خمسة عوامل تتحكم في تدمير الفيضانات مناطق أكثر من غيرها

21 سبتمبر 2023
صور جوية لمسار الفيضان الذي ضرب مدينة درنة (ماكسار/Getty)
+ الخط -

خلفت الفيضانات والسيول التي اجتاحت ليبيا بعد أن ضربتها العاصفة "دانيال" دماراً هائلاً، وتسببت في وفاة وفقدان الآلاف، ويتحدث الصليب الأحمر الدولي عن حصيلة قتلى "ضخمة"، ما يجعل من الضروري السؤال عن الأسباب التي تؤدي إلى جعل بعض الفيضانات تنتج كوارث إنسانية كبيرة، في حين لا تخلف فيضانات أخرى تأثيرات تذكر.
تعرف منظمة الصحة العالمية الفيضان على أنه النوع الأكثر شيوعاً من الكوارث الطبيعية، والذي يحدث عندما يؤدي ارتفاع المياه إلى غمر الأراضي، والتي عادة ما تكون جافة، وغالباً ما تحدث الفيضانات بسبب هطول الأمطار الغزيرة، أو ذوبان الثلوج السريع، أو بسبب عواصف ناجمة عن الأعاصير الاستوائية، أو موجات مد عاتية "تسونامي" تضرب المناطق الساحلية.
وهناك أيضاً ظاهرة الفيضان المفاجئ، والتي تحدث من دون سابق إنذار، وهي عادة فيضانات سريعة تظهر خلال فترة قصيرة، ربما خلال ساعات، وتنتج عندما تهطل أمطار أكبر مما تستطيع الأرض امتصاصه، فتتدفق المياه بسرعة إلى الأنهار والجداول، مما يؤدي إلى جريانها بسرعة، ثم فيضانها. وغالبا ما تتسبب الفيضانات الكبيرة في حصول دمار واسع النطاق، وتؤدي إلى خسائر في الأرواح، وأضرار متباينة في الممتلكات، وفي البنية التحتية.
وبين عامي 1998 و2017، أثرت الفيضانات على أكثر من ملياري شخص في جميع أنحاء العالم، ويعد  الأشخاص الذين يعيشون في السهول الفيضية، أو الذين يفتقرون إلى أنظمة الإنذار المبكر، ومن يفتقرون إلى الوعي بمخاطر الفيضانات من بين الأكثر تأثراً.
ولوحظ أن بعض المناطق التي تتعرض لفيضانات عارمة لا تشهد أضراراً كبيرة، مقارنة مع مناطق أخرى، وبحسب مجلة "ناشيونال جيوغرافيك"، فإن الجغرافيا تلعب دوراً أساسياً في التحكم بتلك التأثيرات، فالثابت أن الفيضانات تحدث بسبب ارتفاع منسوب المياه بسرعة، سواء الناتجة عن الأمطار أو ذوبان الثلوج أو غيرها من الأسباب، لكن جغرافية الأراضي تلعب دوراً مهماً في التحكم في مسار الماء عند حصول الفيضان.

الصورة
دمر الفيضان وسط مدينة درنة بالكامل (محمد العلواني/الأناضول)
دمر الفيضان وسط مدينة درنة بالكامل (محمد العلواني/الأناضول)

وترصد المجلة المتخصصة مجموعة من العوامل التي قد تؤدي إلى جعل تأثيرات الفيضان مدمرة، أولها أن تكون المناطق التي يضربها الفيضان ترابية، ولا تضم أحراجاً أو غابات، فالأحراج والغابات يكون لها تأثير على بنية التربة، وتمنع من اندفاع الماء بقوة أو بسرعة، كما أن المناطق الجرداء عادة ما تكون قدرتها على امتصاص المياه أقل، وبالتالي تصبح أكثر عرضة للتداعيات.
وفي العامل الثاني، تلعب بنية الأنهار دوراً في الحد من تأثيرات الفيضان، ففي حال كانت الأنهار مستقيمة تتأثر المناطق المحيطة بها بشكل أكبر من محيط الأنهار المتعرجة. والعامل الثالث هو نوعية صخور المنطقة المتضررة، ويشير خبراء من موقع Coolgeographic البريطاني المتخصص بالشؤون الطبيعية والجغرافيا، إلى الدور البارز الذي يمكن أن تلعبه صخور التربة في التأثير على قوة الفيضانات، إذ لا تسمح الصخور للمياه بالتسلل إلى داخل الأرض، كما تعوق الجريان، مما يقلل أو يؤخر فيضان الأنهار، ويقلص بالتالي من مخاطر الفيضانات. وعلى العكس من ذلك، فإن الصخور النفاذة، أو ما يطلق عليها النافذة التكتونية، وهي بنية جيولوجية تتكون من التآكل أو التصدع الطبيعي، تسمح للماء بالتسلل إليها، وتتيح بالتبعية تكون فيضانات أقوى.
العامل الرابع هو طبيعة المناطق المنكوبة، فالمناطق القريبة من الأنهار تعد الأكثر عرضة للفيضانات، كما تكون عرضة لمخاطر أكبر بسبب موقعها الجغرافي، كما أن تأثر المناطق الحضرية بالفيضانات والسيول يكون في العادة أكبر، فالمنازل تمنع امتصاص التربة لكميات كبيرة من مياه الأمطار، كما أن البنى التحتية للمدن الحضرية، والتي يتم تشييدها عادة من الأسمنت، تمنع أيضاً دخول الماء إلى باطن الأرض.

والعامل الخامس الذي رصدته المجلة هو الجبال أو التلال شديدة الانحدار، والتي تزيد من مخاطر الفيضانات، إذ يمكن أن يتسبب هطول الأمطار أو ذوبان الثلوج في ارتفاع منسوب مجاري المياه أو الأنهار الواقعة في أسفل الجبل بسرعة، وعلى سبيل المثال، إن استمرت عاصفة رعدية فوق جبل، فإن جدولاً صغيراً يمكن أن يتضخم ليصبح نهراً بعمق 10 أقدام في أقل من ساعة.

وتؤثر الفيضانات على حياة الملايين حول العالم، وتحديداً في المناطق أو البلدان التي لا تتمتع ببنية تحتية متينة، وتقدر دراسات أن ما بين 80 و90 في المائة من الكوارث الناجمة عن الأخطار الطبيعية خلال السنوات العشر الماضية كانت ناجمة عن الفيضانات، والجفاف، وموجات الحرارة والعواصف الشديدة.

المساهمون