قبل أيام، تقدّم طلاب عرب في جامعة تل أبيب بطلب لإقامة ندوة حقوقية، تحت عنوان "حقوق الطالب الجامعي ولجان الطاعة"، لكنّ طلب "الجبهة الطلابية" قوبل بالرفض من قبل عميدة الطلاب التي علّلت ذلك بنقص في العناصر الأمنية الموكلة بحماية الجامعة.
ورأت "الجبهة الطلابية" أنّ قرار منع الندوة "يمسّ حرية التعبير"، وصنّفته في إطار "المحاولات المستمرة للتضييق على العمل السياسي الطلابي، وملاحقة سياسية لكلّ القوى اليسارية والقوى المناهضة للحرب، واعتداءً على ما تبقّى من الحيّز الديمقراطي في الجامعة".
وأضافت الجبهة، في بيان أصدرته قبل ثلاثة أيام: "نحن نرفض ونستنكر بشدّة هذا التعامل من قبل إدارة الجامعة التي تحاول كتم صوتنا وترهيبنا والتضييق علينا، ونعدّه مساً سافِراً بحقّنا في العمل لمصلحة طلابنا"، ومشاركتهم "همومهم وقضاياهم، تحديداً في ظلّ هذه الظروف والأجواء القاتمة والمشحونة في الحرم الجامعي وخارجه".
وقد قدّمت "الجبهة الطلابية" في جامعة تل أبيب "استئنافاً على هذا القرار"، وأوضحت "نحن مصرّون على إقامة فعاليتنا. لن تردعنا ولن تخيفنا هذه المحاولات، وسنستمرّ في العمل لمصلحة طلابنا، وفقاً لرؤيتنا وبرنامجنا وطرحنا السياسي".
بالنسبة إلى الطلاب العرب، فإنّ جامعة تل أبيب تحاول تقديم حجج لتبرير قرارها المجحف المخالف لما تروّج له، وهو أنّها "جسم ديمقراطي". وتخبر الطالبة ألين نصرة، العضو في "الجبهة الطلابية"، أنّ الندوة التي تتعلق بحقوق الطالب كانت سوف تُقام يوم الأربعاء المقبل 31 يناير/ كانون الثاني الجاري، بمشاركة محامية، لكنّ العميدة رفضت طلبهم. وتصف نصرة السبب بأنّه "سطحي"، متسائلةً "هل نحن في حاجة إلى عناصر أمن لمحاضرة عن حقوق الطالب في الأساس؟".
وتؤكد نصرة أنّ قرار الرفض "مجحف جداً في حقّنا كجبهة طلابية في الجامعة، وغير عادل". وتشير إلى أنّ "قبل استئناف الدراسة الجامعية، كان قرار بعدم القيام بأيّ أنشطة طلابية في الأسابيع الثلاثة الأولى. ونحن، بعد مرور الأسبوع الرابع، قرّرنا إقامة ندوة". وإذ ترى ردّ الجامعة أنّه "غير منطقي وهو مجرّد حجّة حتى لا نقيم ندوة عن حقوق الطالب"، تضيف "توجّهنا إلى جمعية حقوق المواطن لتقديم استئناف على القرار، بخطوات عملية. فنحن نتحدّث عن ندوة للطلاب العرب في عامهم الجامعي الأول حتى يتعرّفوا إلى حقوقهم".
من جهتها، تصف العضو في سكرتاريا "الجبهة الطلابية" سلافة مخول قرار جامعة تل أبيب بأنّه "متخاذل". وتضيف أنّ "في حين تعلن الجامعة أنّها جسم ديمقراطي وليبرالي، فإنّها عمدت إلى إسكاتنا ومنعنا" في أوّل نشاط يتضمّن شقاً سياسياً. وتتابع مخول: "أقلّ ما يمكن قوله إنّنا لن نسكت، وسوف نحاول التحرّك بكلّ الطرق القانونية. فنحن نقدّم للطلاب معلومات من حقّهم، يحتاجونها في الملاحقات السياسية التي تطاول الطلاب العرب". وتشدّد: "حقّنا أن نعرف ما هو حقّنا".
وتلفت مخول أنّ "لقرار المنع الذي اتّخذته الجامعة، أسباباً أعمق. ونحن لسنا الوحيدين الذين نُمنَع من الكلام. الجامعة تدّعي أنّ لا عناصر أمن كفاية، لكنّ ثمّة أموراً أعمق من ذلك". وتتساءل: "لماذا لا تريد الجامعة أن ننتظم ولا أن يعرف الطلاب عنّا؟ لماذا تمنعني الجامعة من الحديث عن أمور سياسية؟".
وفي هذا الإطار، أفادت جمعية حقوق المواطن، في بيان أصدرته أمس السبت، أنّ قرار جامعة تل أبيب منع "الجبهة الطلابية" من عقد ندوة حقوقية تتناول لجان الطاعة في الجامعات، هو تأكيد للسياسة العامة التي تنتهجها الجامعة منذ بداية العام الجامعي الجاري بمنع نشاطات الكتل الطلابية.
وشرحت جمعية حقوق المواطن أنّها توجّهت إلى نائب رئيس جامعة تل أبيب إيال زيسر بطلب استئناف على قرار رفض إقامة "الجبهة الطلابية" ندوة في الحرم الجامعي في نهاية الشهر الجاري، بحجّة عدم توفّر عناصر أمن كفاية، بسبب طلبهم للخدمة الاحتياطية، مع الإشارة إلى أنّه لن يُصار إلى التصديق على أيّ أنشطة في الأسابيع القريبة إلا في حال كانت ضرورية وملحّة.
يُذكر أنّ الندوة موضوع السجال كانت سوف تُقام في قاعة مغلقة، وبمشاركة عدد محدود من الطلاب، نحو 60 طالباً، وبالتالي فإنّ مثل هذا النشاط لا يمثّل بالتأكيد عبئاً إضافياً خاصاً على عناصر وحدة أمن الجامعة.
وفي طلب الاستئناف، شدّدت المحاميتان غدير نقولا وطال حاسين على أنّ ندوة عن حقوق الطالب في مؤسسات التعليم العالي مع التركيز على لجان الطاعة هي مسألة ملحّة وضرورية للطلاب عموماً، والطلاب العرب خصوصاً، بسبب الملاحقة المستمرّة لمنشوراتهم وتصريحاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، واستدعائهم المتكرّر إلى لجان الطاعة.
ورأت المحاميتان أنّ قرار عميدة الطلاب عدم السماح بإقامة الندوة يمسّ بصورة خطرة بحقّ الطالب الدستوري في التعبير، ويخلّ بالتزامات الجامعة تجاههم، من ضمنها معاملتهم بمساواة. وأضافتا أنّ ادّعاء عميدة الطلاب بأنّ هذا النشاط ليس عاجلاً ولا ملحاً أمر مؤسف ويثير الغضب، إذ إنّها على علم ودراية تامَين بما يتعرّض له الطلاب العرب من ملاحقات واضطهاد بسبب ما ينشرونه على شبكات التواصل الاجتماعي، واستدعاء عشرات منهم للمثول أمام لجان الطاعة، لذا فإنّ نشر المعلومات المتعلقة بحقّ الطالب في التعبير والتعامل مع الإجراءات التأديبية هو أمر عاجل وضروري.
وتابعت المحاميتان نقولا وحاسين أنّ الأسباب المذكورة في الرفض تشير إلى سياسة شاملة لدى الجامعة لمنع الأنشطة العامة التي تأتي بمبادرة من الكتل الطلابية في حرمها، من دون أيّ إشارة تتعلق بطبيعة النشاط العام الذي تُطلَب الموافقة عليه. ولفتتا إلى أنّ نائب مدير جامعة تل أبيب كان قد أفاد، في رسالته التي وجّهها إلى الطلاب قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد (10 ديسمبر/ كانون الأول 2023)، بأنّه "سوف نسمح، في الفصل الدراسي الأول، بإقامة الأنشطة العامة التي تنظّمها سلطات الجامعة أو نقابة الطلاب في الحرم الجامعي فقط"، لكنّه أوضح في وضع لاحق أنّ الجامعة لم تحظر ولا تنوي أن تحظر نشاط الكتل الطلابية في الحرم الجامعي.