مقتل نورزان الشمري على يد شقيقها وأولاد عمها... جرائم العنف الأسري في العراق إلى ارتفاع
أثارت جريمة مقتل امرأة على يد شقيقها في بغداد، الأسبوع الماضي، ملف العنف الأسري في العراق، إذ ترتفع نسبة جرائم القتل في مختلف مدن ومحافظات البلاد، والتي تكون النساء ضحيتها.
ويرى مراقبون أنّ حالات العنف الأسري المتصاعدة في المجتمع باتت، وبمعدّل أسبوعي، تُسفر عن مقتل خمس حالات. إلّا أنّ ناشطات نسويات يقلن إنّ هذه الأرقام ليست دقيقة، لا سيما أنّ بعض حالات القتل تحدث في ظروف غامضة ولا يتم تسجيلها لدى السلطات الأمنية أو الصحية في البلاد، وتُسجّل عبر وساطات على أنها حوادث موت عادية، وتحديداً تلك التي يكون الزوج أو الأخ أو الأب فيها هو الجاني، وليس العكس.
من بين الجرائم التي هزّت العراق مقتل الشابة نورزان الشمري (20 عاماً) في حي الجادرية وسط العاصمة بغداد، الأسبوع الماضي، بآلات حادة. ولم تمنع كاميرات المراقبة ووجود قوات الأمن على مقربة من مسرح الجريمة، القتلة من ارتكاب جريمتهم.
وبعد يومين، أعلنت القوات العراقية القبض على المتورّط بجريمة قتل الشمري، ليتبين أنه شقيقها، وقد اعترف بتنفيذ جريمته بالتعاون مع أبناء عمومته، بسبب مشاكل عائلية. وبحسب بيان لوزارة الداخلية العراقية، السبت الماضي، فإنّ "شقيقها طعنها، وهو المتسبب الرئيسي في وفاتها بالتعاون مع اثنين من أولاد عمها".
ولا يملك العراق قانوناً للعنف الأسري، إذ تعارض قوى في البرلمان تمريره منذ سنوات بحجة أنه تقليد لقوانين غربية، ويعتمد على مواد تشريعية تسمح للزوج والأب بـ"تأديب الأبناء أو الزوجة من خلال الضرب ما دام لم يتجاوز حدود الشرع".
وتورد المادة الـ41 من قانون العقوبات أنّه "لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون". ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القصر، في وقت تلجأ الشرطة عادة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء "مصالحة" بين الطرفين في بعض الأحيان. وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.
ويؤكد ضابط من قيادة الشرطة المجتمعية العراقية "تنامي حالات القتل والتعذيب داخل الأسرة العراقية، لأسباب عدة منها البطالة والعوز الاقتصادي، وتعاطي المخدرات، وعدم الاحترام المتبادل بين الزوجين أو أفراد الأسرة، الأمر الذي يؤدي إلى تفجر المشاكل في معظم الأحيان، وتعرض بعض الأطراف للتعنيف الذي يؤدي إلى الموت".
يتابع الضابط في حديثه، لـ "العربي الجديد"، أنّ "معظم جرائم العنف الأسري التي تؤدي إلى الموت، يكون مخططاً لها من قبل الجاني، وهذا ما يعرف بالقانون بأنه جريمة مع سبق الإصرار، وهي مرحلة خطيرة تعصف بالمجتمع العراقي".
من جهتها، تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة، نور عبد الله العزاوي، إنّ "هناك ارتفاعاً بمعدلات الجرائم داخل الأسر، وذلك من خلال متابعتنا لملف العنف الأسري في العراق". وتعزو الأسباب إلى "غياب التفاهم الحاد بين الطرفين بسبب اختلاف وجهات النظر، أو طلب المرأة لحق العمل أو التنزه، بالإضافة إلى خيانة الزوج. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأسباب لا تدعو للقتل، لكن هذا ما يحدث حالياً في العراق".
وتشدد العزاوي، لـ "العربي الجديد"، على أنّ "هناك حاجة ماسة لإقرار قانون العنف الأسري بما يخدم الأسرة العراقية، ويضمن حقوق الزوجين في حال حدثت اعتداءات جسدية أو حتى لفظية".
وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، قد أبدى عزمه على تمرير قانون "العنف الأسري" بعدما أقرّه مجلس الوزراء ورفعه إلى مجلس النواب، علماً أنّ بنود القانون تحمي "الشرائح الضعيفة في المجتمع" مثل الأطفال والنساء، ويعاقب أيضاً الرجال الذين يمارسون العنف والضرب والقتل، علماً أنّ القانون كان قد أقرّ بعد سنوات من مطالبات منظمات محلية ودولية في ظلّ ارتفاع معدلات العنف الأسري، وصولاً إلى فترات الحجر المنزلي الذي فُرض لأشهر من أجل الوقاية من فيروس كورونا.
إلا أنّ السياسية العراقية شروق العبايجي، تقول، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نسخ قانون العنف الأسري موجودة لدى الحكومة العراقية والبرلمان، وهي جاهزة للتمرير والتعامل وفق بنوده بالتنسيق مع السلطات الأمنية والقضائية. لكن ما يمنع تمريره والعمل به وجود إرادة سياسية من قبل بعض الجهات والأحزاب الدينية، ولا سيما المتشددة دينياً، كونها ترى أن هذا القانون يؤدي إلى انحلال الأسرة العراقية".
وترى أطراف أخرى أن هذا القانون هو بداية لاستنساخ تجارب غربية لا تنسجم مع طبيعة المجتمع العراقي المحافظ والعشائري، مؤكدة أن "من دون قانون قوي يحكم في قضايا العنف الأسري، يعني أننا أمام مشاهد إجرامية جديدة".