قدمت حكومة يمين الوسط السويدية، برئاسة أولف كريسترسون، أول من أمس، خطتها لمحاربة الجريمة المنظمة، بالاتفاق مع الحزب اليميني المتشدد "ديمقراطيو السويد"، والتي تضم حزمة أمنية جديدة تهدف إلى إخراج البلاد من قائمة الدولة الأوروبية الأكثر عنفاً.
استعرضت الحكومة في مؤتمر صحافي الخطة التي تحمل اسم "تيدو"، وبموجبها سيتاح للمرة الأولى للشرطة استخدام "شهادات سرية" أو من قبل مجهولين، للوصول إلى أفراد العصابات الذين يعتبر الساسة أنهم "يروعون السكان"، مؤكدين أنه يجب القضاء على "انتشار ثقافة الصمت، ومواجهة الخوف حتى يصبح المواطن جزءاً من العملية القانونية".
وعانت الشرطة لسنوات من رفض شهود العيان الإدلاء بمعلومات حول عمليات العنف المتكررة بين عصابات المخدرات والممنوعات، بما في ذلك عصابات البغاء.
وخاض زعيم حزب اليمين المتشدد "ديمقراطيو السويد"، جيمي أوكيسون، انتخابات سبتمبر/ أيلول الماضي، بوعود وضعت محاربة العصابات على رأس جدول أعمال الحكومة، وتتهم أحزاب يمين الوسط الحكومات السابقة بـ"التراخي" في مواجهة العصابات المنتشرة في أغلب ضواحي المدن.
ومنذ عام 2014، يسقط ما لا يقل عن 40 قتيلاً سنوياً برصاص العصابات، ومنذ بداية السنة الحالية، سجلت السويد حصيلة هي الأثقل في عدد الضحايا، بلغت نحو 60 قتيلاً، فضلاً عن عشرات المصابين في "حرب العصابات" المستعرة، وبعض الضحايا كانوا مجرد عابري سبيل، ومن بينهم أطفال من قاطني الضواحي.
وفي المؤتمر الصحافي رفقة رئيس الحكومة، أكد أوكيسون، أن استوكهولم ماضية في "تبني سياسات كوبنهاغن التي حاربت انتشار العصابات على مدار العقدين الماضيين"، وقال إنه "يجب على الأشخاص الخطرين، ومرتكبي أعمال العنف أن يدركوا أنه سيكون من الصعب أن تكون مجرماً في السويد"، ويبدو هذا الكلام موجه بالخصوص إلى أفراد العصابات الذين ينحدرون من أصول مهاجرة، والذين يقيم غالبيتهم في الضواحي.
ومن بين أشياء أخرى، اتفقت الأحزاب على إمكانية حل "الجمعيات" التي تتخفى خلفها العصابات، وتشديد العقوبات بشكل غير مسبوق، وتفرض الإجراءات الجديدة مناطق تسمى "بؤر التفتيش"، حيث تتمكن الشرطة من توقيف أي شخص لتفتيشه من دون اتهام، أو تصريح قضائي، ومن بينها مناطق ضواحي مالمو، وغوتيبروغ، والعاصمة استوكهولم.
ويمنح الساسة والمشرعون الادعاء العام السويدي صلاحيات لفرض مناطق تفتيش من دون سابق إنذار، على أن تحددها رئيسة المحكمة العليا كرين إيرلنغسون، بالتعاون مع المؤسسات الأمنية التي تعمل على زيادة أعداد أفرادها، وتوسيع نطاق انتشارها بشكل ظاهر.
وتكرر التقارير الإعلامية أن جرائم تهريب المخدرات والأسلحة نشطت بشكل غير مسبوق على مستوى أوروبا، وإن التعاون بين العصابات المحلية والأوروبية تكرر رصده واعتراضه خلال الأشهر الأخيرة، وتقول التقارير السويدية إنه منذ 2018 أصبح طريق البلقان لتهريب الأسلحة، بما فيها الكلاشنكوف، يغرق البلاد بآلاف من قطع السلاح التي باتت تملكها العصابات المتناحرة، كما أن إسبانيا وهولندا تعتبران مصدراً رئيساً للمخدرات التي يجري إغراق الضواحي بها، إلى جانب تعاون مع عصابات الدنمارك في التهريب، وفي التصفية الجسدية للخصوم أو الوشاة.
وتشمل الخطة الجديدة تعاوناً وثيقاً بين السلطات الاجتماعية والشرطة المحلية، وستمنح البلديات المزيد من صلاحيات منع الجريمة. وشدد السياسي المخضرم، يوهان بيرسون، على أهمية ذلك التعاون باعتباره مدخلاً "لمنع الجريمة في سن مبكرة" في المناطق الأكثر هشاشة اجتماعية.
وستجرى تعديلات تشريعية تسمح للمجالس الاجتماعية بالتدخل لاتخاذ قرارات بحق الفتيان في الأعمار بين 15 إلى 12 سنة، وعمل اللازم بحق المراهقين واليافعين الذين يطلقون النار ويهربون.
وكثيراً ما تستخدم العصابات الأوروبية المتحاربة فتياناً دون سن الثامنة عشرة في ترويج الممنوعات، أو إطلاق الرصاص على العصابات المنافسة، وتبنت الدنمارك قوانين صارمة لا تستثني القصر من الملاحقة القانونية، ومضاعفة الأحكام بحق أعضاء العصابات الذين يحملون سلاحاً، حتى لو لم يجر استخدامه، ويبدو أن الجارة السويد ذاهبة باتجاه تقليدها.
ورغم أن الخطة تلقى تأييداً تشريعياً، بحسب الأحزاب التي أعدتها، وتأمل في تمريرها برلمانياً، فإن "بؤر التفتيش الجسدي" في الضواحي تلقى اعتراضات قانونية، ورفضاً من قبل جمعيات سكانية، وبعضها من المواطنين ذوي الأصول المهاجرة، كما انتقدت بعض الجمعيات الحقوقية الخطة باعتبار أنها نوع من "التنميط" بحق القاطنين في الضواحي، وهؤلاء في أغلبيتهم الساحقة لا شأن لهم بانتشار العصابات، أو عنفها.
ويخشى كثيرون من أن تصبح الخطة مقدمة لسياسات سويدية مستقبلية متشددة بشأن المهاجرين، وتراجع عن "شمول" الجميع كمواطنين من دون اعتبار للأصل أو العرق أو اللون.