تشن السلطات العراقية منذ نحو عام حرباً واسعة على الاتجار بالمخدرات وترويجها التي يعتبرها مسؤولون مصدر تهديد لأمن المجتمع، في ظل بلوغ الجرائم مستويات قياسية في الفترة الأخيرة.
وتعتبر إيران وسورية وأفغانستان مصادر المواد المخدرة، وأبرزها "الكريستال" و"الكبتاغون" التي تعلن السلطات مصادرة كميات كبيرة منها، في وقت قتل أكثر من 20 من عناصر الأمن والضباط خلال مواجهات مع عصابات المخدرات منذ مطلع العام الحالي، بحسب ما كشف مصدر في وزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد"، مؤكداً "خوض حرب حقيقية ضد تجار وشبكات المخدرات تستعمل فيها أسلحة متوسطة وقذائف".
وارتبط قرار الحكومة إنشاء مراكز لعلاج مدمني المخدرات بارتفاع عدد المدمنين سنوياً وصولاً إلى نسب كبيرة في بعض المناطق، بحسب بيان أصدره مجلس القضاء سابقاً.
وقال المستشار الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة، عماد عبد الرزاق، إن "نسبة المتعاطين النساء تبلغ 7 في المائة، بسبب الظروف الاقتصادية والعنف وحالات الاكتئاب والقلق، فيما تصل إلى 60 في المائة بين الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة والذين حصلوا على دراسة في المرحلة الابتدائية فقط، و7 في المائة من طلاب الجامعات، أما النسبة الباقية فتشمل شبانا حصلوا على دراسة متوسطة".
وأكد عبد الرزاق أن الحكومة تدرك خطورة الموضوع، لذا افتتحت ثلاثة مراكز لإعادة التأهيل في محافظات الأنبار (غرب) وكركوك (شمال) والنجف (جنوب) من أجل استقبال مدمنين جرى توقيفهم. وأشار إلى أن السلطات تعتزم فتح مراكز مماثلة في كافة المحافظات.
وتحدث معاون مدير مستشفى "ابن رشد"، المتخصص في علاج الإدمان الدكتور عدنان ياسين، عن أن مركز التأهيل في المستشفى يضم قسماً للنساء، ويقضي الشخص فيه شهراً وأحياناً شهرين أو 3 بحسب حالته، كما يوفر دعماً نفسياً للمرضى من خلال جلسات فردية أو جماعية.
وبعد خروجهم من المركز، يواظب المرضى على تنفيذ زيارات أسبوعية لمدة تتراوح بين 6 أشهر وسنة.
وقال ياسين لـ "العربي الجديد": "يستقبل المركز مختلف الأعمار بدءاً من 14 و15 عاماً، لكن معظمهم في العشرينيات، ونوع المخدر الأكثر انتشارا هو الكريستال الذي يتسبب في الإدمان من تناول أول جرعة".
وطالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق بالإسراع في إنشاء دور علاج في كل المحافظات وليس العاصمة بغداد فقط، لا سيما في ظل العدد الهائل من المدمنين، وأشارت إلى أن إنشاء هذه المراكز يحتاج إلى عدد كبير من الأطباء النفسيين لا يمكن توفيره وسط المعاناة من نقص كبير.
وتحدث عضو المفوضية علي البياتي، عن أن نسب متعاطي المخدرات تصل إلى 50 في المائة في بعض المناطق، وقال لـ"العربي الجديد": "إنشاء دور لعلاج المدمنين خطوة ايجابية باعتبار أن المتعاطين يُعدون مرضى، وتركهم المخدرات سيوصلهم إلى الموت". ولفت الى أن إنشاء دور علاج المدمنين يحتاج إلى ميزانيات وتعاون دولي في الملف.
وأكد البياتي وجود نقص حاد في كوادر العلاج النفسي، في وقت يجب إعطاء أولوية صحية وأمنية وقضائية لتحديد أسباب توجه الشبان والمجتمع إلى المخدرات التي نمت بعد عام 2003، في حين أقرّ القانون الخاص به عام 2017، ما أخر فتح مراكز العلاج التي تحتاج إلى إمكانات كبيرة.
وكان العراق يفرض عقوبة الإعدام على متعاطي المخدرات وتجارها، ثم سنّ قانونا جديداً عام 2017 تضمن عقوبات تشمل المروجين، كما أصدر قوانين خاصة بعلاج المدمنين.
وتنفذ قوات الأمن في شكل شبه يومي عمليات دهم وتوقيف خاصة بالمخدرات، وقال المتحدث باسم المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية حسين التميمي إن "السلطات أوقفت بين أكتوبر/ تشرين الأول ويونيو/ حزيران الماضي، نحو 10 آلاف شخص بتهم مرتبطة بجرائم مخدرات، من متاجرين وناقلين ومهربين ومروجين ومتعاطين".