تونس: غضب أولياء طلاب المدارس الحكومية من تداعيات أزمة المعلمين

26 يناير 2023
أساتذة المدارس الابتدائية يحتجون للمطالبة بحقوقهم وترسيمهم (ياسين محجوب/Getty)
+ الخط -

تسود حالة من الاستياء في صفوف أولياء تلاميذ المدارس الحكومية بتونس، بسبب عدم الحصول على نقاط أبنائهم خلال الثلث الأول من السنة، تنفيذاً لقرار من نقابة التعليم الأساسي التي قررت حجب كشوف النقاط، احتجاجاً على عدم تنفيذ وزارة التربية لاتفاقيات سابقة.

ولم يتمكن أولياء طلاب المدارس الحكومية من الاطلاع على نتائج الاختبارات التي أجراها أبناؤهم في مختلف المواد، ما حرمهم تقييم مكتسباتهم التعليمية.

وبسبب الأزمة المتواصلة بين نقابة مدرسي المرحلة الابتدائية والوزارة، استجاب المدرسون لدعوة جامعتهم التي طلبت عدم تسليم النقاط وكشوف الاختبارات لإدارات المدارس خلال الثلث الأول من السنة، مع التلويح بالتصعيد بمقاطعة الامتحانات المقبلة.

وتقول منية طعم الله، التي يدرس ابنها بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي بمدرسة حكومية بحيّ الانطلاقة (حيّ شعبي) في العاصمة تونس، إنها "تشعر بمرارة كبيرة من حرمان ابنها كشف النقاط بعد مجهود كبير بذلته لتحسين مكتسباته خلال الثلث الأول من السنة".

وتضيف لـ"العربي الجديد" "أنّ انطباعاً سيئاً يتكون لدى ابنها حديث العهد بالدراسة، من ظروف الدراسة في المؤسسات الحكومية، ولا سيما أنه كان من بين الطلاب الذين تأخر التحاقهم بمقاعد الدراسة بأكثر من شهرين بداية العام الدراسي لعدم توافر مدرسين".

وتعتبر طعم الله "أن أبناء الفقراء وأصحاب المداخيل الضعيفة يدفعون غالياً ثمن تراجع جودة التعليم الحكومي، بينما يحظى أبناء الميسورين الذين يدرسون في التعليم الخاص بظروف دراسة أفضل بكثير".

والاثنين الماضي، أعلنت نقابة مدرسي المرحلة الأساسية تمديد احتجاجاتها، مُعلنة مقاطعة الامتحانات للثلث الثاني من العام الدراسي، في خطوة تصعيدية جديدة بعد تعثر مفاوضاتها مع وزارة التربية.

وقالت نقابة التعليم الأساسي إن"الإجراءات الاحتجاجية ستستمر خلال الثلث الثاني من السنة الحالية، إذ ستجري مقاطعة الامتحانات التي تُجرى في مارس/ آذار القادم"، مُحمّلة وزير التربية فتحي السلاوتي، مسؤولية تأزم الوضع داخل القطاع وعدم تنفيذ اتفاقيات وقّعت لفائدة منظريه".

وقال الكاتب العام المساعد لجامعة التعليم الأساسي، إقبال العزابي، "إنّ النقابة اضطرت إلى خطوات تصعيدية ستنفذ خلال الثلث القادم من السنة الدراسية بسبب عدم التزام الوزارة تنفيذ التزاماتها التي تنص على ترسيم نحو 10 آلاف مدرس يعملون بصفة عون وقتي" .

وأكد العزابي في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، "أن اتفاقاً موقعاً بين النقابة ووزارة التربية منذ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي يقضي بترسيم المدرسين الذين يعملون بصفة "عون وقتي" في أجل أقصاه 30 من الشهر ذاته لم ينفذ إلى حد الآن" .

وحذّرت الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ من تداعيات ما وصفته بـ"العنف المعنوي الذي يتعرّض له التلاميذ بسب هضم حقوقهم في التربية والتعليم وبسبب ارتهان مستقبلهم وكرامتهم وحياتهم، إلى جانب ما يعيشه الولي دافع الضرائب من شعور بالظلم والإهانة والخوف والإحباط والإقصاء."

وقالت الجمعية في بيان لها، الأربعاء، إن "هذه الوضعية ستزيد حتماً في تدهور أداء المنظومة التربوية عموماً وهجرة المدرسة العمومية بالخصوص والتي لم تعد مصعداً اجتماعياً كما يدعي مسؤولون بسبب تواتر أزماتها وفقدانها لشروط الجودة والمجانية والعدالة الاجتماعية ومبدأ تساوي الفرص".

ويحمّل رئيس الجمعية رضا الزهروني، السلطة والنقابات، مسؤولية تشنّج الأوضاع داخل المؤسسات التعليمية وحالة الاستياء التي تجتاح أولياء التلاميذ بسبب حرمانهم كشوف نقاط أبنائهم.

ويقول الزهروني لـ"العربي الجديد": إن "هذه الأزمة ستعمّق جراح المدرسة العمومية وتكثف التهجير القسري للتلاميذ نحو التعليم الخاص"، مؤكداً أن "التوتر سيتحوّل إلى عنف قد ينفجر في أي لحظة ضد المسؤولين عن الوضعية الحالية".

ويؤكد في سياق متصل، "تنامي ظاهرتي العنف المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة، وخاصة ضمن الفئات الفقيرة بسبب تدهور القدرة الشرائية للأولياء".

وترى جمعية أولياء التلاميذ أن الحلول لأزمة المدرسة الحكومية، "تبقى رهينة الإرادة السياسة ومن مشمولات رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التنفيذية الذي يتمتع وحده بصلاحيات أخذ القرارات المناسبة لاحتواء هذه الملفات في أسرع الآجال".

المساهمون