كشفت دراسة أميركية جديدة صدرت، أمس الإثنين، عن "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" أنّ لقاحي "فايزر" و"موديرنا" هما الأقوى لمحاربة انتقال عدوى فيروس كورونا، وتقليل العدوى في ظروف الحياة اليومية وحماية عمال الصف الأول.
كذلك أظهرت الدراسة التي استعرضتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير، أنّ نتائج اللقاح جاءت مبشّرة، وستظهر نتائج أوسع من ناحية تصدي اللقاحات للسلالات المتحورة من الفيروس، والمدة التي يحمي اللقاح بها الأشخاص.
شملت الدراسة حوالي أربعة آلاف شخص من موظفي الصف الأول من عمال الرعاية الصحية، والشرطة، والدفاع المدني وغيرها من الوظائف الأساسية.
وأثبتت الدراسة التي أجرتها "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" الأميركية CDC، أنّ اللقاحات تقلل خطر العدوى بنسبة 80% بعد الجرعة الأولى، لترتفع الوقاية إلى 90% بعد الجرعة الثانية.
وسمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA باستخدام اللقاحين في ديسمبر/ كانون الأول 2020. ولكن لقاح "فايزر/ بيونتيك" يتطلب معالجة خاصة واحتفاظًا به في درجات حرارة منخفضة بشكل خاص.
ووفق الصحيفة، كانت وتيرة نتائج الدراسة ثابتة بالمقارنة بين نتائج التجارب على المرضى، والدراسات التي أثبتت الأثر الأعلى للقاح في المملكة المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة لتطابق النتائج مع الدراسات الأولية التي أجريت على عمال الرعاية الصحية في مركز الطب الجنوبي-الغربي لجامعة تكساس، وفي جنوب كاليفورنيا.
تعد الدراسة مهمة، بحسب "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" لأنها تحلل كيفية عمل اللقاحات ضمن مجموعة متنوعة من عاملي الصف الأول والمعرضين أكثر للفيروس.
وشملت الدراسة أشخاصاً من 8 مناطق في 6 ولايات؛ وهي أريزونا، وفلوريدا، ومنيسوتا، وأوريغون، وتكساس، ويوتا، وقد تلقوا اللقاحات بين منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى منتصف مارس/ آذار الحالي، أي لمدة 13 أسبوعاً.
كذلك كانت هذه واحدة من أولى الدراسات التي قاست فعالية اللقاح بين المشاركين ضد العدوى، بدلاً من مجرد مراقبة الحالات التي تظهر عليها الأعراض، بما في ذلك حالات العدوى التي لم تنتج عنها أعراض.
اللقاحات تقلل خطر العدوى بنسبة 80% بعد الجرعة الأولى، لترتفع الوقاية إلى 90% بعد الجرعة الثانية
ووفق الدراسة، تلقى 2479 شخصاً جرعتي اللقاح، بينما انتقلت العدوى لثلاثة أشخاص منهم فقط. وضمن 447 شخصاً تلقوا الجرعة الأولى، فقد انتقلت العدوى لثمانية أشخاص فقط. أما بالمقارنة مع 994 شخصاً لم يتلقوا اللقاح، فقد انتقلت العدوى إلى 161 شخصاً منهم دون تسجيل أي وفيات.
وتؤكد مديرة "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، روشيل والينسكي، لـ"واشنطن بوست"، أنّ "الدراسة أثبتت فاعلية جهود التلقيح"، وأن اللقاحات المعتمدة لفيروس كورونا "أثبتت فعلاً أنها تؤمّن حماية كبيرة في الواقع لحماية عمال وطننا من عمال الرعاية الصحية وعمال الصف الأول".
وترى والينسكي أنّ "هذه النتائج ستعطي الأمل لملايين الأميركيين الذين يتلقون لقاح الحماية من فيروس كورونا كل يوم، ويشجع البقية على أخذ اللقاحات المعتمدة مما سيقرب انتهاء الجائحة عالمياً".
هذه الدراسة ستكون مستمرة لتتبع الملاحظات المختلفة على عدوى الأشخاص الذين تلقوا اللقاح جزئياً أو كلياً والتي توصف بأنّها "العدوى المخترقة"، وفق ما تورد "واشنطن بوست". كذلك يدرس الباحثون ما إذا كان الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى على الرغم من تلقيهم اللقاح، قد يعانون من أمراض أقل حدة أو لوقت أقصر، وما إذا كانوا يتخلصون من كمية أقل من الفيروس ولفترة أقل.
وأشار خبير اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، بول أوفيت، إلى أنّ "النتائج ليست مفاجئة، ولكنها مطمئنة بشكل كبير". وقال أوفيت وهو مسؤول عن التأكد من صحة اللقاحات كخبير خارجي لإدارة الغذاء والدواء، وغير منخرط في الدراسة السابقة، لـ"واشنطن بوست"، إنّ "هذه النتائج سبب إضافي لأخذ اللقاح".
من جهته، قال عالم الأوبئة في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والباحث الرئيسي في الدراسة، مارك جي تومبسون، للصحيفة إنه "لم يكن هناك ما يضمن أداء اللقاحات في العالم الحقيقي، خاصة مع وجود مخاوف حول درجات الحرارة التي يجب أن تخزن فيها. ولكن الدراسة التي أجريناها ركزت على قدرة اللقاحات على الحماية من العدوى، بغض النظر عن ظهور أعراض أم لا".
وأضاف تومبسون أنّ "تقليل خطر العدوى، والذي عادة ما يكون قبل ظهور الأعراض بعدة أيام، هو الأهم بالنسبة لعاملي الرعاية الصحية لحمايتهم في حال عدم معرفتهم بالعدوى".
ومع أنّ الدراسة لم توفر تقديرات بشأن فوائد اللقاح تجاه السلالات الجديدة من الفيروس في الولايات المتحدة، إلا أنّ تومبسون يشير إلى فعالية اللقاح على السلالات المتحورة، قائلًا "إنّ مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها سيكون لديها المزيد من النتائج خلال شهر عندما يكمل العلماء التوصيف الجيني لعينات الفيروس التي تم جمعها". وأضاف أنّ العلماء سيتمكنون من تحليل فعالية اللقاحات المختلفة ومدى فعاليتها في الوقاية من العدوى أو النتائج الحادة للمرض أو الاستشفاء في المستشفيات.
وتشير "واشنطن بوست" إلى أنه على الرغم من الحماية القوية التي توفرها اللقاحات بعد أسبوعين من الجرعة الأولى، إلا أنّ العلماء يحاولون معرفة مدة حماية الأشخاص من المرض بعد التطعيم الكامل، وإن كانت الجرعتان توفران حماية أطول من الجرعة الواحدة.
وتأتي نتائج الدراسة بعد أن حدد الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، هدف إعطاء 200 مليون جرعة في أول مائة يوم له في منصبه، والتي تنتهي في 30 إبريل/ نيسان المقبل. ومن المتوقع تحقيق الهدف، بحيث يتجاوز متوسط التطعيمات اليومية لمدة سبعة أيام 2.5 مليون تطعيم. وللوصول إلى الحد المطلوب من الحماية، يجب تطعيم حوالي 80% من الشعب الأميركي؛ أي حوالي 260 مليون شخص، مما يتطلب 3-3.5 ملايين حقنة يومياً حتى الموعد المحدد.