تكرّرت جرائم اختطاف الأطفال في محافظة الرقة، شمالي سورية، في الآونة الأخيرة، وسط دعوات لدق ناقوس الخطر، وإيلاء الأهمية الكافية لهذه الظاهرة التي أخذت تستفحل في المجتمع وتقلق الأهالي.
وأحدث هذه الجرائم التي تغيب أي إحصائيات رسمية بشأنها، اختطاف رضيعة من قسم الحواضن في مستشفى التوليد بمدينة الرقة، الأحد الماضي، قبل إعلان قوى الأمن الداخلي "الأسايش" التابعة لـ"الإدارة الذاتية" المسيطرة على مدينة الرقة، مساء أمس الخميس، العثور عليها، وإلقاء القبض على المرأة التي اختطفتها.
وحدثت عملية الاختطاف، يوم الأحد الماضي، بينما ألقي القبض على المرأة التي اختطفت الرضيعة، الأربعاء، وأجريت فحوصات لها بإشراف قوى الأمن الداخلي، التي أصدرت، أمس الخميس، بيانها المتعلق بمعطيات جريمة الاختطاف.
وجاء في البيان الصادر عن "الأسايش" أنّ "قوى مكافحة الجريمة تابعت قضية الاختطاف، وشكّلت فريقاً مختصاً، وتتبعت سير الخاطفة بالتنسيق مع غرفة العمليات المركزية في الرقة، إذ رصدت الخاطفة بعد خروجها من مشفى التوليد، نحو الجهة الشرقية من المدينة، وبعدها سلكت طريق الرقة أبيض - أبيض".
وأردف البيان "بعد مراجعة أصحاب وسائل النقل التي استقلتها الخاطفة أثناء هروبها، جرى حصر المنطقة التي هربت إليها، في ريف مدينة دير الزور، كما جرى تحديد هويتها والمنزل الذي اختبأت به، وجرت مداهمة المكان من قبل مكافحة الجريمة، وإلقاء القبض على الخاطفة بعد أقل من 48 ساعة من عملية الخطف، وإعادة الرضيعة إلى ذويها وهي بصحة جيدة، بعد عرضها على أطباء عدة للاطمئنان على حالتها الصحية".
الناشط الإعلامي أسامة أبو عدي من مدينة الرقة، لفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ جرائم خطف الأطفال "طارئة على المجتمع ذي الطابع العشائري والقبلي في الرقة، وهي ظاهرة غريبة لم تكن موجودة خلال العقود الماضية، ولم تسجل أي حالات خطف أو قتل بالنسبة للأطفال في الرقة".
وتابع أبو عدي "ما بعد عام 2018، سجلت أول حالة خطف وقتل بحق الطفلة شهد الحاتم التي اختطفتها إحدى جارات أمها وقتلتها، وفي عام 2020، وقعت الحالة الثانية بحق الطفل ياسر الفارس، الذي قام أيضاً أحد أقربائه بقتله بطريقة وحشية تبعد الشبهة عنه، إذ قام بشنق الطفل بطريقة تظهر أنه أقدم على شنق نفسه بعد ضربه بأداة معدنية".
وأردف "هذا النوع من الحوادث بات مقلقاً لسكان الرقة، كونها تكررت خلال السنوات الثلاث الماضية، دون أن يُوضع حد لها، ودون وجود عقوبات صارمة".
مصدر حقوقي مطّلع على قانون العقوبات الخاص بـ"الإدارة الذاتية"، أوضح لـ"العربي الجديد"، أحكام الجنايات المتعلقة بالخطف والقتل، مبيّناً أنّ عقوبة القتل "قصداً" هي السجن من ثلاثة أعوام إلى 20 عاماً وفقاً للمادة 94. وأضاف أنّ العقوبة تُشدَّد إلى السجن المؤبّد إذا كان القتل مع سبق الإصرار أو الترصّد، وإذا حصل القتل باستخدام مادة سامة أو متفجرة وفقاً للمادة 97.
وتابع المصدر الحقوقي أنّ من يخطف بالصراع أو العنف أحد الأشخاص، ذكراً كان أو أنثى، بأيّ قصد، يُعاقَب بالسجن من ثلاثة أعوام إلى 15 عاماً، ولا تقلّ العقوبة عن خمسة أعوام إذا كان المعتدَى عليه قاصراً، أي لم يتمّ الثامنة عشرة عن عمره وفقاً للمادة 170.
وأكمل المصدر نفسه أنّ من خطف طفلاً دون السابعة من عمره، أو استبدل طفلاً بآخر، أو نسب طفلاً إلى امرأة لم تلده، عُوقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاثة أعوام، وذلك وفقاً للمادة 175. وأوضح أنّ العقوبة لا تقلّ عن عام واحد إذا كان الغرض من الجريمة أو كانت نتيجتها إزالة أو تحريف البيّنة المتعلقة بأحوال الطفل الشخصية، أو تدوين أحوال شخصية صورية في السجلات الرسمية.
من جهة أخرى، أكد مصدر خاص، لـ"العربي الجديد" في مدينة الرقة، أنّ والد الرضيعة التي اختُطفت خلف الحجي الدرويش، رفض الإدلاء بأي تفاصيل حول حادثة خطفها مكتفياً بطلب تحقيق العدالة، موضحاً أنّ الأمر "متعلّق بطبيعة المجتمع العشائري والقبلي في الرقة، نتيجة مخاوف من تطور الأحداث على خلفية عملية الاختطاف".
ووقعت عدة جرائم خطف وقتل لأطفال في مدينة الرقة، منها اختطاف وقتل الطفل خليل عبد الرزاق (6 أعوام) في مايو/ أيار 2020، وبعدها خطف وقتل الطفل ياسر الفارس نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وحادثة اختطاف الطفلة شهد العيسى في فبراير/ شباط 2021، وفي 17 إبريل/ نيسان اختطف سائق سيارة أجرة امرأة وطفليها وقتل المرأة وأحد الطفلين، بينما أصيب الطفل الآخر.