يواجه الاتفاق الخاص بالحدّ من تدفق الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي الذي أبرمته المفوضية الأوروبية مع تونس انتقادات سياسية وحقوقية عديدة. ويشكك الخبير في شؤون الهجرة الدنماركي جون فيسترغورد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، في قدرة الاتفاق على وقف الظاهرة "لأن طرق الهجرة تتغيّر بسرعة بحسب الظروف الميدانية".
وكانت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين توصلت، أول أمس الأحد، في حضور رئيس الحكومة الهولندية المستقيل مارك روته، ورئيسة حكومة اليمين المتشدد في إيطاليا جيورجيا ميلوني، إلى اتفاق مع الرئيس التونسي قيس سعيّد للحدّ من الهجرة السرّية يلحظ توفير دعم مالي أوروبي لتونس.
ويعلّق فيسترغورد قائلاً: "لا شيء أكيد، إذ أبرمت المفوضية الأوروبية اتفاقاً سابقاً مع تركيا لم يمنع استمرار التدفق وحصول مآسي غرق جديدة في البحار".
بدوره يلفت أستاذ قوانين الهجرة في جامعة كوبنهاغن، توماس غاميلتوفت هانسن، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "جرى إبرام اتفاق مشابه مع السلطات الليبية، لكن تأثيره ظل نادراً".
وترى الناشطة في منظمة "مرحباً باللاجئين"، آنا صوفيا أبيلغورد، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنه "من المخجل أن تتفق أوروبا مع دول لزيادة معاناة المهاجرين واللاجئين. ونحن نعتقد أنه ما دامت الأسباب موجودة سيستمر تدفق اللاجئين عبر البحر الأبيض المتوسط، وربما عبر مسارات أخرى".
ويعتبر غاميلتوفت هانسن أن الاتفاق الأوروبي – التونسي "نتاج رغبة إيطاليا تحديداً التي تنتهج سياسة متشددة مع الهجرة واللجوء في ظل ميلوني التي تبرر حكومتها تعاونها مع دول جنوب المتوسط بمعاناة هذه الدول من ضغوط الهجرة"، علماً أن وزارة الداخلية الإيطالية أعلنت، يوم الجمعة الماضي، أن أكثر من 75 ألف مهاجر وصلوا عبر قوارب إلى شواطئ البلاد هذا العام.
ويتوقع فيسترغورد أن "تحاول السلطات التونسية تقليص عدد مواطنيها الذين زادت محاولاتهم للوصول عبر البحر إلى أوروبا، لكن أي إجراء لن يوقف عدد الأشخاص القادمين بحراً، وعلى المدى البعيد سيتكيف الناس مع الاتفاق، ويجدون سبلاً أخرى".
ويشدد على أن "حل مشاكل التدفق يتطلب مساهمة أوروبا في إيجاد حلول لأسباب الظاهرة في دول المنشأ، وليس التركيز على الأعراض، ومنها الهجرة".
إلى ذلك، يؤكد غاميلتوفت هانسن أن "الاتفاق يبقى هشاً، وحصول تونس على وعود بقروض وأموال لا يعني أن الأمور انتهت، وأظهرت التجارب أن مهربي البشر يستطيعون التكيّف مع المتغيّرات".
وتأمل المفوضية الأوروبية في أن يؤدي الاتفاق مع تونس إلى القضاء على عمليات المهربين، ويعزز الرقابة على الحدود ويحسّن التسجيل والترحيل. وقد حصلت تونس على وعود بالتدريب وبناء رقابة قوية على الحدود، والمساعدة في التحوّل إلى الطاقة الخضراء والتعليم.
وفيما تشير فون ديرلاين إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد لمنح تونس 100 مليون يورو (112 مليون دولار) لتعزيز مراقبة الحدود، وتحسين الاستعدادات لتنفيذ عمليات إنقاذ وإجراءات مكافحة التهريب، يرى غاميلتوفت هانسن، أن "هذه الوعود تشكل في حد ذاتها عاملاً إضافياً لتعثر الاتفاق، لأن الأموال مشروطة بتلبية تونس متطلبات بينها استيفاء شروط قرض صندوق النقد الدولي التي رفضها سعيّد حتى الآن".