حساء يومي لفقراء هافانا وسط أزمة كوبا الاقتصادية

11 ديسمبر 2021
حصص من الأرزّ الأصفر واللحم لفقراء يزداد عددهم في هافانا (أدالبرتو روكيه/ فرانس برس)
+ الخط -

يستخدم الطباخ بيبين ملعقة خشبية كبيرة لخلط 136 كيلوغراماً من اللحم المفروم مع صلصة الطماطم، والهدف تحضير وجبة تقدّمها مؤسسة دينية كوبية إلى 2200 شخص من سكان حيّ فقير في هافانا.

قبل انتشار وباء كورونا في كوبا في مارس/ آذار 2020، كان نحو 700 شخص يحصلون على حصتهم من هذا الحساء يومياً. لكنّ الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كورونا وتشديد العقوبات الأميركية أدّيا إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص طالبي الحساء.

بيبين هو لقب بيدرو بابلو فاسكيز طباخ المشروع المجتمعي المسمى "كيسيكوابا"، والمخصّص للدمج الاجتماعي في حيّ لوس سيتيوس، وهو أحد أفقر أحياء العاصمة الكوبية. في المطبخ الصغير حيث يعمل منذ الفجر، يقول الرجل البالغ من العمر 40 عاماً لوكالة "فرانس برس": "كنت فتى أقضي وقتاً طويلاً في الشارع من دون عمل، وكنت أواجه مشكلات... رحّب بي راعي المشروع وبفضله أنا الآن شخص جيد".

والراعي هو إنريكه أليمان، مدير هذا المشروع المجتمعي ورئيس جمعية دينية تساعد الأمهات العازبات وأسر السجناء والمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية ومدمني الكحول والمشرّدين.

الصورة
طباخ في المشروع المجتمعي كيسيكوابا الذي يقدم الحساء لفقراء كوبا (أدالبرتو روكيه/ فرانس برس)
في هذا المطبخ الصغير يُهيّأ الحساء لمن يحتاجه (أدالبرتو روكيه/ فرانس برس)

أحياء هشّة

يقول أليمان من مكتبه الذي كان في الماضي مسكناً لعبيد كيسي السابقين الذين أتوا من أنغولا في القرن السادس عشر، ثمّ صار متحفاً تملكه عائلته منذ عام 1932، إنّ "زيادة الإقبال على الحساء هي نتيجة للحصار (الحظر الأميركي الساري منذ عام 1962 والذي عُزّز أخيراً) وكذلك الوباء". يضيف أليمان: "نحن في أحد أكثر أحياء هافانا فقراً وعددها 61 حياً".

وبعد التظاهرات التاريخية في 11 يوليو/ تموز الماضي، عندما احتجّ آلاف الكوبيين وهتفوا "نحن جائعون" و"حرية"، حدّد رئيس البلاد ميغيل دياز كانيل نحو 60 حياً محروماً في العاصمة، على أن تُعطى الأولوية لها عند تنفيذ برامج اجتماعية.

من جهته، كان حاكم هافانا رينالدو غارسيا قد صرّح، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بأنّ "الإجراءات الرئيسية تتعلق بالقضايا الاجتماعية وما هو متاح للجميع. ما هي الأشياء المخصصة للجميع؟ الخدمات الأساسية الضرورية في الحيّ ومراكز البيع (حيث يُباع الطعام بأسعار مخفّضة) والعيادة الطبية وحديقة الأطفال"، وكذلك السكن.

وقد أُطلق البرنامج الحكومي في حين كان المواطنون الأكثر فقراً يرزحون تحت أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ 27 عاماً، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المائة في عام 2020.

يُذكر أنّ حيّ لوس سيتيوس يعاني في أكثر الأحيان من انقطاع المياه والكهرباء، فيما تتزايد صعوبات الحصول على الطعام. والمطبخ الذي يقدّم الحساء لفقراء الحيّ لا يتلقّى أيّ أموال من قبل الدولة، بل هو يُموَّل فقط من أوساط دينية عبر تبرّعات وصدقات.

قليل من الطعام

إيزابيل أنتومارتشي، البالغة من العمر 70 عاماً، تعمل في المطبخ منذ 30 عاماً. وبملعقة معدنية قديمة، تغرف اللحم لتقدّمه مع الأرزّ الأصفر. تقول إيزابيل التي يناديها الجميع "تيا" (العمّة) إنّ هذه الخدمة مخصّصة "للأشخاص الذين لا مأوى لهم ويعيشون في الشارع، والذين ليست لديهم عائلات ولا مكان يعيشون فيه أو طُردوا من مسكنهم. هم يأتون إلى هنا للحصول على قليل من الطعام".

وينتظر المستفيدون في حقل قريب مجيء متطوّع حاملًا علبهم المملوءة والتي يتسلّمونها من خلال نافذة، علماً أنّ أسماء هؤلاء قد تُكتب على العلب أو قد يتمّ الاكتفاء بتدوين أرقام.

وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 11.2 مليون نسمة ويقوده الحزب الشيوعي، وهو الحزب الوحيد المعترف به، تعمل الجمعيات الدينية منذ سنوات عدّة على ملء الفراغ الذي لم تعد الدولة قادرة على تغطيته. وفي هذا الإطار، يقول المشرف على مشروع "كيسيكوابا" إنّه يتطابق تماماً مع "مشاعر الثورة الكوبية وإرادتها".

(فرانس برس)

المساهمون