حملات لمكافحة انتشار المخدرات في مدارس الجزائر

15 ديسمبر 2022
في إحدى حصص التوعية بمخاطر المخدّرات في المدارس (الشرطة الجزائرية)
+ الخط -

تكثّف مصالح الشرطة الجوارية (المجتمعية) في الجزائر، في الفترة الأخيرة، حملاتها في المدارس لتوعية التلاميذ بالآفات الاجتماعية، خصوصاً المخدّرات. كذلك تنشط جمعيات أهلية في السياق نفسه لمنع انتشار المخدّرات في الوسط المدرسي، لا سيّما بعد تسجيل السلطات نشاطات لشبكات ترويج مخدّرات تستهدف المدارس.

وقبل أيام، أعلنت الشرطة الجزائرية تفكيك شبكة تضمّ أربعة أشخاص في منطقة سيدي بلعباس (شمال غرب)، تعمل على ترويج المخدّرات، وقد مدّدت نشاطها إلى الوسط التربوي. وقد ضبطت لديها أكثر من 11 ألف قرص مهلوس، وذلك بعد تحريات قامت بها بشأن استفحال تعاطي المهلوسات بين التلاميذ وفي الأوساط التربوية في الولاية. إلى جانب ذلك، فُكّكت شبكة لترويج المخدّرات تستهدف التلاميذ في العاصمة الجزائرية.

وإزاء تزايد استهداف شبكات تنشط في ترويج المخدّرات في الوسط المدرسي، أطلقت مصالح الشرطة الجوارية منذ بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري حملات توعية على مستوى المدارس والمؤسسات التربوية عموماً، لتوعية التلاميذ بخطر المخدّرات كأكثر الآفات الاجتماعية التي تهدّدهم وتؤثّر سلباً على مستقبلهم التعليمي وتدفعهم إلى الانحراف والجريمة.

وقد توجّه رجال الشرطة بالزيّ الرسمي إلى المدارس والثانويات، اليوم الخميس، في ثلاث ولايات هي جيجل وقالمة، شرقي الجزائر، وأدرار، جنوبي البلاد، لتخصيص حصص توعية والحديث المباشر مع التلاميذ حول أخطار المخدّرات وطرق الوقاية منها.

ويُعَدّ مفهوم الشرطة الجوارية حديثاً نسبياً، بحسب ما تلفت مجلة "مقاربات" المتخصّصة في نشر الدراسات والبحوث، موضحة أنّه يهدف إلى شراكة مجتمعية ما بين جهاز الشرطة وأفراد المجتمع للعمل معاً من أجل منع الجريمة واكتشافها قبل استفحالها وحفظ الأمن والاستقرار والسكينة في المجتمع، تضيف أنّ هذا المفهوم يتّجه نحو تطوير العمل التقليدي للشرطة وتشجيع المجتمع المحلي على تحمل المسؤولية الأمنية.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

في سياق متصل، قال عضو المجلس الوطني لنقابة التعليم صادوق عبد القادر لـ"العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة المخدّرات والمهلوسات في الوسط التربوي مقلقة، إذ إنّها تشهد تمدّداً لافتاً في الفترة الأخيرة، وتنشط شبكات ترويج المخدّرات لاستقطاب التلاميذ خصوصاً في الثانويات، بهدف إدخالهم من ضمن نسق الاستهلاك ثمّ دفعهم إلى الإدمان. فتلك الشبكات تعدّها (المؤسسات التربوية) جزءاً من سوق للترويج". وأشار عبد القادر إلى أنّ "نشاط هذه الشبكات حديث. ففي السابق لم تكن على هذا النحو، بل كانت تتلافى الوسط التربوي".

إلى جانب المخدّرات، وجّهت الهيئات الولائية للتربية قبل أيام تحذيراً إلى مدراء المدارس الابتدائية، لفتت فيه إلى استفحال تعاطي مسحوق "أميلا" (لإعداد مشروبات سريعة) من خلال استنشاقه بشكلي الأساسي كمسحوق، إذ ثمّة مواد فيه تجعل تأثيره كالمخدّر. ويعمد التلاميذ، بحسب وثيقة نشرتها منظمة حماية المستهلك، إلى وضع مسحوق هذه المادة المركّزة في أقلام كبيرة الحجم، بعد تفريغ محتواها من الإسفنج والحبر، وتُمزَج بمحاليل كحولية كالعطور قبل استنشاقها أو تناولها عن طريق الفم في شكلها المركز. ويمثّل هذا الأمر خطراً على صحتهم، لا سيّما مع سهولة اقتناء هذا المسحوق من المحلات التجارية وسعره الزهيد.

وكان تحقيق أعدّه الديوان الوطني لمكافحة المخدّرات وإدمانها، قبل فترة، شمل 426 متوسطة وثانوية على المستوى الوطني وأكثر من مليونَي تلميذ، قد كشف أنّ أكثر من 54 ألف تلميذ في الجزائر يستهلكون المخدّرات. وفي شهر يونيو/ حزيران الماضي، نشر الباحثان علاء الدين جرادي وعبد الكريم سعودي دراسة مفصّلة حول ظاهرة تفشّي المخدّرات في الوسط المدرسي، وقد لفتت نتائج الدراسة إلى عدد من الأسباب والعوامل التي دفعت إلى تفشّي الظاهرة. ومن تلك الأسباب والعوامل ما هو اجتماعي، لجهة ضعف الرعاية والمتابعة الأسرية، بالإضافة إلى الهشاشة النفسية التي تستغلّها شبكات ترويج المخدّرات، وكذلك العوامل الثقافية والدينية التي تراجعت بطريقة لافتة في المؤسسات التعليمية، خصوصاً مع نقص النشاطات الفنية والثقافية.

المساهمون