جريحات عائلة بلاطة يصارعن في غزة من أجل البقاء

14 ديسمبر 2024
بترت ساق سجى اليسرى (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرضت عائلة بلاطة في دير البلح بقطاع غزة لقصف إسرائيلي أدى إلى استشهاد عدد من أفرادها وإصابة آخرين، مما زاد من معاناتهم في ظل الظروف الصحية الصعبة.
- تعاني العائلة من صعوبة في الحصول على العلاج بسبب إغلاق المعابر ومنع السفر، واضطرت لشراء الأدوية على نفقتها الخاصة رغم تدهور وضعها المادي.
- الحرب المستمرة دمرت أنظمة الرعاية الصحية في غزة، مع منع دخول الأدوية واستهداف العاملين، مما أدى إلى أزمة صحية حادة تتطلب نظامًا صحيًا قويًا.

تحولت خيمة النزوح التي تضم فلسطينيين من عائلة بلاطة، في غربي مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، إلى كتلة من اللهب بعدما استهدفتها الطائرات الحربية الإسرائيلية ليلاً ومن دون سابق إنذار، لتوقع أفرادها بين شهيد وجريح ومبتور الأطراف في ظل واقع صحي صعب يعيشه كل سكان القطاع منذ بدء العدوان.
تتجسد ملامح الألم على وجوه الشقيقات اللواتي أصبن بحروق وجروح متفاوتة من جراء القصف المباغت للخيمة، إلى جانب علامات الصدمة التي لا تفارق مخيلاتهن بعدما فقدن والدهن وشقيقهن، ليُتركن وحيدات إلى جانب والدتهن، يصارعن من أجل الشفاء ومواصلة البقاء.
وعلى الرغم من فظاعة الفاجعة التي ألمت بالأسرة التي نصبت خيمتها داخل المناطق التي تدعي قوات الاحتلال أنها "إنسانية آمنة"، إلا أن جرحاها لا يجدون العلاج المناسب، في حين أغلقت في وجوههن كل سبل النجاة بعد إغلاق معبر رفح البري مع مصر، ومنع الجرحى والمرضى من السفر لاستكمال البرامج العلاجية اللازمة.
تقول الأم سوزان حسونة إن أسرتها نزحت من مدينة غزة إلى مدينة رفح، جنوبي القطاع، في نهاية عام 2023، ثم اضطرت إلى الانتقال للعيش داخل خيمة في أحد شوارع مدينة دير البلح في المحافظة الوسطى بعد اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي المدينة، وتعرضت الخيمة في الثلاثين من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى استهداف مباشر من الطائرات الحربية الإسرائيلية، الأمر الذي تسبب باستشهاد زوجها وابنها بلال (13 سنة)، إلى جانب استشهاد شقيقها جهاد حسونة (34 سنة)، وزوجته أنسام (29 سنة)، وقد تركا أطفالهما الثلاثة زينب (ثلاث سنوات)، وحمزة (سبع سنوات)، وميرا (تسع سنوات)، أيتاماً ترعاهم خالتهم.
وتضيف حسونة لـ"العربي الجديد": "تسبب القصف في إصابة بناتي الأربعة بجروح وكسور متفاوتة. تعرضت ابنتي الكبيرة علا (22 سنة) إلى بتر ثلاثة أصابع في يدها اليمنى، فيما أصيبت ابنتي نور (17 سنة)، بشظايا في الظهر وجرح قطعي في اليد اليمنى تم على أثره تركيب البلاتين، إلى جانب شظايا في وجهها. أما ابنتي سجى (15 سنة)، فقد بترت ساقها اليسرى وتم تركيب بلاتين في يدها اليسرى نتيجة التهتك الشديد في الكوع، بينما تم تركيب البلاتين في القدم اليسرى لابنتي تالا (سبع سنوات)".

لم تنج تالا (7 سنوات) من القصف (العربي الجديد)
لم تنج تالا (7 سنوات) من القصف (العربي الجديد)

وتوضح أن أسرتها فوجئت بالقصف الإسرائيلي المباشر للخيمة، والذي وقع في الساعة الواحدة ليلاً، وأنها نجت من الموت أو الإصابة بأعجوبة رفقة اثنين من أبنائها، نظراً لوجودهم في الجهة الداخلية من الخيمة، بينما أصيب واستشهد بقية أفراد الأسرة الذين كانوا في الناحية المستهدفة بشكل مباشر. توضح: "حاولنا التسجيل للحصول على تحويلات طبية للعلاج في الخارج لإنقاذ بناتي، وعلى وجه التحديد سجى التي تعاني من تداعيات عملية البتر، لكن محاولاتنا باءت بالفشل نتيجة الإغلاق الإسرائيلي التام للمعابر، ومنع المرضى والجرحى من السفر على الرغم من الحاجة الماسة لاستكمال البروتوكولات العلاجية".
وتبين أن المستشفى أخبرها بانتهاء تدخلاته العلاجية وصرف الأدوية والمسكنات، والاكتفاء بالغيار على الجروح، الأمر الذي بات يدفع العائلة إلى شراء الأدوية والمسكنات على نفقتها الخاصة، رغم سوء وضعها المادي بعد استشهاد الأب الذي كان المعيل الأساسي للأسرة.
وتقول صاحبة الإصابة الأقسى سجى بلاطة، لـ"العربي الجديد"، إنها فوجئت بالقصف المباشر للخيمة التي كان من المفترض أنها في "منطقة آمنة"، والذي أسفر عن استشهاد والدها وشقيقها وخالها وزوجته. تضيف: "أعاني من حالة نفسية سيئة منذ فقدانهم، إلى جانب فقدان قدمي اليسرى بالكامل".

وحول تفاصيل إصابتها، توضح سجى أنه "بعد تعرض الخيمة للقصف، وإصابتي، جرى نقلي إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وفور وصولي تم تركيب البلاتين في قدمي من الأسفل إلى الأعلى. لكن نتيجة سوء حالة قدمي تقرر بترها من الأسفل، ثم جرى بتر الجزء العلوي، إضافة لإصابتي بتهتك في الكوع. أرقد على سرير الإصابة منذ خمسة أسابيع من دون القدرة على الحركة".
وخلال الحرب المستمرة، دمر الاحتلال الإسرائيلي أنظمة الرعاية الصحية في قطاع غزة بشكل شبه كامل، كما يمنع الأدوية والمستلزمات الطبية من الدخول إلى القطاع، ويكرر استهداف العاملين في القطاع الصحي، ما أدى إلى أزمة صحية واسعة النطاق، خصوصاً مع حاجة السكان، والغالبية العظمى منهم نازحون، إلى نظام صحي قوي يلبي مطالبهم في ظل الأزمات التي يعيشونها، والإصابات القاسية التي تحتاج إلى تدخلات جراحية ملحة.