خبز ورصاص

10 مارس 2021
يوسف حاج علي
10 مارس 2021
+ الخط -

لم يكن مشهد الصراع على السلع الاستهلاكية المدعومة في لبنان، من زيت وحليب وغيرهما، مفاجئاً. هو ليس أول علامة من علامات الانهيار المستمرة ولن يكون الأخيرة. فمن المتوقع أن نرى المزيد من هذه المشاهد التي تتوالى يوماً بعد يوم وتؤشر إلى الأسود القادم من الأيام. وهذا ليس تشاؤماً، ولا رغبة بوقوع الأسوأ، بل هو "توقع" منطقي لمواطن عادي، بحسب المعطيات اليومية التي يشاهدها على الأرض. صار الخروج من المنزل والعودة إليه بسلام، لقضاء حاجة، بمثابة ورقة حظ. فالبلد الصغير بمساحته والكبير بمشاكله التي لا تحصى بات ساحة خطر على أهله وعلى المقيمين فيه. في لبنان حكومة مستقيلة ولا مؤشرات على تشكيل حكومة جديدة قريباً. واللبنانيون، كما يعرف الجميع، لا يشكّلون حكوماتهم. ينتظرون القريب والصديق والشقيق والبعيد والظروف أن تقوم بهذه المهمة عنهم. وفي حمأة الجائحة العالمية وصراعات المنطقة على الخريطة يمكن للبلد الصغير أن ينتظر. فهو ليس همّ أحد في هذه الأيام. 
طرقات البلد مقطوعة يومياً. الجرائم ضد الآمنين والاعتداءات في ارتفاع متواصل، وقد تكون لأسباب بسيطة، مثل خلاف عائلي أو على أفضلية مرور سيارة أو ركنها، أو على مكان رمي النفايات، أو غير ذلك من الأسباب العادية التي تنظم علاقة المواطنين ببعضهم. إشكالات يومية تودي إلى قتلى وجرحى في غياب شبه تام للأجهزة الأمنية. وهذا يحدث كل يوم. 
أما الخدمات فحدّث بلا حرج. الكهرباء ننالها تقسيطاً ومناوبة بين تيار شركة الكهرباء وتيار المولدات الخاصة. وكلاهما سيّدان. يأمران ويشترطان ويتحكمان، ويتصرفان كما يبدو لهما. والوعد بحلم "24 ساعة كهرباء متواصلة" لا يتحقق. وعد الطفولة، ووعد المراهقة، ووعد الشباب، ووعد التقدم في السن. ونموت ولا يتحقق الوعد. 

موقف
التحديثات الحية

يعيدنا الفساد الذي فتّت منظومة الدولة عشرات السنوات في كل مرّة. ماذا يعني أن نرجع اليوم إلى زمن الشمعة؟ ماذا يعني أن نتحايل على صاحب الدكان كي يبيعنا من شمعاته القليلة التي كانت منسية فوق الرفوف، ثم انتبه فجأة أنها كنز ثمين، فقرر أن يمارس احتكاراً غريباً، ويكاد يكون مضحكاً، مستفيداً من فرصة ظن أنها قد تضيف إلى جيبه بضع ليرات.

يهدّدوننا طوال الوقت بانفجارٍ آتٍ لا محالة. الانفجار الذي لا بد أن يلي الانهيارات المتتالية. يقولها السياسيون بوضوح على شاشات التلفزيون: فوضى أهلية، صراعات أمنية، خطوط تماس جديدة، مناطق مقفلة..
يهدّدوننا بالحرب وبلقمة العيش. ربما لم ينتبهوا أننا ما زلنا عالقين في الأولى ولم نخرج منها بعد، وأننا فقدنا الثانية.

المساهمون