حقوقي مصري يشكو 106 زيارات لـ"الأمن الوطني" بعد الخروج من السجن

17 فبراير 2023
المحامي الحقوقي والسجين السياسي المصري السابق إسلام سلامة (تويتر)
+ الخط -

فجّر المحامي الحقوقي، والسجين السياسي المصري السابق، إسلام سلامة، قضية المتابعة الأمنية والمراقبة الشرطية، التي يُجبر عليها عدد من السجناء السياسيين بعد انتهاء مدة محكوميتهم. 

وتعدّ هذه القضية مسكوتا عنها، ويعاني منها عدد كبير من السجناء السياسيين السابقين، ويفتحها بين الحين والآخر سجناء سابقون يحظون بقدر من الشهرة، لكنها تظل أزمة تعصف بمستقبل الآلاف من الشباب الذين وقعوا ضحايا قضايا سياسية خلال السنوات الماضية. 

إسلام سلامة، واحد من بين ضحايا المراقبة الشرطية، قال قبل أيام عبر حسابه الخاص بفيسبوك: "أحيانا أتضايق من الإنسان كثير الشكوى، لذا أحب أن أفصل تجربتي في السجن عبر ساحات فيسبوك تحديدا، لكن للأسف وصلت إلى مرحلة من الانهيار بسبب موضوع المتابعة المفروض عليّ كل يوم جمعة من كل أسبوع".

وتابع سلامة "منذ أول مرة وهذا الموضوع يرهقني، وقد تحول مع الوقت إلى مدمر نفسي ومرهق مادي وصحي، وهو تعبني كل أسبوع والسفر في وقت محدد مكتوب علي من ساعة ما خرجت من السجن منذ حوالي سنتين. وهذا أدى إلى مشكلة وألم مستمر في الجسم لا ينتهي".

كان سلامة محبوس على ذمة القضية رقم 7869 لسنة 2020، بمحافظة الغربية، والمتهم فيها بالانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها. 

أضاف سلامة: "106 جمعة حتى الآن لم أتغيب جمعة واحدة -بخلاف جمعة موت أبويا-. كذلك اخترت أن أكتب كتابي يوم السبت لكي أكون سافرت الجمعة وتزوجت السبت، حتى لا أسافر وأترك زوجتي ستة أيام متواصلة على الأقل. ومن يوم زواجي لم أقض يوم جمعة في بيتي مع زوجتي كزوج جالس في بيته يوم إجازته، وحقيقي شيماء مراتي بتعاني معايا جدا بسبب هذا الموضوع".

وتعد التدابير الاحترازية هي العقوبة المكملة والبديلة للحبس الاحتياطي في القانون المصري، وفقاً لنص المادة 201 من القانون رقم 150 لسنة 1950 والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من قانون الإجراءات الجنائية.

التدابير الاحترازية (المراقبة الشرطية) تعد كذلك، الصورة الثانية من الجزاء الجنائي، إلا أنها تتمايز عن الصورة الأولى (العقوبة) في أنها يكون مبنى توقيعها الخطورة الإجرامية وليس الفعل الإجرامي ولا الخطأ الجنائي، كما هو الحال في العقوبة. وعلى الرغم من أنها لاحقة في ظهورها على ظهور العقوبة، إلا أنهما يرتبطان بغاية واحدة هي مكافحة الجريمة.

ووفق تقديرات حقوقية، فإن أغلب القرارات الصادرة من محاكم الجنايات بدوائر الإرهاب -في القضايا ذات الطابع السياسي- منذ عام 2014 باتت متبوعة بالتدابير الاحترازية؛ ففي حالة صدور قرار بإخلاء السبيل على ذمة قضية قيد التحقيقات يتبعه القضاة في الغالب بقضاء فترة معينة قيد المراقبة. وعلى النقيض تماماً من ذلك فإن القرارات الصادرة في القضايا -ذات الطابع الجنائي- قيد التحقيق تكون في معظمها -في حالة إخلاء السبيل- بضمان محل الإقامة أو بأي ضمان مالي.

والقانون الخاص بالمراقبة الشرطية رقم 99 لسنة 1945 والمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، سمح لأقسام الشرطة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق المراقبين، وترك السلطة لهم في إنفاذ العقوبة التكميلية "المراقبة". وبذلك فقد ترك القضاء، للداخلية السلطة التقديرية بتحديد مواعيد المراقبة، وعدد الأيام، ولم يتدخل القضاء سوى في تحديد مدة السنوات التي على المراقب قضاؤها، وبغض النظر عن تجاوزات التطبيق من قبل أقسام الشرطة، حيث إن توقيع المراقبة الشرطية على المتهمين والمدانين على السواء دون وجود هدف حقيقي من تلك المراقبة سوى تعسيف المراقَبين وتعطيل رجوعهم إلى حياتهم بشكل طبيعي.

وسبق أن أوضحت منظمات حقوقية، أنه بغض النظر عن عدم جاهزية أقسام الشرطة ليقضي بها الفرد ما يقرب من 12 ساعة من يومه، أو قدرتها على استيعاب كل هذه الأعداد الخاضعة للمراقبة؛ فإن الهدف من اللجوء إلى مثل هذا التدبير هو التنكيل بأولئك الأفراد، فتطبيق روح القانون يمثل علامة فاصلة وفارقة في أداء المؤسسات الأمنية، حيث إن الفرق بين روح القانون والقانون بمثابة الرئة التي من خلالها يستطيع المجتمع إدماج المراقبين، بدلاً من أن تكون النصوص التشريعية معولاً للضغط النفسي والجسدي على المراقبين السياسيين على وجه الخصوص.

المساهمون