حلويات الجزائر... البقلاوة والمقروط يتربعان على مائدة العيد

20 ابريل 2023
الحلويات التقليدية أساسية في مائدة العيد الجزائرية (العربي الجديد)
+ الخط -

ينتعش النشاط في داخل البيوت الجزائرية قبيل حلول العيد لإعداد الحلويات التي تقدم صباح يوم عيد الفطر للأطفال والجيران والضيوف. ولايزال كعك العيد والبقلاوة والمقروط من بين الحلويات التي تعتبر من ثوابت العيد في الجزائر، وتحافظ معظم مناطق البلاد على عادة تقديمها للضيوف والأقارب خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وفي صباح العيد.
مع حلول منتصف رمضان، يتوافد الزبائن، وخاصة من النساء، بشكل كثيف على محال بيع الفواكه الجافة كالتمور والمشمش فضلاً عن المسليات مثل اللوز والجوز وغيرها، وكذا المحال التي تبيع مستلزمات صناعة الحلوى، والعلب الخاصة بها.
رغم انشغالها في العمل، لا تفوت الطبيبة كريمة بلواد، فرصة تجهيز ما تيسر من الحلويات التقليدية منزلياً، وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "تحضير الحلويات في المناسبات، وخصوصاً العيدين، من العادات التي تتشبث بها غالبية الأسر، ولا يخلو بيت جزائري من أنواع مختلفة من  الحلويات. أنا أم لأربعة أطفال، وصناعة الحلويات المنزلية الخاصة بالعيد تضفي فرحة على المنزل، وبعضها ما زال يصنع بنفس الطريقة المتوارثة، في حين أن البعض الآخر طغت عليه لمسات العصرنة، وتحسينات متعددة، على غرار البقلاوة التي تعد من أهم أنواع الحلويات التي تضمها مائدة إفطار صباح العيد، وتعد النوع الوحيد الذي لا يزال يجمع كل العائلات، وتتفنن في صنعها أنامل الجزائريات رغم أنها تتطلب مكونات باهظة الثمن".
وعرفت المدن الجزائرية البقلاوة قبل قرون، وتمتاز باختلاف المذاق بحسب طريقة صنعها ومكوناتها، فهناك من يصنعها بالجوز واللوز، وهناك من يصنعها بالفول السوداني.
تقول بلواد: "هذا الاختلاف في المكونات يمنح أنواع البقلاوة مكانتها الرفيعة، بالنسبة لعائلتي، تعد بقلاوة اللوز والجوز ألذ بكثير، لكن البعض يفضل غيرها من الأنواع، والأهم أن كل الأنواع مكلفة، فقوامها الأساسي يقوم على خلط كمية محددة من السميد مع الزبدة والماء، فضلاً عن إضافة كميات من ماء الورد الذي يعطيها نكهة طيبة، ويتم بعد ذلك تشكيل طبقات من العجين، وتفرد على إناء من الألومنيوم، وفي الوقت ذاته يتم تحضير الحشوة، والتي تحتوي عادة على الجوز واللوز، أو الفول السوداني المجروش، مع السكر والعسل، ويوضع هذا الخليط بين طبقات العجين، ثم يوضع في الفرن لمدة ساعة. بعد إخراج الإناء من الفرن، يتم سكب العسل الساخن على الخليط الناضج، ثم يتم تقسيمه إلى مكعبات بطريقة دقيقة، ما يعطي هذه الحلوى جمالاً من ناحية الشكل إضافة إلى جمال المذاق".

الطلب على الحلويات التقليدية يفوق الأنواع العصرية (العربي الجديد)
الطلب على الحلويات التقليدية يفوق الأنواع العصرية (العربي الجديد)

وتنافس البقلاوة في الانتشار حلوى "المقروط"، والتي تنطق في بعض المناطق "المقروظ"، والتي تتصدر مشهد العيد في كثير من البيوت الجزائرية، إذ تعتبر حلوى تقليدية الصنع والشكل، ومقارنة مع "البقلاوة"، يتميز "المقروط" بأنه أقل كلفة من حيث المكونات، وأخف حلاوة من حيث المذاق.
تقول صانعة الحلويات التقليدية بمنطقة "تسالة" في وسط الجزائر، سكينة بن ناصف، إن "مكونات المقروط تضم عجينة السميد والسمن والملح، والتي يتم حشوها بعجينة التمر، ويطهى "مقروط الكوشة" في الفرن، فيما تفضل بعض المناطق طهيه عن طريق القلي في الزيت، وهذا يطلق عليه "مقروط المقلاة"، وفي كلتا الطريقتين يتم خلطه بعد طهيه بالعسل قبل تناوله.

ولا يخفي كثير من الجزائريين حبهم لـ"حلوى الطابع" في الأعياد، وهي من الحلويات التقليدية المعروفة في مختلف المناطق، وتتميز ببساطة مكوناتها التي تتمثل في طحين الدقيق والزبدة والسكر والنشا، وبعض النكهات حلوة المذاق، كما تتميز بسهولة إعدادها عن طريق تشكيل العجينة بمختلف الأشكال باستعمال القوالب، ثم بعد إخراجها من الفرن، يتم لصق كل شكلين متشابهين معا عن طريق الشكولاتة أو مربى الفواكه.
تعتبر المعلمة المتقاعدة نورة معافة أن "حلوى الطابع" من أنواع الحلويات التي تخفف العبء عن الجزائريين المثقلين بمصاريف شهر رمضان وملابس العيد ومستلزماته، وتكتفي بعض الأسر بأصناف معينة منها، فالمهم هو نشر الفرح، والاحتفال يكون حسب المقدرة".

تختلف كلفة الحلويات بحسب طبيعة المكونات (العربي الجديد)
تختلف كلفة الحلويات بحسب طبيعة المكونات (العربي الجديد)

أما حلوى "تشاراك"، فهي كعكة ناعمة "تذوب في الفم" حسب التعبير الدارج شعبياً، وتشتهر بها مدن وسط الجزائر، ولا بد منها في العيد، وهي تصنع من الدقيق والسكر والنشا وخميرة الحلويات التي تشكل عجينة، ثم يتم تشكيل كرات محشوة بالفول السوداني والقرفة وماء الورد، وتوضع في الفرن، وبعد الطهي يتم غمسها في الشوكولاتة أو المربى.
وبالرغم من إدخال بعض التحسينات على عدد من أنواع الحلويات، وظهور أخرى جديدة، إلا أن الحلويات التقليدية لا زالت موجودة، ويفضلها كثيرون في المناسبات، وتثير أسماء بعضها الدهشة تارة، والتساؤلات تارة أخرى، خصوصاً حلويات العيد، وبعض الأسماء ترتبط بمكونات تلك الحلويات، أو الفترات أو الأماكن التي ظهرت فيها، ومن بين أسماء الحلويات الجزائرية التقليدية "الصامصة"، والقريوش"، و"الغريبية"، و"رزمة العروس" وغيرها الكثير، هي أسماء لم يغيرها الزمن، ولا مصانع الحلويات الحديثة، كما لازالت تتربع على عرش مائدة إفطار العيد.

في السنوات الأخيرة، وبسبب كثافة خروج النساء إلى العمل، وتغير تركيبة الأسر الجزائرية، استغلت شابات وأسر الفرصة للتخصص في مجال صناعة الحلوى المنزلية، وكذا إعداد مستلزمات الأسر التي لا تمتلك الوقت لتجهيز حلوياتها وحاجياتها المنزلية، وتستخدم الكثير منها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لحلويات العيد التقليدية.
تبدأ السيدة أسماء بوكلوز، المختصة في صناعة أنواع الحلويات بمنطقة ميلة شرقي الجزائر، الترويج لمنتجاتها وحلوياتها قبل فترة كافية من حلول عيد الفطر. وتقول لـ"العربي الجديد": "قبيل حلول العيد أظفر بعدد كبير من الطلبيات من قبل أسر من مختلف مناطق الولاية، وحتى من خارجها، وأعتمد بالأساس على عرض إنتاجي عبر مواقع التواصل، وأعمل بنفس هذه الطريقة منذ 15 سنة، وحاولت خلالها تطوير صناعة الحلويات التقليدية ومزجها بلمسات عصرية".

المساهمون