- شهادات عن جرائم قتل الأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك قصص عائلات فقدت أطفالها بشكل مأساوي، مثل عائلة صلوحة والطفل عز الدين أبو مراد.
- عدد الشهداء في غزة منذ بداية العدوان تجاوز 33 ألفًا، بما في ذلك نحو 13,800 طفل. هناك دعوات لمحاكمة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية، مع تأكيد على ضرورة توثيق الجرائم.
جنود الاحتلال أعدموا الطفل علي إسلام صلوحة (9 سنوات) أمام عائلته
وثّقت مؤسسات حقوقية شهادات حول إعدام عشرات الأطفال
أعدم جنود الاحتلال عدداً كبيراً من الرجال والنساء في غزة
يكرر الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ جرائم الإعدام الميداني مستهدفاً كافة الفئات العمرية في قطاع غزة، خصوصاً من يحاولون الفرار من المناطق التي فرض عليها الحصار، وتلك التي تكتظ بالنازحين، والتي تعرضت مؤخراً لاقتحامات مفاجئة، وكان آخرها مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة ومجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس. وأعدم جنود الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من الرجال والنساء في مناطق مختلفة من قطاع غزة، كما وثّقت مؤسسات حقوقية شهادات حول إعدام عشرات الأطفال أثناء محاولتهم البحث عن طرق آمنة للنزوح.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إعدام الجيش الإسرائيلي 13 طفلاً، عبر إطلاق النار المباشر في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في مدينة غزة خلال الاجتياح الأخير، قبل الإعلان عن الانسحاب، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ما يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويندرج في سياق جرائم القتل التي ترتكبها إسرائيل، تنفيذاً لجريمة الإبادة الجماعية التي تتواصل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورصد فريق المرصد الأورومتوسطي في بيان، إفادات وشهادات متطابقة بشأن جرائم إعدام وقتل بحق أطفال فلسطينيين تتراوح أعمارهم بين 4 و16 سنة، بعضهم أثناء محاصرتهم من قبل الجيش الإسرائيلي مع عوائلهم داخل المنازل، وآخرون خلال محاولتهم النزوح في مسارات حددها جيش الاحتلال مسبقاً بعد أن أجبرهم على النزوح، قبل أن يفاجئهم بالاستهداف المباشر.
وصُدمت عائلة صلوحة التي تسكن في محيط مجمع الشفاء الطبي من الجريمة التي نفذت بحق نجلها علي إسلام صلوحة (9 سنوات)، والذي أعدمه الإسرائيليون أمام أفراد من عائلته وعدد من سكان المنطقة أثناء محاولة النزوح من المنطقة التي كانت مكتظة بالنازحين من مناطق مختلفة من قطاع غزة.
ولم يكن الطفل صلوحة الوحيد الذي قتله جنود الاحتلال بالرصاص، بل كان يرافقه الطفل سعيد محمد شيخة (6 سنوات)، والذي قتل معه بشكلٍ متعمد. يقول محمود صلوحة، وهو أحد أفراد عائلة الطفل الشهيد الذين كانوا يتواجدون في المكان: "حاصرنا الاحتلال أسبوعاً كاملاً بعد بدء حملته العسكرية على مجمع الشفاء الطبي في 17 مارس/آذار الماضي، وحينها قررنا محاولة المغادرة، لكن عجزنا عن فعل ذلك، وكان معنا عدد من العائلات المقيمة في الشقق السكنية الواقعة خلف مجمع الشفاء، وكررنا المحاولة عدة مرات أملاً في إمكانية الوصول إلى مكان آمن، وكنا نسمع من بعض الناس أن الشوارع الخلفية آمنة، وأنه علينا الابتعاد عن الشوارع القريبة من المجمع".
يضيف صلوحة لـ"العربي الجديد"، من مدينة دير البلح حيث نزح أخيراً: "ظُهر يوم الأحد 24 مارس، كان جيش الاحتلال يكرر عبر مكبرات الصوت أن علينا إخلاء المنطقة وإلا سيتم قصف جميع المنازل فوق رؤوس المتواجدين فيها، علماً أنه في تلك اللحظة كانت هناك أصوات انفجارات، ثم نفذت قوات الاحتلال عمليات مداهمة واقتحام للمنازل، فقررنا البقاء في ظل عدم توفر ممر آمن للخروج، لكن بعد استمرار التهديدات في مكبرات الصوت، خرجنا رفقة عدد من الجيران، وسرنا على الأقدام وسط رعب كبير في الطرق التي حددها الاحتلال، وكانت هناك العديد من الجثث الملقاة على جوانب الطريق".
يتابع: "سرنا لمسافة قصيرة قبل أن نفاجأ بإعدام الطفلين اللذين كانا يسبقان العائلات بخطوات قليلة، ولم يكن علي وسعيد هما الشهيدين الوحيدين، فقد تم إعدام كثير من الأطفال، وسمعنا صراخهم لحظة إطلاق النار عليهم. كان التصويب باتجاه الأطفال مباشراً، وكان الرصاص يطلق من كل الاتجاهات بشكلٍ كثيف رغم علمهم بوجود الكثير من الأطفال، وملأت الدماء المكان، وشاهد والد عليّ (إسلام صلوحة) جريمة إعدام ابنه بعينيه، وحين حاول رفع الطفلين، عاود جنود الاحتلال إطلاق النار صوبه، وكان المشهد مؤلماً، إذ أجبر على متابعة السير وترك الطفلين غارقين بالدماء على الأرض".
وفي جريمة مماثلة، أعدمت قوات الاحتلال الطفل عز الدين أبو مراد (9 سنوات)، حين كان ينظر من شباك منزل مطل على شارع فرعي في محيط مجمع الشفاء الطبي، وكانت عائلته نازحة من شمالي القطاع للبقاء في منزل أقاربهم بمحيط المجمع، وأطلقت على الطفل عدة رصاصات أصابته، وأغرقت الحوائط بدمائه.
صُدمت عائلة الطفل أبو مراد بجريمة إعدامه التي كانت خالته سلام أبو مراد (35 سنة) شاهدة عليها، وتقول إن "الهدف من إطلاق النار كان قتل عز الدين، ولم يكن يعنيهم عمره، وهو ليس الشهيد الوحيد في العائلة، إذ استشهد شقيقي عماد (28 سنة) خلال محاولتنا النزوح، وأجبرنا على ترك جثمانه في الشارع، والكثيرون أجبروا مثلنا على النزوح تاركين خلفهم الكثير من الجثث".
تضيف سلام أبو مراد لـ"العربي الجديد": "عز الدين وثلاثة من شقيقاته نجوا من مجازر إسرائيلية عديدة في مخيم جباليا، وقد أصيب في ساقه بإحدى المجازر في شهر نوفمبر الماضي، وقد نزح معنا عدة مرات ليهرب من الموت إلى الموت. عز الدين ليس أول من أعدم بهذه الطريقة، فهناك الكثير من الأطفال الذين أعدموا أثناء حصار مجمع الشفاء، فضلاً عن عشرات المسنين والنساء، والجميع جرى قتلهم بلا رحمة".
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي الذي يدخل شهره السادس على التوالي، أعدم الاحتلال أعداداً كبيرة من الأطفال عبر القناصة التي كانت تستهدفهم بشكل مباشر، وفق ما رصدته مؤسسات حقوقية من خلال شهادات عدة، وكانت غالبية الإعدامات الموثقة في وسط مدينة غزة، وفي شرق المدينة، خصوصاً في حي الزيتون، ومن بينهم أطفال لم يتجاوز عمرهم السنتين، مثل الطفل هاني عزام الذي كان عمره 17 شهراً، ومن أشهرهم الشقيقان من عائلة بربخ اللذان كانا يحملان الراية البيضاء، وكان أحدهما الطفل ناهض بربخ (13 سنة)، وشقيقه رامز (20 سنة).
ووفق أحدث إحصائية لأعداد الشهداء في قطاع غزة، تجاوز العدد 33 ألفاً، من بينهم قرابة 13 ألفا و800 طفل شهيد، فضلاً عن وجود أكثر من 8 آلاف مفقود، غالبيتهم شهداء لا تزال جثامينهم تحت الأنقاض، ومن بينهم أكثر من 3 آلاف طفل.
وتوضح الحقوقية سارة أبو نعمة أن أطفال غزة تعرّضوا لجميع أشكال الجرائم الإسرائيلية التي وقعت على الكبار والنساء أيضاً، مثل الإعدام قنصاً، وقصف المنازل فوق رؤوسهم، أو قتلهم أثناء مرافقة ذويهم لإحضار المساعدات، فضلاً عن التعذيب والاعتقال.
تقول أبو نعمة لـ"العربي الجديد": "في عرف القانون الدولي، فإن عقوبة الإعدام غير عادلة في بعض الدول، ومن بينها إسرائيل التي تستخدم الإعدام الميداني رمياً بالرصاص، ومن دون أي صفة قانونية، وبالمخالفة للمواثيق الدولية الخاصة بحماية المدنيين. خطوة محاكمة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية حفزت العديد من المحامين للبدء في تجهيز قضايا لمحاسبة إسرائيل، والحصول على تأكيدات من منظمات حقوقية داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الأطفال باستمرار توثيق تلك الجرائم من أجل تقديمها ضمن ملفات تدين الاحتلال".