جدري "إم بوكس" يؤرّق منظمة الصحة العالمية.. هل تعلن حالة الطوارئ؟

08 اغسطس 2024
في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث يتفشّى جدري "إم بوكس"، 8 أغسطس 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، استدعى لجنة خبراء لتقديم المشورة بشأن إعلان جدري "إم بوكس" حالة طوارئ صحية عامة بعد تزايد تفشي الفيروس في أفريقيا، خصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
- حالة الطوارئ الصحية العامة تُعَدّ أعلى مستوى تأهب على مقياس منظمة الصحة العالمية، وقد أُعلنت سابقاً في يوليو 2022، لكن في مايو 2023، أُعلن أن الفيروس لم يعد يمثل حالة طوارئ صحية عالمية.
- شهدت أفريقيا ارتفاعاً بنسبة 160% في الإصابات بجدري "إم بوكس" في عام 2023، مع تسجيل حالات في عشر دول أفريقية، وكانت جمهورية الكونغو الديمقراطية الأكثر تضرراً.

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أنّه استدعى بصورة طارئة لجنة خبراء من أجل تقديم المشورة بشأن ما إذا كان ينبغي إعلان جدري "إم بوكس" حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً، بعد تزايد تفشّي الفيروس الذي يسبّبه في أفريقيا. وكانت الإصابات بجدري "إم بوكس"، الذي كان يُعرَف سابقاً باسم جدري القرود، قد راحت تتزايد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ سبتمبر/ أيلول 2023، بعد انتشار سلالة من الفيروس رُصِدَت أخيراً في بلدان أفريقية مجاورة.

وأفاد غيبريسوس، في مؤتمر صحافي، مساء أمس الأربعاء، أنّ لجنة الطوارئ سوف تجتمع "في أقرب وقت ممكن"، وهي تتألّف من "خبراء مستقلين من مجموعة تخصّصات مختلفة من كلّ أنحاء العالم"، وتقدّم المشورة للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية بشأن إعلان تفشّي فيروس "إم بوكس" حالة طوارئ أم لا، ولا سيّما مع تفشّي فيروس "إم بوكس" في خارج جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذلك "احتمال انتشاره على المستوى العالمي".

حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً

وتُعَدّ حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً أعلى مستوى تأهّب/ إنذار على مقياس منظمة الصحة العالمية في تعاملها مع تفشّي مرض ما على مستوى العالم. وكانت المنظمة قد أعلنت قبل نحو عامَين، في 23 يوليو/ تموز 2022، أنّ ازدياد الإصابات بجدري "إم بوكس" صار يمثّل حالة الطوارئ هذه، وذلك بعدما أجرى خبراء مراجعة للوضع خلال جلسة عقدتها لجنة طوارئ. وبعد نحو عشرة أشهر، في 11 مايو/ أيار 2023، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ جدري "إم بوكس" لم يعد يمثّل حالة طوارئ صحية تثير قلقاً عالمياً، وذلك بعد عام تقريباً على بدء تفشّي الفيروس المسبّب لهذا المرض.

وكانت شروط هذا الإعلان قد حُدّدت في "قواعد الصحة الدولية 2015"، وهو إطار العمل القانوني الذي يحدّد الحقوق والواجبات للتعامل مع الأحداث المرتبطة بالصحة العامة التي قد تكون عابرة للحدود. وتُعرَّف حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقاً عالمياً، في هذه القواعد، بأنّها "حدث استثنائي يُحدَّد بأنّه يشكّل خطراً على الصحة العامة بالنسبة إلى دول أخرى عبر الانتشار الدولي للمرض، ويستدعي في نهاية المطاف استجابة دولية منسّقة". ويدلّ التعريف على أنّ الوضع خطر وغير معهود أو متوقّع، ويحمل تداعيات على الصحة العامة تتجاوز حدود البلد المتأثّر به، وقد يستدعي تحرّكاً عالمياً فورياً.

ويمكن لغيبريسوس، بصفته المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أن يعلن حالة الطوارئ هذه بناءً على مشورة لجنة من الخبراء في هذا المجال. وكانت المنظمة قد راحت تستخدم، ابتداءً من 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، مصطلح "إم بوكس" بدلاً من "جدري القرود"، وحثّت الجميع على حذو حذوها بعد تلقّي شكاوى من أنّ المستخدَم ينطوي على عنصرية ووصمة عار.

جدري "إم بوكس" يتزايد 160% في أفريقيا

وقبل أسبوع، في الأول من أغسطس/ آب الجاري، قال مسؤولو صحة أفارقة إنّ الإصابات بجدري "إم بوكس" ارتفعت بنسبة 160% في عام 2023 الماضي، محذّرين من خطر انتشار المرض نظراً إلى عدم توفّر علاجات أو لقاحات فعّالة في القارة الأفريقية. وذكر مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا، في تقرير أخير، أنّ فيروس "إم بوكس" رُصد في عشر دول أفريقية هذا العام، وكانت بوروندي ورواند من بين الدول الأولى التي أعلنت ذلك. وقد تبعتها جمهورية أفريقيا الوسطى وكينيا وغيرهما.

لكنّ مسؤولي الصحة الأفارقة أوضحوا أنّ بين أكثر من 14 حالة جدري "إم بوكس" أُبلغ بها مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا، وصلت نسبة الإصابات والوفيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى 96%. وفي وقت سابق من هذا العام، أبلغ خبراء عن ظهور سلالة جديدة من فيروس "إم بوكس" في بلدة تعدين بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وعبّروا عن خشيتهم من انتشارها بسهولة بين السكان.

وبحسب المعطيات المتوفّرة أخيراً، فإنّ السلالة الجديدة من فيروس "إم بوكس" التي رُصدت في جمهورية الكونغو الديمقراطية قادرة على قتل نحو 10% من المصابين بالمرض. وأشار مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا إلى أنّ الشخصَين اللذَين ثبتت إصابتهما بجدري "إم بوكس" في رواندا كانا في جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل أن تظهر نتائج الاختبارات. وبيّن المركز أنّ نسبة الوفيات بفيروس "إم بوكس"، البالغة نحو 3%، "أعلى بكثير في القارة الأفريقية مقارنة ببقية العالم". يُذكر أنّ في خلال الموجة السابقة التي أُعلن في خلالها جدري "إم بوكس" حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً في عام 2022، لقي أقلّ من 1% من المصابين بالعدوى حتفهم.

الكونغو الديمقراطية الأولى في تفشّي جدري "إم بوكس"

ويُعَدّ جدري "إم بوكس" مرضاً معدياً يسبّبه فيروس ينتقل إلى الإنسان عن طريق حيوانات مصابة، ومن الممكن أن ينتقل كذلك من إنسان إلى آخر من خلال اتصال جسدي وثيق. يُذكر أنّ في الحالات المسجّلة في الموجة السابقة (2022-2023) بمعظمها، كان المرضى من الذكور مثليّي الجنس ومن فئة الشباب نسبياً ويعيشون بصورة رئيسية في المدن، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية. كذلك فإنّ جدري "إم بوكس"، الذي اكتُشف لدى البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية، أقلّ خطورة وعدوى من الجدري الذي قُضي عليه في عام 1980.

ولفت غيبريسوس إلى أنّ جمهورية الكونغو الديمقراطية شهدت في هذا العام تفشياً كبيراً لفيروس "إم بوكس"، إذ أُبلغ عن أكثر من 14 ألف إصابة و511 وفاة. وفي حين ينتشر الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عقود، فإنّ عدد الإصابات به في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 يأتي مشابهاً للعدد المسجل في عام 2023 بأكمله. وقد توسّعت رقعة انتشار "إم بوكس"، في البلاد التي تُعَدّ ثاني أكبر دولة في أفريقيا، لتبلغ مناطق لم تشهد إصابات في السابق. وتابع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنّ في شهر يوليو/ تموز الماضي، أُبلغ عن نحو 50 إصابة مؤكّدة بجدري "إم بوكس" في جمهورية الكونغو الديمقراطية، واشتُبه بإصابات أخرى في أربع دول مجاورة لم تبلّغ في السابق عن إصابات بالفيروس وهي بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا.

(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون