- شبانه تلاحظ تحسناً نسبياً في رعاية النساء الحوامل مقارنة بالماضي في ننغرهار، لكنها تشدد على استمرار التحديات الصحية بسبب نمط الحياة الحالي.
- الناشطة صفية وزيري تؤكد على التحسن في أوضاع النساء الحوامل لكن تنبه إلى استمرار المعاناة في المناطق الريفية، داعية إلى تغيير الأعراف وتحسين التعليم والوعي بحقوق المرأة.
تخرج كريمة في الصباح الباكر، مثل آلاف الأفغانيات، إلى حقول تبعد أكثر من ساعة عن منزلها لإطعام المواشي والحيوانات، ثم تعود بعد صلاة الظهر، وتجلب معها ما تحصده من خضار. وفي الذهاب والإياب تمشي مع أخت زوجها لبلوغ مواقع الحقول، وهي تفعل ذلك في فصلي الصيف والشتاء، وأثناء الحمل وقبله وبعده، وحتى بعد أيام قليلة من وضع طفلها.
وتؤكد السيدة، وهي أم لطفلين تعيش في مديرية صبري بولاية خوست جنوبي أفغانستان: "لم أعش فترة أصعب من تلك التي في الحمل، فبت لا أحب أن أنجب، لكن زوجي يجبرني على ذلك. أحب أن أكون أماً لأولاد، لكن فترة الحمل من أصعب فترات العيش بالنسبة إلى المرأة الأفغانية، لأنها تنفذ مهمات أكثر مما قبل الحمل، وأيضاً أكثر من الرجال".
تقول كريمة لـ"العربي الجديد": "يبدأ العذاب منذ بداية الحمل وحتى الوضع وصولاً إلى الرضاعة. وأتناول أثناء الحمل ما يأكله باقي أفراد الأسرة، إذ تقول أم زوجي لي لا تجعلي نفسك مميزة بين باقي النساء. أسرتنا كبيرة، ويعيش أعمام زوجي كلهم معنا، وكما أتناول ما يأكلونه أعمل كما باقي النساء في الطبخ والتنظيف وتربية الحيوانات وحصد الخضار وغيرها. وحين أضع مولودي تكون المعاناة أكبر، لأنه يحتاج إلى عناية ورعاية، لكن لا بدّ من العمل أيضاً".
من جهتها، تتحدّث شبانه التي تعيش في مديرية خوجياني بولاية ننغرهار (شرق) عن وجود فارق في أوضاع المرأة بين منطقة وأخرى، بحسب درجات التحسن التي طرأت على هذه الأوضاع في العقود الأخيرة. وتقول لـ"العربي الجديد": "كانت الأوضاع صعبة للغاية قبل 40 عاماً عندما كنت شابة وأنجبت أولادي. أذكر أنني في اليوم الثالث من ولادة ابني الثاني شريف الله أخذت طعام الغداء إلى زوجي الذي كان يشتغل في حقل يبعد ساعة مشياً على الأقدام من منزلنا. ذهبت حينها وجلست مع زوجي لدى تناوله الغداء فجاء شقيقه الأكبر وقال لي لا ترتاحي اذهبي واجمعي فواكه من الحديقة لأخذها إلى المنزل. نظرت إلى زوجي علّه يرحمني، فقال لي بنبرة حادة ألم تسمعي ما قاله أخي الكبير، امشي واعملي بسرعة، فذهبت وجمعت الفواكه فشعرت بآلام حادة في ظهري، وكنت قلقة في الوقت نفسه على ابني الذي تركته مع حماتي".
تتابع: "تختلف الأوضاع تماماً اليوم. لدي أربع كنائن عشن كلهن فترات راحة كبيرة خلال الحمل وبعده. وأنا لا أذكر أن إحدى كنائني عملت لمدة شهر واحد بعد الوضع. هذا شيء طبيعي وحق للمرأة، لكن ذلك لم يكن موجوداً سابقاً، وشخصياً لم أتناول طعاماً خاصاً أثناء الحمل، وبعد الوضع كانوا يطبخون لي البيض وشوربة الدجاج مع سمن بقري. كنا في فقر شديد، ولم يكن يستطيع الناس توفير أكثر من ذلك للنساء".
أما عن زيارة الطبيب والدواء فتقول شبانه: "كان ذلك أمراً غير مألوف، وفي العادة كانت امرأة تملك تجربة كافية تساعد في الولادة، أو غالباً عدد من النساء. وأحياناً كانت تتعرض امرأة لنزيف من دون أن يدفع ذلك أحداً إلى نقلها إلى طبيب، حتى في حال وجود خطر كبير بالوفاة. وعموماً لم يكن الأطباء موجودين إلا في المدن الرئيسية، أما الآن فتذهب كنائني شهرياً لإجراء فحص طبي ويحصلن على أدوية، لكن ذلك لا يمنع كونهن ضعيفات صحياً، ربما بسبب الدلال المفرط".
وتعلّق الناشطة الأفغانية صفية وزيري بالقول لـ"العربي الجديد": "لا شك في أن أوضاع النساء الحوامل تحسّنت، لكن فترات الحمل والولادات تشهد حوادث مأساوية جداً في بعض المناطق الريفية أحياناً. ففي ولاية نورستان (شرق) مثلاً لا تزال المرأة تعمل في الجبال والحقول، وتتولى مهمات رعي المواشي والحيوانات خلال الحمل وبعد الوضع مباشرة، والمؤسف أن الرجال في مناطق هذه الولاية لا يعملون، لكن الحال تختلف في مناطق أخرى مثل الجنوب والشمال حيث تعمل المرأة إلى جانب الرجل، وأيضاً في المدن حيث تحسّنت الأوضاع في شكل كبير خلال العقدين الماضيين". وتؤكد أن "الأعراف القبلية المتجذرة وتدني مستوى التعليم عند النساء والفقر من أهم أسباب الحالة المأساوية للمرأة لدى الحمل والوضع".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، قالت الناشطة صفية وزير: "لا بدّ من أن تلعب شرائح مهمة دورها في تحسين أوضاع النساء، وأن تغيّر حركة طالبان سياساتها على غرار علماء الدين وأئمة المساجد وزعماء القبائل. وإذا لعبت هذه الشريحة دورها فستتغيّر أمور كثيرة". وتشدد على أن كثيراً من الناس يرون أن تثقيف المرأة مهم جداً، لكني أعتقد شخصياً بأن تثقيف الرجل أهم من تثقيف المرأة التي لا يمكن أن تفعل شيئاً في كل حال حتى إذا كانت مثقفة، إذ لا بدّ أن يساندها الرجل".