دعوات متجددة لإقرار قانون الاختفاء القسري في العراق

12 يناير 2023
خطوة تهدف إلى حماية المواطنين من جرائم الإخفاء في العراق (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

دعت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي إلى إقرار قانون للاختفاء القسري في البلاد، في خطوة تهدف إلى حماية المواطنين من جرائم التغييب التي طاولت آلاف العراقيين خلال سنوات، وسط تأكيدات بأن أسباباً سياسية تحول دون إقرار القانون.

وكان البرلمان العراقي قد حاول إقرار قانون تحت مسمى "حماية الأشخاص من الاختفاء القسري" منتصف العام 2019، وقد تمت قراءته قراءة أولى، لكن أسباباً سياسية حالت دون المضي فيه، بحسب مراقبين.

ووفقاً لرئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أرشد الصالحي، فإن "اللجنة تتابع منذ سنوات ملف حالات الاختفاء القسري في العراق، ولا سيما بعد عام 2014"، مبينا، في تصريح صحافي أوردته صحيفة "المدى" العراقية المحلية مساء أمس الأربعاء، أن "عدداً من اللجان التحقيقية قد اشتركنا بها، وقمنا بزيارات ميدانية في الصقلاوية في الأنبار (منطقة سجلت عمليات خطف طاولت مئات من أبنائها) لمتابعة ملف المغيبين".

العراق يخلو من وجود قانون وطني عراقي مصوت عليه داخل البرلمان يعمل على تطبيق العدالة بشأن ملف المغيبين

وأشار الصالحي إلى أن "العراق يخلو من وجود قانون وطني عراقي مصوت عليه داخل البرلمان، يعمل على تطبيق العدالة بشأن ملف المغيبين"، مشددا على أن "البرلمان يئس من تقديم الحكومة مشروع قانون يعالج الاختفاء القسري والتغييب، وهذا جعل اللجنة تقدم مقترحا من قبل أعضائها".

وأكد أن "رئاسة البرلمان في حينها وافقت على مقترحنا، ومن ثم حصلت موافقة اللجنة، وتم عرضه على البرلمان، وأنجزت القراءة الأولى فقط"، مشيرا إلى أن "الأصوات تعالت حينها بضرورة أن يأتي هذا القانون من الحكومة، ولا يمكن للجنة أن تبادر بمقترحها في تشريعه".

وأوضح رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أن "كتاباً وردنا من الحكومة يطلب من البرلمان عدم المضي بتشريع مقترحنا المتعلق بالتغييب والاختفاء القسري، بحجة أن لديها مشروعاً تجرى مناقشته داخل مجلس الدولة"، مؤكدا أن "السنوات مرت ولم يردنا القانون لا من مجلس الدولة ولا من الدائرة القانونية التابعة لمجلس الوزراء، وأن الحجة الأولى بتعطيله سياسية، وتنبغي معالجتها عبر الحوارات مع الكتل، والأخرى مالية، على اعتبار أن القانون يوفر مستحقات مالية للمشمولين به ينبغي توفيرها".

ناشطون في مجال حقوق الإنسان أكدوا أن الأسباب التي تحول دون أن يقر هذا القانون في البلاد معروف لدى الجميع أنها "سياسية".

وقال الناشط نهاد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "أطرافاً سياسية وقيادات في فصائل مسلحة معروفة ومتنفذة لا تقبل بأن يمرر هذا القانون"، مبينا أن "جميع القوانين فيها جانبان سياسي ومالي، وأن تبادل المصالح بين الكتل يدفع نحو تمريرها، إلا أن هذا القانون يتعارض مع أجندات تلك الأطراف، لذا لا تقبل تمريره".

واعتبر العبيدي أن "إقرار هذا القانون يمثل انتصارا لآلاف المختطفين والمغيبين الذين وقعوا ضحية جرائم المليشيات خلال السنوات الماضية".

وشدد المتحدث ذاته: "يجب على حكومة محمد شياع السوداني أن تثبت حسن نيتها من خلال دعم تمرير القانون، وأن يكون خطوة نحو إنهاء ملف التغييب القسري، وبداية لحماية المواطنين"، مشيرا إلى أنه "من غير الممكن أن يبقى العراق، الذي يعد من أكبر البلدان التي سجلت فيها جرائم التغييب القسري، من دون قانون لمنعه، وهذا تتحمله الحكومة والقوى السياسية".

وكان النائب العراقي عن تحالف "السيادة" رعد الدهلكي قد أكد، الشهر الماضي، لـ"العربي الجديد"، أن القوى السياسية جميعها كانت قد اتفقت ضمن تحالف "إدارة الدولة" على فتح هذا الملف وإنهائه.

وكشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية)، الشهر الماضي، أن أكثر من 11 ألف عائلة عراقية أبلغت عن مدنيين فقدوا خلال السنوات الثماني الماضية، مؤكدا أن السلطات العراقية لم تتابع الملف، ولم تسع لكشف مصيرهم.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت، في تقرير لها منتصف مايو/ أيار 2020، جماعات مسلحة بالوقوف وراء عمليات الاختطاف والتغييب القسري التي تعرض لها سكان مناطق شمال وغرب العراق الفارين من المعارك. 

وقالت المنظمة إن تلك القوات أوقفت الرجال والفتيات في 78 نقطة تفتيش كجزء من إجراءات مكافحة الإرهاب، وجميع حالات الإخفاء حدثت عند نقاط التفتيش تلك.

ونقل التقرير عن ذوي الضحايا شهادات بشأن كيفية عزل تلك القوات الرجال والفتيان عن النساء واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، مؤكدة أن منطقة بلد، شمالي الفلوجة، سجل فيها اختطاف مئات الرجال، وفقاً لهذا الطريقة.

وفي وقت سابق، اعتبر زعيم حزب "المشروع الوطني" العراقي، جمال الضاري، أن استمرار تجاهل ملف الاختفاء القسري للعراقيين يؤكد "ضرورة تدويل القضية".

المساهمون