يثير صيد أصناف من الذئاب في محافظات الوسط التونسي جدلاً، بسبب مخاوف الجمعيات البيئية من تأثير القنص بالتوازن الإيكولوجي في المنطقة، بينما تتصاعد شكاوى المزارعين ومربي المواشي من أضرار كبيرة تخلّفها الذئاب والخنازير في محاصيل الأشجار المثمرة وقطعان الماشية.
ويشتكي سكان المناطق المتاخمة للجبال في محافظة القصرين (الوسط الغربي) من مهاجمة الذئاب لقطعان الأغنام وزرائب تربية الدواجن، مخلفة أضراراً كبيرة لصغار المربين الذين يوفرون رزقهم اليومي من رعي الحيوانات، مطالبين السلطات بالتدخل عبر تنظيم حملات صيد لقنص ما يصفونه بـ"الحيوانات الناهبة".
لكن هذه الحملات تجد معارضة من طرف الجمعيات البيئية، التي تخشى من انقراض الحيوانات التي تتعرض للصيد في غياب أي إحصائيات عن هذه الأصناف ونسب تكاثرها، ودورها في التوازن الإيكولوجي بالمنطقة.
وأصدرت الجمعية التونسيّة للحياة البرية، أخيراً، بياناً نددت فيه بحملات صيد الذئاب بمحافظة القصرين، معتبرة أن صيد هذا الصنف من الحيوانات "يمثل خطراً على وجودها، ويهدّدها بالانقراض".
واستنكرت الجمعية التونسية للحياة البرية اتفاق الجمعية الجهوية للصيد بالقصرين وإدارة الغابات بالقصرين على تنظيم بعض الحملات الإدارية لصيد الذئاب.
لكن رئيس الجمعية الجهوية للصيد بالقصرين، طارق الدخلاوي قال لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر لا يتعلّق بصيد الذئاب، ولكن بفصيلة أخرى تسمى "ابن آوى"، وهو يصنف من الحيوانات الناهبة التي تسبب ضرراً كبيراً لمربي الماشية".
وأفاد الدخلاوي بأنّ "تنظيم حملات الصيد لا يحصل عشوائياً، بل بالاتفاق مع إدارة الغابات التي تعاين الأضرار بناءً على شكاوى يقدمها المواطنون"، مشيراً إلى أن "عملية القنص عادة ما تكون مقيّدة بشروط وتحت مراقبة مصالح الغابات التي تحدد عدد الصيادين المشاركين وطرق التدخل".
وبيّن رئيس جمعية الصيادين أن "حملات الصيد لمختلف الأصناف تجري وفق القوانين، وبعد الحصول على التراخيص اللازمة من السلط الجهوية"، موضحاً أن "من مصلحة الصيادين أيضاً الحفاظ على التنوع الإيكولوجي في تلك المناطق".
غير أنه استدرك، موضحاً أن حجم الأضرار التي تخلفها "الحيوانات الناهبة"، ومنها أساساً ابن آوى والخنازير، غالباً ما تتطلب التدخل للحدّ من خطورتها على أرزاق المواطنين الذين يعيشون من نشاط الرعي وتربية الأغنام وغرس الأشجار المثمرة.
وأوضح المتحدث أن صيد ابن آوى "عادة قديمة جداً في تلك المنطقة"، وأن هذه الأصناف موجودة وتتكاثر في المنطقة "بشكل طبيعي".
لكن جمعية الحياة البرية قالت إن الدراسات الجينية، التي أجريت في عام 2015، كشفت وجود الذئب الذهبي في تونس وشمال أفريقيا، لا ابن آوى، كما هو متداول قديماً. وأكدت أنها ستبادر بإبلاغ السلطات المعنية بكل هذه المعلومات، وستساهم استناداً إلى خبرتها ومعرفتها بالتنوع البيولوجي في إيجاد بدائل لممارسات الصيد غير المدروسة.