استمع إلى الملخص
- شهدت اليابان زلزالاً بقوة 7.5 درجة، مما أدى إلى خسائر تأمينية تجاوزت ثلاثة مليارات دولار، بينما تسببت الفيضانات في الإمارات والبرازيل في خسائر تأمينية تقدر بـ 2.8 و2 مليار دولار على التوالي.
- الأعاصير والفيضانات في النصف الثاني من 2024 أدت إلى خسائر كبيرة، مع تأثيرات ملحوظة في اليابان وكندا والفلبين والصين وفيتنام وأوروبا.
تجاوزت الخسائر التي تغطّيها شركات التأمين جراء الكوارث الطبيعية 100 مليار دولار للعام الخامس على التوالي في 2024. ومثلما كان الحال في 2023، زاد إجمالي الخسائر هذا العام مجدداً بسبب تلك الناجمة عن العواصف الرعدية الشديدة. ومن المتوقع مرة أخرى أن تتجاوز الخسائر الناجمة عن النوع نفسه من الكوارث 50 مليار دولار في 2024.
وكانت الخسائر جراء تلك العواصف في الولايات المتحدة مرة أخرى أكبر أسباب زيادة الخسائر التي يغطيها التأمين خلال النصف الأول من العام، وشهد النصف الثاني أيضاً ارتفاعاً كبيراً في الخسائر بسبب موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي.
كما شهدت أوروبا أيضاً عاماً آخر من ارتفاع الخسائر الناجمة عن الفيضانات التي أثرت على ألمانيا في يونيو/حزيران، ووسط أوروبا في أغسطس/آب، وإسبانيا في أكتوبر/تشرين الأول. كما تأثرت القارة أيضاً بخسائر كبيرة في النصف الأول من العام بسبب تساقط البرد على إيطاليا في يوليو/تموز 2023. كما زادت الفيضانات في مناطق مثل البرازيل والإمارات الخسائر الناجمة عن الفيضانات في 2024.
وقدّرت شركة جالاجر لإعادة التأمين (جالاجر ري) إجمالي الخسائر المغطاة في التأمين في السوقين العامة والخاصة بنحو 61 مليار دولار خلال النصف الأول من العام شكلت العواصف الرعدية الشديدة في الولايات المتحدة 61% منها والفيضانات العالمية 16%. وكانت الفيضانات الخطر الوحيد بخلاف العواصف الرعدية الشديدة الذي مثل خسائر يغطيها التأمين بأكثر من عشرة مليارات دولار خلال النصف الأول من العام.
وقدّرت شركة ميونيخ لإعادة التأمين (ميونيخ ري) أن الخسائر العالمية التي يغطيها التأمين بلغت نحو 62 مليار دولار خلال النصف الأول من العام، وهو "أعلى بكثير" من المتوسط على مدى عشر سنوات والذي بلغ 37 مليار دولار، ويتماشى عموماً مع تقديراتها البالغة 60 مليار دولار للنصف الأول من 2023.
أبرز الكوارث الطبيعية
وفيما يلي نسلط الضوء على بعض أبرز الكوارث التي أحدثت خسائر في النصف الأول من عام 2024. ونبدأها بالعودة إلى أول أيام العام عندما ضرب زلزال كبير اليابان.
اليابان: زلزال شبه جزيرة نوتو
أصبح الزلزال الذي ضرب اليابان بقوة 7.5 درجة في بداية عام 2024 أول حدث يغطيه التأمين بقيمة مليار دولار أو أكثر في العام. وأدى زلزال يوم رأس السنة الجديدة (الأول من يناير/كانون الثاني) في شبه جزيرة نوتو اليابانية إلى مقتل أكثر من 240 شخصاً وألحق أضراراً واسعة النطاق بأكثر من أربعة آلاف عقار.
وقدرت شركة جالاجر ري أن الخسائر الناجمة عن هذا الحدث والمغطاة في التأمين بلغت أكثر من ثلاثة مليارات دولار. ومع ذلك، لم تكن الخسائر كافية للتأثير على فائض طبقات الخسارة الناجمة عن الزلزال، مما يعني أن الزلزال كان أثره ضئيلاً على بيئة التسعير في تجديدات التأمين اليابانية في الأول من أبريل نيسان. واستوعبت الحكومة اليابانية جزءاً كبيراً من الخسائر السكنية من خلال برنامجها لإعادة التأمين ضد الزلازل.
فيضانات دبي
كانت الفيضانات التي شهدتها الإمارات في إبريل/نيسان من بين الأحداث الأقل توقعاً أن تحدث خسائر في قطاع التأمين في 2024. وأفاد المركز الوطني للأرصاد في الإمارات بأن أكثر من 254 ميليمتراً من الأمطار هطلت خلال 24 ساعة، وهي أكبر كمية منذ بدء التسجيل.
ويبلغ متوسط هطول الأمطار في الإمارات عادة ما بين 140 ميليمترا] و200 ميليمتر سنوياً، في حين لا يتجاوز متوسط هطول الأمطار في دبي 97 ميليمتراً. ويبلغ متوسط هطول الأمطار الشهري في إبريل/نيسان قرابة ثمانية ميليمترات فقط.
وقدرت كل من شركتي جالاجر ري وميونيخ ري إجمالي الخسائر المغطاة في التأمين جراء الحادث بنحو 2.8 مليار دولار. وشملت فاتورة الخسائر أيضاً الأضرار التي لحقت بمحطة نور 1 للطاقة الشمسية، وقدرت الأضرار بنحو 500 مليون دولار.
فيضانات البرازيل
أظهرت تقديرات شركة "جالاجر ري"، أن الفيضانات في البرازيل في أواخر إبريل/نيسان وأوائل مايو/أيار، أسفرت عن خسائر يغطيها التأمين وتقدر بنحو ملياري دولار. وفي ولاية ريو غراندي دو سول جنوب البلاد، غمرت المياه منطقة بحجم بريطانيا نتيجة للفيضانات. وتعد المنطقة المتضررة منتجاً رئيسياً للأرز وفول الصويا والثروة الحيوانية، وكلها حيوية للاقتصاد البرازيلي. ومثل هذا الحدث أعلى خسائر الفيضانات المسجلة تكلفة في السوق البرازيلية، إذ تضرر ما لا يقل عن 100 ألف منزل أو تعرضت للدمار.
فيضانات جنوب ألمانيا
يشير الاتحاد الألماني لشركات التأمين (جي.دي.في) إلى أن الفيضانات التي ضربت ألمانيا في أواخر مايو/أيار وأوائل يونيو/حزيران كلفت شركات التأمين نحو ملياري دولار. وتركزت الخسائر في ولايتي بادن فورتمبيرج وبافاريا، إذ كانت الأرض مشبعة بالفعل بالمياه بعد فترة من الأمطار الغزيرة في مايو أيار.
وقدرت شركة موديز أر.إم.إس الخسائر المغطاة في التأمين جراء الكارثة بما يتراوح بين مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار، في حين قدمت وحدة إكستريم إيفنت سولوشنز التابعة لشركة فيريسك نطاقاً أعلى بقليل يتراوح بين 2.4 و3.6 مليارات يورو.
العواصف الرعدية الشديدة في الولايات المتحدة
كان النصف الأول من العام فترة أخرى مزدحمة بالخسائر جراء العواصف الرعدية الشديدة التي شكلت مرة أخرى الجزء الأكبر من الخسائر المغطاة في التأمين. وقدرت شركة جالاجر ري أن الخسائر التي يغطيها التأمين جراء العواصف الرعدية الشديدة في النصف الأول من العام في الولايات المتحدة بلغت نحو 37 مليار دولار، وهو ما يمثل 61% من إجمالي الخسائر في قطاع التأمين خلال الأشهر الستة الأولى من 2024. وقالت ميونخ ري (شركة إعادة التأمين) إن فترة من العواصف الرعدية استمرت من 12 إلى 17 مارس/آذار كلفت شركات التأمين أكثر من ثلاثة مليارات دولار، إذ قدرت الشركة أن الخسائر المغطاة في التأمين والناجمة عن العواصف في تلك الفترة سجلت نحو 4.5 مليارات دولار.
وفي حين أن البرد كان المسبب الأكبر للخسائر التي أحدثتها العواصف الرعدية الشديدة، كان هناك أيضاً مستوى أعلى من المتوسط من نشاط الأعاصير خلال النصف الأول من العام. وأفادت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي بحدوث 1250 إعصاراً في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، وهو رقم أعلى بكثير من المتوسط على المدى الطويل والبالغ 820 إعصاراً.
في منتصف 2024، تزايدت المخاوف إزاء الأثر المحتمل لموسم الأعاصير في المحيط الأطلسي بسبب سلسلة من التوقعات التي أشارت إلى نشاط أعلى من المتوسط بشكل كبير. وتفاقمت هذه المخاوف عندما أصبح بيريل أقوى إعصار مسجل يتشكل داخل منطقة التشكل الرئيسية في حوض المحيط الأطلسي قبل شهر يوليو/تموز. واشتدت العاصفة لتصبح أول إعصار من الفئة الخامسة يُسجل في 2024، وهو ما يزيد من المخاوف إزاء الموسم المقبل.
وامتدت فترة هدوء النشاط خلال ما تعتبر عادة فترة الذروة في الموسم على الرغم من هذه المخاوف في بداية الموسم. وبعد تبدد الإعصار إرنستو في منتصف أغسطس/آب، مرت ثلاثة أسابيع تقريباً دون ظهور عاصفة تحمل اسماً قبل تشكل فرنسين في التاسع من سبتمبر/أيلول.
ووصل الإعصاران الكبيران المؤمن ضدهما خلال الموسم، وهما هيلين وميلتون، إلى اليابسة في ولاية فلوريدا بفارق 12 يوماً عن بعضهما، إذ وصل هيلين في أواخر سبتمبر/أيلول وتلاه ميلتون في أوائل أكتوبر/تشرين الأول. وفي أعقاب وصول الإعصار هيلين إلى اليابسة، كان من المتوقع في البداية أن تكون الخسائر الناجمة عنه منخفضة إلى متوسطة في خانة الآحاد من مليارات الدولارات. وارتفعت الخسائر المتوقعة مع تزايد الوضوح بشأن مدى الضرر الناجم عن العاصفة.
وكاد الإعصار ميلتون يحدث تغييراً جذرياً في قطاع التأمين، إذ هدد بضرب منطقة خليج تامبا مباشرة وكان من الممكن أن يسفر عن خسائر مغطاة في التأمين تصل إلى 100 مليار دولار أو أكثر. وفي نهاية المطاف، وصل ميلتون إلى اليابسة كإعصار من الفئة الثالثة في ساراسوتا القريبة. وأعقبت ذلك تقديرات واسعة النطاق للخسائر. حتى بعد مرور أشهر، لا يزال الوضوح لا يذكر بشأن التكلفة النهائية التي سيتحملها قطاع التأمين.
وتراوحت نماذج تقديرات الخسائر التي صدرت في أعقاب الحدث بين 17 و50 مليار دولار، لكن الأدلة على الأرض محدودة وتتعذر معها الإشارة إلى السبب المحتمل لبلوغ خسائر بهذا الحجم. وقدّرت وحدة بروبيرتي كليم سيرفيسيز (بي.سي.إس) التابعة لشركة فيريسك الخسائر في البداية بنحو خمسة مليارات دولار فقط قبل إصدار تقدير ثان (قبل إطاره الزمني الطبيعي) حدد الخسائر عند 14.7 مليار دولار.
وقال ماير شيلدز المحلل لدى كيه.بي.دبليو، إن المخاوف واسعة النطاق بشأن دقة تقديرات خسائر ميلتون المقدمة من بي.سي.إس أدت إلى تأخير توقيع عقود التجديد مقارنة بأشهر ديسمبر/كانون الأول الماضية. وشهد الربع الثالث أيضاً تزايد خسائر قطاع التأمين في كندا في أعقاب سلسلة من الكوارث، بالإضافة إلى مزيد من الفيضانات في أوروبا.
وفيما يلي نسلط الضوء على بعض أبرز الكوارث في النصف الثاني من عام 2024.
الإعصار بيريل
وصل الإعصار بريل إلى اليابسة كإعصار قوي من الفئة الرابعة في كارياكو، وهي جزء من جرينادا، في الأول من يوليو/تموز قبل أن يصل إلى اليابسة لاحقاً في كينتانا رو بالمكسيك بعد أن انخفض إلى الفئة الثانية ثم ولاية تكساس الأميركية بعد أن تراجع إلى الفئة الأولى.
وتشير نماذج تقديرات أثر بيريل في الولايات المتحدة إلى وقوع خسائر مغطاة في التأمين تتراوح بين 2.5 وأربعة مليارات دولار. وقدرت شركة كارين كلارك أند كو الخسائر التي يغطيها التأمين جراء الإعصار بنحو 2.7 مليار دولار، وذلك مقارنة بمتوسط التقديرات البالغة 3.5 مليارات دولار من موديز آر.إم.إس وثلاثة مليارات دولار من كورلوجيك و2.5 مليار دولار من فيريسك.
وقالت موديز آر.إم.إس إن الصناعة ستتكبد خسائر تصل إلى 1.5 مليار دولار بسبب عبور بيريل من المكسيك ومنطقة الكاريبي.
حرائق الغابات وهطول البرد والسيول والإعصار ديبي في كندا
على الرغم من وصول الإعصار ديبي إلى اليابسة بصفته إعصاراً من الفئة الأولى في ولاية فلوريدا، فإن آثاره الأوضح جاءت مع مرور بقايا ديبي من جنوب كيبيك يومي التاسع والعاشر من أغسطس/آب. وأسفر الإعصار عن أضرار يغطيها التأمين بلغت نحو 2.5 مليار دولار كندي (1.7 مليار دولار)، وهو واحد من عدة كوارث تضرب كندا خلال النصف الثاني من العام.
وذكرت شركة كات آي.كيو أن عاصفة البرد التي ضربت منطقة كالجاري في أغسطس/آب أحدثت خسائر مغطاة في التأمين تقدر بنحو 2.8 مليار دولار كندي.
وشهد شهر أغسطس/آب أيضاً وقوع خسائر ضخمة مغطاة في التأمين بسبب حرائق الغابات في بلدية جاسبر ومنتزه جاسبر الوطني (أكثر من 880 مليون دولار كندي)، بينما كبدت السيول في تورونتو ومناطق أخرى في جنوب أونتاريو في يوليو/تموز شركات النقل تكاليف تقدر بنحو 940 مليون دولار كندي على الأقل.
الإعصار ياغي
شهد موسم الأعاصير في شمال غرب المحيط الهادئ هذا العام خسائر كبيرة في أوائل سبتمبر/أيلول بسبب الإعصار ياغي، الذي ضرب الفيليبين وجزيرة هاينان الصينية والجزء الجنوبي من مقاطعة قوانغدونغ الصينية قبل أن يصل إلى اليابسة في شمال فيتنام. وعادلت قوة الإعصار ياغي قوة إعصار من الفئة الثالثة وقت وصوله إلى فيتنام، وهو أقوى إعصار مسجل يضرب البلاد. وكان من المرجح أن تبلغ الخسائر المغطاة في التأمين نحو 500 مليون دولار.
وتسبب الإعصار في تفعيل سياسة التأمين الخاصة بصندوق الطوارئ للاستجابة للكوارث التابع للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر للمرة الأولى.
فيضانات وسط أوروبا
تعرضت أوروبا لمزيد من الفيضانات في منتصف سبتمبر/أيلول، مع حدوث أغلب الخسائر في النمسا وجمهورية التشيك وبولندا. وقدرت شركة بيريلز لحصر الخسائر أن الفيضانات خلفت خسائر مغطاة في التأمين بنحو 2.08 مليار يورو، مما يرفع حصيلة الخسائر جراء الفيضانات في أوروبا في 2024 إلى أكثر من سبعة مليارات يورو. وأشارت مصادر في قطاع إعادة التأمين إلى أن بعض المناطق الأكثر تضرراً قد تشهد زيادات في أسعار التجديد بنسبة تزيد على 20% في الأول من يناير/كانون الثاني 2025.
الإعصار هيلين
كان الإعصار هيلين هو الأول بين إعصارين كبيرين ضربا ولاية فلوريدا في غضون أسبوعين، ووصل إلى الشاطئ في منطقة بيج بيند بالولاية، لكن الضرر الذي أحدثه كان واسع النطاق. وعلى الرغم من إشارة التوقعات الأولية إلى وقوع خسائر متوسطة في خانة الآحاد من مليارات الدولارات، لكن سرعان ما جرى تعديل هذه التوقعات بالزيادة بعد أن أصبح حجم الأضرار أكثر وضوحاً.
وأصبح المشهد العام للخسائر في بعض أجزاء الولاية أكثر تعقيداً بسبب وصول الإعصار ميلتون بعد ذلك بوقت قصير.
الإعصار ميلتون
في ظل عبور الإعصار ميلتون خليج المكسيك محملاً بريح تصل أقصى سرعة لها إلى 180 ميلاً في الساعة، بدا أن عدم تعرض خليج تامبا باي لضربة مباشرة من إعصار كبير لفترة طويلة يقترب من نهايته. وأدى التحول المتأخر لميلتون، والذي يعني أن العاصفة اتجهت إلى جنوب خليج تامبا بدلاً من قرب شماله، إلى إنهاء احتمال تكبد خسائر تزيد على 100 مليار دولار كانت لتخلف عواقب وخيمة على السكان المحليين وقطاع (إعادة) التأمين الأشمل.
ومنذ وصول الإعصار إلى اليابسة، ظلت حالة الضبابية تحيط بتكلفة الإعصار ميلتون، إذ تشير التوقعات الأولية إلى وقوع خسائر يغطيها التأمين تتراوح بين 17 مليار دولار وأكثر من 50 مليار دولار. ومع مرور الوقت، أشارت معطيات السوق إلى أن خسائر ميلتون جاءت أقل بكثير من التقديرات الأولية.
(رويترز)