استمع إلى الملخص
- **تجاوزات في توزيع المساعدات**: تدخلات من قبل مسؤولي حزب البعث أدت إلى حصول غير المستحقين على المساعدات، بينما تُحرم الأرامل وأمهات الشهداء، مما أثار استياء المجتمع المحلي.
- **مبادرات محلية لتعويض النقص**: أطلق المجتمع المحلي مبادرة "سلة الخير" بالتعاون مع مراكز البيع وفنانين سوريين لدعم الأسر الأكثر حاجة، وتعتمد على تبرعات رواد المراكز التجارية.
حمّل فرع الهلال الأحمر في السويداء جنوبي سورية، منظمة الغذاء العالمي مسؤولية حرمان آلاف الأسر والنازحين من المساعدات الإنسانية في السويداء، والمسجلين في برنامج الإغاثة الذي ترعاه منظمة الغذاء العالمي، خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأشار مصدر مطلع من فرع الهلال الأحمر في السويداء، لـ"العربي الجديد" إلى أن الأسر المسجلة لدى الفرع والمستحقة للدعم تبلغ 50 ألفاً و621 أسرة، بعد استبعاد أكثر من 50 ألفاً كانوا مسجلين في مطلع العام 2023 وكانوا يحصلون على السلل الغذائية والطبية وشوادر وحرامات الإغاثة المقدمة من الأمم المتحدة، موضحاً أن ما تم توزيعه منذ يناير 2024 لم يتجاوز 9 آلاف سلة بين الغذائية والصحية طوال الفترة. وهو ما يتطابق مع ما نقلته أيضاً مصادر محلية عن لسان أحد المسؤولين في فرع الهلال الأحمر في السويداء بأنه "سيتم منح 16 ألف سلة جديدة، لمرة واحدة وسيتم توزيعها وفق معايير الجهة المانحة".
أما عن كيفية تحديد الأسماء المستفيدة من السلل الإغاثية فيقول المصدر لـ"العربي الجديد" إن ذلك يتم بناءً على دراسات تقوم بها لجان من الفرع بالتعاون مع مخاتير المناطق والأحياء والقرى وحزب البعث، فيما لم يوضح آلية التقييم المعتمدة من قبل الجهات المذكورة.
ويرى مراقبون أن ثمة تجاوزات كثيرة نجمت عن تلك الآلية المعتمدة في تحديد الأسر المستفيدة، ويأتي ذلك في المحصلة الأولى نتيجة تدخل المسؤولين في حزب البعث في مناطق المحافظة، في تحديد أسماء المستفيدين وفرضها بحسب شهادات عديدة لأعضاء فرق الهلال في تلك المناطق.
وقال (أ.ح) أحد أعضاء فرق الهلال في ريف السويداء لـ"العربي الجديد"، "إن أمناء الفرق وفرع الحزب دائماً ما يقحمون أنفسهم في تحديد الأسماء المستحقة للدعم، حيث إنه وبعد أن طلب مني فرع الهلال تسجيل أسماء المستحقين وإرسالها، فوجئت بالأسماء التي وصلتني عند توزيع السلل، بأن معظمهم من المنتمين إلى حزب البعث، ومنهم من هو بغير حاجة إلى الدعم ويملك معمل خرسانات إسمنتية والآخر رئيس بلدية، وأخرى لديها محل سمانة، في حين حرمت أرامل لا معيل ولا مردود مادي من مخصصاتها".
من جانبه أشار (لؤي.ص) أحد سائقي السيارات العمومية والذي غالباً ما ينقل المستفيدين مع سللهم من أمام فرع الهلال في السويداء إلى كراجات قراهم ومدنهم، إلى أن أصحاب سيارات فارهة وحديثة تملأ ساحة الفرع في يوم التوزيع، ومعظمهم بحسب ما قال من المحسوبين على مسؤولين حكوميين أو في الحزب. مضيفاً لـ"العربي الجديد": "بأم عيني رأيت اثنين من أقارب أمين فرع الحزب يتوجهان إلى سيارتيهما بسلتين غذائيتين في الوقت الذي كانت نسوة من أمهات شهداء معركة المقرن الشرقي يقفن على الباب من دون أن يلتفت إليهن أحد".
تخفيض حصص المساعدات الإنسانية في السويداء
وحول تخفيض حصص المحافظة من المخصصات، يقول غاندي الصفدي وهو ناشط اجتماعي إن الحرمان شمل أسراً كثيرة في حاجة إلى الدعم، رغم الظروف المعيشية المتردية، وإن العديد من هذه الأسر تجدها ساعية بشكل دائم لتعويض حرمانها حقها بالدعم عبر الهلال، للتوجه إلى الجمعيات الخيرية ومؤسسة "عين الزمان" الخيرية علها تحصل على دعم بديل.
ويضيف الصفدي:" وفي الوقت الذي يعاني فيه المستحقون للمساعدات الحرمان، ترى البسطات وعربات المواد الغذائية والإغاثية تبيع محتويات تلك السلل الغذائية في الأرصفة والشوارع في المدن الرئيسية".
وقال أنور علم الدين رئيس فرع الهلال الأحمر في السويداء في وقت سابق لصحيفة "الوطن" المحلية إن تخفيض المخصصات أتى من قبل منظمة الغذاء العالمية، حيث خفضت الكميات المخصصة للأسر في السويداء، وفي المحصلة حرمت الكثير من العائلات من تلك المساعدات.
فيما أوضحت رغدة الغوثاني عضو المكتب التنفيذي المختص بالقطاع الإغاثي في السويداء، أن المساعدات الإغاثية من منظمة الغذاء العالمية لا تغطي سوى 5% من احتياجات المحافظة في الوقت الذي تزيد فيه نسبة الهشاشة عن 82 %، ما يخلق مشكلات بين أبناء المنطقة أو القرية الواحدة في كثير من الأحيان.
وكان المجتمع المحلي في مدينة السويداء أطلق قبل أيام مبادرة إنسانية باسم "سلة الخير" تستهدف الأسر الأكثر حاجة في المحافظة، بالتعاون مع مراكز البيع الرئيسية في المحافظة، وفنانين سوريين ساهموا في ترويج الحملة. ويدعم هذه المبادرة كل من المكتب التنفيذي في المحافظة ومنظمة الهلال الأحمر حيث تتولى الأخيرة توزيع السلل بحسب قاعدة البيانات الموجودة لديها. وتقوم آلية المبادرة على تبرع من يستطيع من رواد المراكز التجارية المشاركة بأحد أنواع المواد الغذائية في صندوق مخصص للتبرعات. ولا يمكن إغفال دور المجتمع المحلي في السويداء، خلال السنوات الأخيرة في إطلاق حملات ومبادرات إغاثية عديدة استهدفت شرائح عدة بدأت بالسلل الغذائية ولم تتوقف عند ذلك، بل ساهمت في دعم الطلاب وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وفي مناح عديدة منها المعيشية والصحية والتعليمية.