتعرّض لها التعليم لا تقوّض عملية التعلّم فحسب، إنّما تؤثّر كذلك في حياة الناس وتؤدّي إلى عواقب غير مستدامة على المديين القصير والطويل. وفي هذا الإطار، تُعَدّ جهود مؤسسة التعليم فوق الجميع ضرورية للحدّ من الهجمات على التعليم. وهي تلتزم بحماية التعليم في خلال الأزمات، وقد دعمت أكثر من سبعة ملايين طفل غير ملتحقين بالمدارس تأثّروا بالنزاعات في 25 دولة.

المساهمون