درجات حرارة مرتفعة غير مسبوقة في المغرب

02 ديسمبر 2024
مزارع في سيدي إفني، 29 يونيو 2024 (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد المغرب ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة بسبب تدفق كتل هوائية حارة من الصحراء الكبرى، مما أدى إلى تبخر المياه السطحية واستنزاف الفرشة المائية، مؤثراً سلباً على النشاط الزراعي وتزويد السكان بماء الشرب.
- يتوقع الخبراء انخفاض درجات الحرارة وعودة الأمطار في ديسمبر، مما يتطلب اتخاذ تدابير احتياطية لتجنب الخسائر.
- يعاني المغرب من شح كبير في مياه الشرب بسبب الجفاف المستمر، مما يؤثر على النشاط الاقتصادي ويضع ضغطاً على الموارد المائية.

يشهد المغرب منذ الأسبوع الماضي ارتفاعاً لافتاً في درجات الحرارة ألقى بظلاله السلبية على المواطنين ووضع قطاعات حيوية أهمها الزراعة والمياه أمام تحديات كبيرة. ولم تكن الحرارة عادية في المغرب في الأيام القليلة الماضية، ولا سيما في المناطق الجنوبية والوسطى وبعض المدن الساحلية الأطلسية، إذ بلغت مستويات قياسية وغير مسبوقة على مدار السنوات الماضية. وتجاوزت درجاتها المعدلات الموسمية بفارق راوح بين 5 درجات و12 درجة مئوية، خاصة في منطقة سوس والأقاليم الجنوبية والسهول الأطلسية، بحسب ما أفادت مديرية الأرصاد الجوية (مؤسسة حكومية).

كما سجلت درجات حرارة راوحت بين 30 و35 درجة مئوية على السواحل، وبلغت 34 في الرباط، في حين أن المعدل الموسمي هو 20 درجة. وفي المحمدية جرى تسجيل 33.4 درجة مئوية، وهو رقم قياسي جديد في نوفمبر/ تشرين الثاني، متجاوزاً الرقم السابق 30.5 درجة الذي سجل في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، سجلت درجات الحرارة ارتفاعاً استثنائياً مقارنة بالمعدلات العشرية المعتادة، مع فروق كبيرة في جميع المناطق أبرزها في مدن الجنوب، مثل سيدي إفني (زائد 12.6 درجة مئوية) وتزنيت (زائد 15.8 درجة مئوية)، في حين شهدت المناطق الساحلية الشمالية مثل الدار البيضاء والرباط والمحمدية فروقاً ملحوظة راوحت بين زائد 8 وزائد 10 درجات مئوية.

وبحسب مديرية الأرصاد الجوية المغربية، ارتبط ارتفاع درجات الحرارة بتغيّرات ديناميكية في توزيع الضغط الجوي، إذ دفع المرتفع الجوي المتمركز فوق شمال أفريقيا، بالتزامن مع منخفض جوي غرب أوروبا، كتلاً هوائية حارة وجافة من الصحراء الكبرى نحو المغرب، ما سبّب رفع درجات الحرارة في شكل ملحوظ وهبوب رياح جنوبية معتدلة إلى قوية على السهول الأطلسية.

وأوضحت المديرية في بيان أن زيادة درجات الحرارة غير اعتيادية خلال هذه الفترة من السنة التي تتميز عادة بأجواء أكثر اعتدالاً أو حتى باردة وممطرة في مناطق عدة. وكان المغرب عاش على وقع صيف ساخن جراء موجة حر غير مسبوقة سبّبت وفاة 21 شخصاً بمدينة بني ملال (وسط) في 25 يوليو/ تموز الماضي، كما وصلت الحرارة مستويات قياسية راوحت بين 42 و47 درجة مئوية، وتخطت 47 درجة مئوية في 23 يوليو/ تموز الماضي.

وبرر وضع الخبير البيئي ورئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" مصطفى بنرامل الارتفاع الكبير المسجل في درجات الحرارة في عدد من مناطق المغرب بأنها سيناريوهات متوقعة للتغيّر المناخي. أوضح أن ضغط الكتل الهوائية المرتفعة والجافة أدى إلى تسجيل درجات حرارة مرتفعة في عدد من مناطق المغرب.

وقال لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين: "لن يستمر ارتفاع درجات الحرارة طويلاً، إذ ينتظر أن تنخفض في النصف الأول من ديسمبر/ كانون الأول الحالي أو خلال نهاية الشهر، وتعود الأمطار إلى الهطل. وأتوقع أن تكون هذه الأمطار طوفانية في شمال وغرب ووسط البلاد وبعض مناطق الجنوب، ما يحتم اتخاذ مجموعة إجراءات وتدابير احتياطية لتجنب الخسائر البشرية والمادية".

وعن مخاطر ارتفاع درجات الحرارة المسجلة وتأثيراته، يشرح بنرامل أن "تبخّر كميات كبيرة من المياه السطحية واستنزاف كبير للفرشة المائية جراء ارتفاع درجات الحرارة ينعكس سلباً على النشاط الزراعي وعلى تزويد السكان بماء الشرب، ويدفع السلطات إلى تخفيض كميات المياه الصالحة للشرب أو قطعها عن بعض المناطق.

ويعد المغرب من بين البلدان التي تواجه شحاً كبيراً في كميات مياه الشرب. ويقترب، بحسب البنك الدولي، بسرعة من الحدّ المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنوياً. ووفق البنك الأفريقي للتنمية يعاني المغرب جفافاً للعام السادس على التوالي، و"هذه حقيقة يجب أن يتكيّف معها البلد في ظل تأثيراتها الكبيرة على كل نواحي النشاط الاقتصادي المتعلّق بالفلاحة أو الصناعة أو الخدمات أو السياحة".

ولفت البنك الأفريقي للتنمية، في مقال نشره في مارس/ آذار الماضي، بعنوان "الضغط المائي مصدر قلق كبير في المغرب"، إلى أن "الموارد المائية في المغرب تعاني وضعاً صعباً بسبب انخفاض مستويات المياه الجوفية، وضعف امتلاء السدود. وبات المواطن يستهلك أكثر بقليل من 600 متر مكعب من المياه سنوياً، أي ربع ما كان يستهلكه قبل أقل من 60 سنة".

المساهمون