أمضى نحو 200 لاجئ ليلتهم الخامسة في العراء أمام مقرّ فرع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مدينة جرجيس بمحافظة مدنين جنوب شرقي تونس، احتجاجاً على سوء أوضاعهم وتخلّي المنظمات الراعية لهم عن مسؤولياتها في توفير المبيت ومتطلبات العيش الدنيا لهم.
ومنذ الأسبوع الماضي، دخل اللاجئون في تحرّك احتجاجي مطالبين بترحيلهم إلى دول أخرى، نتيجة عدم قدرتهم على مواصلة العيش في الظروف الصعبة في هذه البلاد، بحسب وصف كثيرين منهم.
ويأمل اللاجئون المعتصمون أمام مقرّ المفوضية أن ينهي تحرّكهم الاحتجاجي مظالم عاشوها على مدى أكثر من خمسة أعوام، بحسب المتحدث باسمهم أحمد آدم. ويقول آدم لـ"العربي الجديد" إنّ "المفوضية أخرجت نحو 200 لاجئ من المبيتات التي كانوا يسكنون فيها عن طريق الإيجار، وطلبت منهم الاكتفاء بالحصول على منحة اللجوء وقيمتها 250 ديناراً تونسياً (نحو 87 دولاراً أميركياً) شهرياً.
ويتحدّث آدم عن "انتهاكات وتنكيل" يتعرّضون لها، لافتاً إلى أنّه أخيراً "أُخرجنا من المبيتات بالقوة وألقت المفوضية بأسر بأكملها في الشارع، بمن في ذلك تلك التي تضمّ أطفالاً". ويؤكد أنّ "وضع اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس صعب جداً، على الرغم من أن سلطات البلاد تبذل جهداً لتقديم المساعدة".
ويشير آدم إلى أنّ "المعتصمين بمعظمهم يحملون صفة لاجئ أو طالب لجوء، غير أنّهم لا يحصلون على الحقوق التي يحصل عليها اللاجئون في دول أخرى"، متّهماً المفوضية وشركاءها من باقي المنظمات بـ"التقصير".
ويوضح آدم أنّ "اللاجئين الذين يقضون ليلهم في العراء، من بينهم أطفال ومسنّون ومرضى، وهم من سبع جنسيات مختلفة أفريقية وعربية"، مطالباً بـ"إنهاء معاناتهم وترحيلهم من تونس إلى دول أخرى تحترم فيها المنظمات حقوق اللاجئين وتقدّم لهم الرعاية اللازمة". ويحمّل آدم مسؤولية سوء أوضاعهم إلى المفوضيّة الأممية وشركائها، منتقداً البطء الكبير في دراسة ملفاتهم وتسوية أوضاع طالبي اللجوء.
ومنذ نهاية عام 2021، توقّعت المنظمات الراعية للاجئين في تونس عاماً مقبلاً صعباً، تحت ضغط إجراءات التقشّف التي من المرجّح تنفيذها رغماً عنها، بسبب نقص التمويل، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مساندة هذه المنظمات التي بات حضورها مهمّاً في البلاد، استناداً إلى تجارب السنوات الأخيرة.
وكان المدير التنفيذي للمجلس التونسي لللاجئين عبد الرزاق الكريمي قد صرّح لـ"العربي الجديد" في وقت سابق بأنّ "المجلس سوف يكتفي في عام 2022 بتقديم مساعدات وتدخّلات إنسانية لمصلحة اللاجئين وجزء من طالبي اللجوء من بين الأشخاص المصنّفين من ضمن الفئات الهشّة أو من الذين سوف يحصلون على لجوء قريباً. بالتالي سوف يستغني عن البرامج الموجّهة إلى المهاجرين والجزء الباقي من طالبي اللجوء". وقد أكّد أنّ "هذا ليس خياراً للمنظمات، بل أمر سوف تُجبَر على القيام به بسبب قلّة الإمكانات المادية وزيادة احتياجات التدخل".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد طلبات اللجوء في تونس تضاعفت خمس مرّات منذ يناير/كانون الثاني من عام 2019، والشهر ذاته من العام الجاري، إذ كان يسجّل 1245 وقد وصل أخيراً إلى نحو تسعة آلاف.