خلّف الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية حصيلة كبيرة من المنكوبين الذين عانوا من تضرر عدد كبير من المباني السكنية بسبب الانهيارات والتصدعات، ما دفع الحكومة التركية إلى وضع عدد من الخطط لإيواء المنكوبين، فأنشأت إدارة الكوارث والطوارئ "آفاد" والهلال الأحمر التركي، مخيمات عديدة في المدن المنكوبة، واستعانت بالمساكن الجامعية ومنشآت حكومية أخرى، إضافة إلى فنادق فارغة خلال موسم الشتاء.
تسعى الحكومة أيضاً إلى تقديم مساعدات مالية للانتقال إلى ولايات أخرى، بعدما أثرّ الزلازل على 10 ولايات، فيما تقدر عدد المنكوبين بأكثر من 13 مليوناً يشكلون نسبة 15 في المائة من عدد سكان تركيا البالغ 85 مليوناً.
وتضرر في ولايات كهرمان مرعش وأدي يامان وغازي عنتاب وشانلي أورفة وديار بكر ومالاطية وعثمانية وأضنة وهاتاي وكيليس، أكثر من مليوني تركي، ونحو 700 ألف سوري، بحسب أرقام وفرتها رئاسة إدارة الهجرة التركية.
وتضم الخطة الحكومية التي أعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان، تطبيق خطط لتقليل أزمة المنكوبين، تشمل منح خيارات لمن بقي من دون منزل بالبقاء في ولايته، أو الانتقال إلى ولاية أخرى، علماً أنه جرى تحديد مراكز إيواء في مخيمات أنشئت في الساحات وقرب المدن ضمن ملاعب وصالات رياضية، وتستضيف هذه المراكز المؤقتة أكثر من مليون ومائة ألف منكوب، وهي منتشرة في كل الولايات المنكوبة التي تضم بعضها أكثر من مركز.
وتشمل الخطة الثانية إيواء منكوبين في دور سكن تابعة للحكومة، مثل المساكن الجامعية وتلك المخصصة للمدرسين ومدارس، وفنادق جرى الاتفاق مع إداراتها. ونفذت إجراءات إسكان نحو 500 ألف منكوب بحسب هذه الخطة، علماً أن الفنادق تقع في المناطق السياحية البحرية التي لا تستقبل سياحاً خلال فصل الشتاء.
أما الخطة الثالثة فتستهدف تشجيع منكوبين على الانتقال إلى ولايات أخرى لمدة عام واحد، وهي المدة التي تعهد بها الرئيس أردوغان لإعادة بناء المنازل المدمرة. وحسب هذه الخطة، تدفع الحكومة أجرة المنزل الذي تستأجره كل عائلة لمدة عام بمبلغ يتراوح بين 2000 إلى 5000 ليرة (106 إلى 265 دولاراً) شهرياً، علماً أن العائلات ستحصل أيضاً على 15 ألف ليرة (796 دولاراً) مع المنزل المستأجر.
وأخبر مصدر في "آفاد" "العربي الجديد"، أن "الحكومة تعمل عبر مراكز تنسيق لتنظيم أمور الراغبين في الخروج والانتقال إلى مدن أخرى، وتطلب منهم تسجيل بياناتهم خلال عمليات الانتقال من أجل استكمال عمليات التنظيم تمهيداً لتقديم الدعم في شكل أفضل". يضيف أن "مراكز الإيواء المؤقتة مناسبة لكن الحكومة تفضل اختيار المنكوبين الانتقال إلى ولايات أخرى، لأن هذا الأمر سيساهم في عودة الطلاب إلى المدارس، وتقديم الخدمات في شكل أفضل بينها الدعم المادي". ويكشف أن مراكز التنسيق تتلقى الطلبات تمهيداً للتعامل معها وفق الخطط التي أعلنتها الحكومة لإيوائهم مؤقتاً في مخيمات او مساكن جماعية مثل الجامعات والفنادق أو لنقلهم إلى مناطق أخرى.
يقول أحمد دمير الذي استقر مع عائلته في مراكز إيواء مؤقت بولاية هاتاي لـ"العربي الجديد": "تضم عائلتي خمسة أفراد يمكثون حالياً داخل خيمة. وكان المركز غير مهيأ بالكامل لاستضافة منكوبين في البداية، لكن جرى تزويده بتجهيزات إضافية حالياً بينها للتدفئة الضرورية لمواجهة الشتاء البارد".
ويقول سعيد باغري يانيق الذي يقيم أيضاً مع عائلته في مركز إيواء بولاية هاتاي لـ"العربي الجديد": "تحاول الحكومة تنظيم أمور المنكوبين، وقد اخترت المكوث في مركز إيواء لأن عائلتي كانت مرهقة جداً من التواجد في سيارة في اليومين الأولين للزلزال، واحتجنا جميعاً إلى مكان للبقاء فيه واستيعاب ما يجري". يضيف: "نفكر في تسجيل أسمائنا للانتقال إلى ولاية أخرى، لكننا لا نعرف حتى الآن آليات وتفاصيل عملية الدعم سواء على صعيد أجرة المنزل لمدة عام أو الدعم الذي ستوفر لتنفيذ عملية الانتقال. وعندما تتوضح هذه الأمور سنفكر بالانتقال إلى ولاية أخرى كي يكمل الأطفال دراستهم، وانتظار بناء الحكومة منازل جديدة". وخلال السنوات السابقة التي شهدت فيها تركيا زلازل مختلفة ضربت ولاية إيليزاغ (العزيز) وإزمير عام 2020، أو حرائق اندلعت في ولاية أنطاليا عام 2021، أو فيضانات في مناطق بالبحر الأسود عام 2021، عملت الحكومة على بناء منازل للمتضررين. وهي تسعى خلال الأزمة الحالية إلى تكرار الأمر ذاته، لكن الفارق هذه المرة أن حجم الكارثة أكبر بأضعاف ما حصل سابقاً، إذ تشمل 10 ولايات.