حرب غزة تكشف فشل الجامعات الأميركية في اختبار حرية التعبير

16 ديسمبر 2023
كل من ينتقد إسرائيل تتم ملاحقته بتهمة معاداة السامية (بول هينيسي/ الأناضول)
+ الخط -

كشفت حرب غزة فشل الجامعات الأميركية في اختبار حرية التعبير، بعد اعتبار المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين معادية للسامية.

فقد أثار استدعاء عمداء جامعتي هارفارد وبنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى الكونغرس الأميركي ومساءلتهم، الجدل من قبل سياسيين في جلسة حملت اسم "محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية"، في وقت سابق الشهر الجاري.

واستدعت لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونغرس، في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، كلا من رئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماغيل، ورئيسة جامعة هارفارد كلوديا جاي، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) سالي كورنبلوث، إلى جلسة "محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية".

وفي هذا الإطار، التقت الأناضول عبر تقنية الفيديو عددا من الطلاب الجامعيين في معهد ماساتشوستس وهارفارد، واستفسرت عن آرائهم حول الاحتجاجات الداعمة لفلسطين في الحرم الجامعي، والتوترات بين الجماعات المتعارضة (تلك الداعمة لفلسطين وأخرى الداعمة لإسرائيل) والمناقشات حول حرية التعبير.

سوزانا تشين، طالبة الدراسات العليا في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس، استعرضت للأناضول عددا من الأعمال التي قامت بها مع زملائها في الحرم الجامعي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، اليوم الذي بدأت فيه الحرب الإسرائيلية على القطاع.

أنشطة طلابية لشد الانتباه إلى حرب غزة

وذكرت تشين أنها عضو في مجلس إدارة مجموعة "ائتلاف فلسطين" في المعهد، التي تشكلت قبل نحو شهر بمشاركة أكثر من 12 منظمة طلابية. وقالت إنها عملت إلى جانب زملائها على إقامة العديد من الأنشطة التي من شأنها شد الانتباه داخل الحرم الجامعي لما تعيشه غزة تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية.

وأوضحت أن إدارة معهد ماساتشوستس أدلت بتصريحات مؤيدة بالكامل لإسرائيل بعد 7 أكتوبر، إلا أن الإدارة اضطرت، بحسب تشين، إلى تغيير بوصلتها بعد الإجراءات المستمرة لـ"ائتلاف فلسطين" ورضخت لمطالب غالبية الطلاب.

وعن إقامة الجلسة في الكونغرس الأميركي التي ركزت على معاداة السامية، قالت تشين إن "رئيسة المعهد سالي كورنبلوث، هي دون غيرها من استخدم مصطلح فلسطين في الجلسة".

وأضافت أن "استخدامها لذلك المصطلح لم يكن نابعا فقط من الإدراك الأخلاقي بأن الفلسطينيين بشر، وأن الإسلاموفوبيا تمثل مشكلة، وأن الإساءة للعرب حقيقة واقعة؛ بل سببه أيضا إظهارنا ذلك بخطاباتنا وأنشطتنا بقوة ائتلاف فلسطين في الجامعة".

وشددت تشين على أن "حرية التعبير" ليست مضمونة في جامعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقالت: "لقد تم اكتسابها بقوة منظمتنا".

تشين أشارت أيضا إلى أن الحركات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في عدد من أرقى الجامعات الأميركية أزعجت الأوساط الراغبة في ترسيخ الوضع الداعم لإسرائيل.

وأعربت عن اعتقادها بأن الهدف الأول للائتلاف والحركات الطلابية في الجامعات الأميركية لا يجب أن يكون الاعتقاد بأن فلسطين ستتحرر بين عشية وضحايا، "وإنما تطوير القيادة والقوة والثقة التي تمكننا من البقاء في هذا الأمر على المدى الطويل".

ومعللة ذلك، قالت: "لأننا لن ننتصر إلى أن يكون لدينا منظمة راسخة، وإلى أن يخرج الملايين من الناس إلى الشوارع، وإلى أن نتحمل المخاطر ونخرج رؤوسنا من الرمال، وإلى أن نبني منظمة يمكنها خوض حرب ذات معنى ضد آلة الحرب الأميركية".

مواجهة منع حرية التعبير لدعم الفلسطينيين

بدورها، أكدت فرانشيسكا ريشيو أكرمان، طالبة الدكتوراه في جامعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بذل جهود خاصة في المؤسسات التعليمية الأميركية لمواجهة منع حرية التعبير، فيما يتعلق بدعم الفلسطينيين أو توجيه الانتقادات لإسرائيل منذ 7 أكتوبر.

وذكرت ريشيو أكرمان أنها اعتنقت الإسلام قبل 9 أعوام، مضيفة أن هناك زيادة سريعة في المشاعر المعادية للمسلمين (الإسلاموفوبيا) والتعصب المناهض للفلسطينيين في حرم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الشهرين الماضيين.

وزادت: "هناك جهد متعمد لإسكات الانتقادات الموجهة لإسرائيل تحت اسم خطاب الكراهية من خلال الخلط بينه وبين معاداة السامية".

كما أكدت تعرّض الطلاب المنتقدين لإسرائيل لضغوط الجماعات المؤيدة لإسرائيل. وتابعت: "إن كان من ينتقد إسرائيل أسود اللون يتعرض لإساءات عنصرية، وإن كان يهوديا يتعرض لمضايقات تندرج ضمن معاداة السامية، وإن كان مسلما يتعرض لمضايقات ضمن اعتداءات الإسلاموفوبيا".

مضايقات متواصلة للطلاب

وذكرت ريشيو أكرمان أن "هذه المضايقات تمت بشكل منهجي ومتعمد تحت اسم "مكافحة معاداة السامية"، وأن كل من ينتقد إسرائيل تتم ملاحقته".

وعن حجم المضايقات، قالت ريشيو أكرمان: "أنا أميركية ولدت وترعرعت هنا، وعندما أنتقد بلدي أتعرض لضغوط ومضايقات أقل عندما أنتقد إسرائيل، أعتقد أنه من الصادم حقًا أن أعيش في الولايات المتحدة وأختبر ذلك لأن إسرائيل دولة أجنبية، وليست بلدي".

ورأت أن هناك استثناء لقاعدة "حرية التعبير" فيما يتعلق بإسرائيل، واعتبرت جلسة "معاداة السامية" في الكونغرس "ازدواجية للمعايير".

من جهته، قال أحمد أوتقو آق بييق، طالب دكتوراه في الاقتصاد السياسي بجامعة هارفارد، إن "هناك العديد من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي منذ 7 أكتوبر، بمشاركة من مختلف شرائح المجتمع، وإنه حضر بعضها".

وذكر آق بييق أن إدارة الجامعة سمحت باحتجاجات الطلاب على الرغم من معارضتها لها. وأضاف: "على الرغم من أن إدارة الجامعة أبدت موقفا مؤيدا لإسرائيل، إلا أن الطلاب يمكنهم الآن قول آرائهم الخاصة بشأن هذه القضية".

وأضاف أنه تعرض "للكثير من الردود الغاضبة خارج جامعته من قبل كيانات مؤيدة لإسرائيل، بجانب إشهار أسماء الطلاب المؤيدين للفلسطينيين داخل الجامعة عبر تعليق أسمائهم على الجدران".

كما أعرب عن دعمه رئيسة الجامعة كلوديا جاي في وجه الضغوط التي تتعرض لها لإجبارها على الاستقالة، "رغم أن تصريحاتها تنصبّ في تأييد إسرائيل".

وأضاف: "كنا ننتقد رئيسة الجامعة قبل أسبوعين لأننا اعتقدنا، وما زلنا نعتقد، أنها أظهرت موقفا مؤيدا لإسرائيل في تصريحاتها وبياناتها. وفي التصريحات الصادرة عن فلسطين نرى أن من يؤيد فلسطين يتعرض للانتقاد كثيرا. ولهذا السبب، لم نكن راضين عن نهج رئيسة الجامعة".

واختتم قائلا: "وعلى الرغم من ذلك، فقد تعرضت لضغوط كبيرة من الخارج لأنها لم تكن تؤيد إسرائيل بالمستوى الكافي لدرجة أننا الآن في وضع يسمح لنا بالدفاع عن رئيسة الجامعة".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الجمعة 18 ألفا و800 شهيد و51 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.

(الأناضول)

المساهمون