- وليد عاكوم يوصي بتقنيات لتحسين جودة النوم مثل تدريب الجسم على أوقات نوم محددة، تهيئة بيئة النوم، وتجنب المنبهات.
- الأرق قد يحتاج إلى تدخل طبي لمعالجة الأسباب الكامنة، مع التأكيد على أهمية استشارة الأطباء واستخدام تقنيات مثل التنفس والتأمل لتحسين النوم.
تتنوع التقنيات الخاصة بكيفية الحصول على نوم هادئ وعميق طوال الليل، ومن بينها إطفاء الإنارة بالكامل، وتناول مشروبات تحتوي على أعشاب، أو حتى أدوية توفر الاسترخاء، وتعتبر من بين أكثر أنواع الأدوية التي يستخدمها الناس اليوم.
وكشف استطلاع أجرته مؤسسة "فيليبس" للنوم العالمي عام 2019 أن نحو 62 في المائة من الأشخاص البالغين حول العالم يعانون من قلّة النوم. أيضاً أظهر تقرير نشرته مؤسسة النوم الوطنية الأميركية أن أكثر من ثلث البالغين في الولايات المتحدة يعانون من مشكلات في النوم، وأن النسبة الكبرى منهم من النساء اللواتي لا يحصلن على حصص نوم كافٍ، أو يواجهن مشكلات واضطرابات في النوم.
يقول المتخصص في الصحة العامة وليد عاكوم لـ"العربي الجديد": "النوم حاجة أساسية للإنسان الذي لا يستطيع أن يتغلب على النعاس، خاصة إذا كان متعباً، فالإشارات التي يصدرها العقل بضرورة النوم تعد أقوى من الإشارات الأخرى التي تلفت إلى احتياجات أخرى خاصة في جسم الإنسان، على غرار تناول الطعام. والنوم يدعم وظيفة الدماغ الصحية ويحافظ على الصحة البدنية، علماً أن الحاجة إلى النوم تختلف بين الناس بحسب الأعمار.
يتابع: "يحتاج الأطفال والمراهقون إلى النوم أكثر من البالغين، كما يحتاج الرضع إلى ساعات نوم طويلة لدعم النمو. وبمرور الوقت يمكن أن يزيد الحصول على قسط غير كافٍ من النوم خطر الإصابة بمشاكل صحية مزمنة".
ويؤكد خبراء صحيون أن قلّة النوم تؤثّر في التمثيل الغذائي ومستوى الأنسولين والغلوكوز، ما قد يزيد من احتمال السمنة ومخاطر السكري. وأظهر بحث أنّ الأطفال الذين لا يحظون بنوم كافٍ عرضة للبدانة أكثر بحوالي 60 في المائة من غيرهم". وفي الإجمال يعتبر النوم ساعات كافية أمراً ضرورياً للحفاظ على الصحة وتجنّب الكثير من الأمراض التي قد تنتج عن حاجة الجسم إلى الراحة.
ويقوّض النوم الروتيني لأقل من ست ساعات في اليوم، نظام المناعة، ما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان. وصنفت منظمة الصحة العالمية أيّ شكل من أشكال العمل بنظام المناوبة الليلية كاحتمال للإصابة بالسرطان. وتزيد قلة النوم من احتمال أن تصبح الشرايين التاجية مسدودة وهشة، ما يضعك على الطريق نحو أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية وفشل القلب الاحتقاني.
ووفق عاكوم تتعدد الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها من أجل الحصول على نوم عميق وهادئ، وهي:
أولاً: تدريب الجسم والدماغ على النوم في أوقات معينة، والحفاظ عليها قدر المستطاع، فتدريب الدماغ على النوم عند ساعة معينة أو توقيت محدد ذات نتائج إيجابية للتغلب على مشاكل النوم في المستقبل.
ويشير إلى أن "التدريب على النوم بأوقات معينة يساعد في التغلب على مشاكل النوم، لذا من المهم تدريب الأطفال والرضع على النوم في ساعات محددة".
ثانياً: اعتماد أسلوب "عدّ الخراف"، أي العد في شكل تسلسلي في مرحلة أولى، ثم العد عكسياً مثلاً من الرقم 1 إلى 100، وبعدها من 100 إلى الرقم 1.
ويؤكد عاكوم أن استراتيجية "عدّ الخراف ناجحة جداً، خاصة أنها أولى العادات التي استخدمها القدماء للنوم بسرعة.
ثالثاً: اتباع بعض الخطوات داخل غرفة النوم، على غرار التعتيم والاستمتاع بموسيقى خافتة، أو استخدام بعض الشموع والمعطرات الجوية. وتساعد هذه العادات في استرخاء الجسم، وبالتالي الدخول في النوم.
رابعاً: تناول الأشخاص الذين يعانون من أرق بعض الأطعمة التي تساعد في الدخول في حالة نوم عميق، على غرار الموز الغني بالبوتاسيوم. كما ينصح بالابتعاد عن تناول المأكولات المنشطة ذهنياً التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، لأنها تحفّز على السهر، وأيضاً عن المشروبات التي تحتوي على كافيين.
خامساً: ممارسة الرياضة أو نشاطات لتعديل المزاج، وفرز هرمون السعادة القادر على مواجهة مشكلة الأرق.
وتعد الرياضة من الأساليب الحديثة التي تساعد الأشخاص في النوم، بحسب دراسة نشرتها مجلة "ذي ميرور" البريطانية، نقلاً عن جامعة تكساس سانت أوستن، والتي أفادت بأن ممارسة الرياضة قبل النوم تساعد الأشخاص في الحصول على نوم هادئ باعتبارها تحسّن المزاج الذي ينعكس بدوره على الدماغ وعلى مرحلة حركة العين السريعة وغير السريعة.
وتورد الدراسة أن حركة العين غير السريعة تحدث عموماً في النصف الأول من الليل، وتشير فقط إلى النقطة التي يسترخي فيها الجسم. وتذكر أن النشاط البدني يساعد في إمكانية استرخاء أعضاء الجسم، وبالتالي الدخول في مرحلة العين غير السريعة.
ووفق الدراسة يرتبط النشاط البدني المنتظم بمزيد من تحسين الحالة المزاجية، ما ينعكس على قدرة الدماغ على فرز هرمونات تساعد في النوم.
ويرى عاكوم أن "ممارسة الرياضة تساعد في شكل أساسي في النوم، فجميع أعضاء الجسم خلال الرياضة تكون في حالة حركة، وبالتالي تحتاج إلى هدوء وراحة. ومثلاً كانت السيدات قديماً يعتمدن على تشغيل أبنائهم وإلهائهم بنشاطات بدنية خلال النهار كي يحصلوا على نوم عميق ليلاً".
وتعتبر مشكلات الأرق من أكثر المشاكل الصحية التي قد يعاني منها الأفراد على الأقل مرة واحدة خلال حياتهم. وقد لا يصبح الأرق مشكلة إلا في حال تكرر فترات زمنية طويلة، وأثرّ في الحياة اليومية. عندها لا بدّ من زيارة أخصائي أو خبير متخصص للمساعدة في تقديم بعض التمارين التي تساعد في النوم.
ويوضح عاكوم أن "هذه التمارين تتضمن أليات معينة للتنفس والتأمل. وإذا فشلت يمكن استشارة طبيب للوقوف على احتمال وجود أسباب طبية تعيق حصول الأشخاص على نوم كافٍ، على غرار النقص في الفيتامينات والمعادن. وعلى سبيل المثال، يعتبر نقص فيتامين بي 12 عاملاً يؤدي إلى مشاكل في النوم، وقد يتسبب في مشاكل نفسية وحالات اكتئاب".
ووفق عاكوم ليست مشكلة الأرق أمراً بسيطاً، وتتطلب في مراحل عدة أن يتدخل الأطباء لمعرفة الأسباب ومعالجتها. وهل هي نفسية أو جسدية، ثم في حال لم يكن الشخص يعاني من مشاكل صحية أو نفسية تؤثر في نومه يمكن استخدام تقنيات مختلفة أو الاعتماد على برامج غذائية صحية والابتعاد عن المنبهات، أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو تعديل الإضاءة في الغرفة".