خطة تسهيلات ألمانية لليد العاملة الأجنبية

21 مارس 2023
ستكون الهجرة إلى ألمانيا أسهل لثلاث مجموعات من العمال (ألكسندر كويرنر/ Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن يصوّت البرلمان الألماني (بوندستاغ) بعد عيد الفصح على قانون لإصلاح الهجرة، في وقت تؤكد الإحصاءات صعوبة تعويض النقص الهائل في سوق العمل بألمانيا، من دون الاستعانة بمواطنين من دول ثالثة، أي من خارج الاتحاد الأوروبي الذي يعاني بدوره من شحّ في العمالة، وهو ما دفع -بحسب تقارير العديد من الشركات- إلى الحدّ من أعمالها التي تأثرت أيضاً بالتغيّر الديمغرافي، وتراجع نسبة الولادات، وتحوّل الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا إلى مجتمع هرم نسبياً.
ويتوقع أن يستفيد من القانون مهنيون يتمتعون بخبرة مهنية واسعة في المجالات التي تعاني من فجوات عمالة في قطاعاتها، بينهم أصحاب الحرف التقنيون، ومنفذو أشغال البناء والترميم وغيرها، في حال امتلاكهم التدريب الكافي للانخراط في سوق العمل بألمانيا، ما قد يسمح لكثيرين من جيل الشباب في العالم العربي الساعي إلى الهجرة إلى ألمانيا تحديداً بالوصول إلى ألمانيا بطرق شرعية.

ولتطبيق هذه الاستراتيجية التي أيدها مجلس الوزراء الفيدرالي أخيراً، ستُطالب الشركات والبلديات والولايات والشركاء الاجتماعيين ووكالة التوظيف الفيدرالية والمؤسسات التعليمية بالعمل معاً في شكل أوثق. وهي ستسهل الهجرة لثلاث مجموعات من العمّال المهرة، تشمل الأولى أولئك الذين يملكون عامين من الخبرة في مهنة معينة لممارستها في ألمانيا، أو إذا كانوا قد أكملوا شهادة مهنية في وطنهم، وليس من الضروري معادلتها في ألمانيا، كما كانت الحال سابقاً. وهنا يتحمل صاحب العمل مسؤولية فحص المهارات اللغوية، وفي حال إتقان تكنولوجيا المعلومات، ليس من الضروري أن يتوافر دليل على إتقان اللغة على الإطلاق.
أما الأشخاص ذوو الكفاءات الذين ليس لديهم عقد عمل في ألمانيا، فيجب أن يكونوا من ذوي الإمكانات الجيدة وقادرين على التقدم للحصول على "بطاقة الفرصة". لذا، ستعتمد ألمانيا نظام نقاط مثل النموذج المطبق في كندا، ومعايير اختيار تستند إلى المؤهلات والمهارات اللغوية والخبرة المهنية، وإمكان التواصل والعمر. ويجب أن يكون الأشخاص الحاصلون على شهادات معترف بها في ألمانيا قادرين على القيام بأي عمل يتوافق مع مؤهلات وظيفية أخرى في المستقبل، مثل إمكان تعيين ميكانيكي كموظف لوجستي.
إلى ذلك، سيُخفَّض حدّ الراتب المطلوب، ويُلغى اختبار الأولوية الذي كان يهدف في السابق إلى حماية الموظفين الألمان.
وفي السياق، بدأت ألمانيا خلال الفترة الأخيرة تنفيذ مشروع تجريبي ممول من الاتحاد الأوروبي ووزارة التنمية حول هجرة اليد العاملة والتنقل بين شمال أفريقيا وأوروبا، حيث أنشأت وكالات توظيف في تونس والمغرب ومصر وفرنسا وبلجيكا كي تستعين الشركات الألمانية بها لملء وظائف إذا كانت هذه الطاقات غير متوافرة في البلاد. 

الصورة
اهتمام بالغ للمستشارية الألمانية بتعزيز القدرات الصناعية (ماركوس براندت بول/ Getty)
اهتمام بالغ للمستشارية الألمانية بتعزيز القدرات الصناعية (ماركوس براندت بول/ Getty)

وذكرت محطة "دويتشلاند فونك" أن شركات ألمانية استفادت في الفترة الأخيرة من تعيين 234 متدرباً و44 متخصصاً من تونس والمغرب ومصر، علماً أن رابطة الشركات الصغيرة والمتوسطة طالبت أخيراً بالحد من العقبات البيروقراطية في منح الجنسية لأصحاب المهن في بعض القطاعات، مثل البرمجيات والتمريض، ورجحت أن يكون ميزة واقعية مهمة لألمانيا.
وفي مقابل مرونة الائتلاف الحاكم في ألمانيا الذي يضم أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبرالي الحر، في التعامل مع مسألة الهجرة للحدّ من النقص في اليد العاملة في البلاد ومواجهتها، ترفض أحزاب المعارضة هذه الإصلاحات باعتبارها "تسير في الاتجاه الخاطئ، وتتمسك بحاجة البلاد إلى متخصصين، ما يحتم التوظيف بطريقة هادفة". 
وفي السياق، نقلت "دويتشلاند فونك" عن المتحدث باسم السياسة الداخلية للمسيحي الديمقراطي في "البوندستاغ"، ألكسندر تروم، قوله إن "ما يريده ائتلاف اشارات المرور، هجرة شاملة للعمالة. والقانون الحالي ينص على أن يكون التدريب المهني كافياً، مع إمكان إكمال المؤهلات من خلال دورات تدريب إضافية متقدمة". 

الصورة
يجب أن تقدم ألمانيا مزيداً من الميزات لليد العاملة الأجنبية (غريغور فيشر/ فرانس برس)
يجب أن تقدم ألمانيا مزيداً من الميزات لليد العاملة الأجنبية (غريغور فيشر/ فرانس برس)

أما حزب اليسار، فحذر مما أسماه "الصيد الجائر لأشخاص من دول أخرى من دون تدريبهم في أماكن وجودهم"، داعياً إلى الاعتماد على اللاجئين الموجودين في البلاد، وزيادة دمج المرأة في سوق العمل.
وعرضت "دويتشلاند فونك" أيضاً المشاكل التي تواجهها شركات الاستشارات والتوظيف مع العملاء، وبينها صعوبة العثور على سكن للمتقدمين للحصول على فرص عمل في البلاد، ومواجهة الدمج عراقيل حاجز اللغة الألمانية بسبب صعوبة تواصل القادمين مع محيطهم الجديد، والخوف من شعورهم بالعزلة وغياب الود، وهذا ما يواجهه عادة طلاب الأبحاث. وبين المشاكل أيضاً البيروقراطية الموجودة التي تعرقل نجاح كثيرين في الولوج إلى سوق العمل، علماً أن دولاً أخرى مثل البرتغال والسويد تقدم ميزات أخرى لجذب الموظفين، بينها التحرر من شرط اللغة وخفض قيمة الضريبة على المعاشات.
وقد استعانت دول أوروبية أخرى، مثل بولندا، بعمّال من دول شرق آسيا، بينها بنغلادش والهند، وفرنسا التي تعتمد تسهيلات كبيرة في منح الإقامات لأصحاب الوظائف من الوافدين. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكانت ألمانيا قد اعتمدت عام 2020 قانوناً ألغت بموجبه إعطاء أفضلية للمواطنين الألمان والأوروبيين، لكنه لم يحقق الأهداف المنشودة مع دخول البلاد في إغلاق تام مع تفشي وباء كورونا.
وكانت وكالة التوظيف الفيدرالية قد قدرت عدد الوظائف الشاغرة في سبتمبر/ أيلول الماضي بحوالى 873 ألفاً، علماً أن 1.9 مليون شخص قدموا من الخارج العام الماضي بهدف العمل في ألمانيا، بينهم 1.6 مليون من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وحوالى 300 ألف من خارجه. وحلّت الهند في المرتبة الأولى على صعيد القادمين، وتلتها دول البلقان.

المساهمون