تونس: عائلة من ذوي الإعاقة البصرية تواجه التنمر والاعتداء الجنسي

31 ديسمبر 2020
يتعرض للتنمر من وقت إلى آخر (أحمد الأطرش/ Getty)
+ الخط -

كان ذنب عائلة تونسية أنّ بعض أفرادها هم من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، ما جعلهم، وهم الأطفال، عرضة للتنمر والمضايقات. حتى أن الابن الأكبر (19 عاماً)، تعرّض لاعتداء جنسي 

تُواجه إحدى العائلات التونسية الكثير من التنمّر باعتبار أنّ أربعة من أفرادها هم من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. وما زاد من مأساة العائلة أخيراً تعرّض الابن الأكبر وائل (19 عاماً)، لاعتداء جنسي في حمام شعبي. ومنذ ذلك اليوم، انقلبت حياة العائلة رأساً على عقب.
تقطن العائلة في حي شعبي في منطقة العقبة (محافظة منوبة في تونس العاصمة). البيت متواضع ويحتوي على بعض الأثاث والأساسيات، ويعمل الأهل على تأمين احتياجات الأولاد. وتتحدث والدة وائل نبيهة القليبي عن رغبة العائلة في تغيير البيت والانتقال من الحي الذي تقطن فيه على أمل أن يكون أكثر أماناً لأطفالها بعدما أصبحت حياتهم مهددة. وتشير إلى أنه بالإضافة إلى التنمر والمضايقات المستمرة التي يتعرضون لها، تتوقع أن تزيد حدة التهديدات بعد تعرض ابنها لاعتداء جنسي أخيراً، وقد استغل شاب يعمل في الحمام إعاقة ابنها البصرية ليعتدي عليه. واليوم، يعيش وائل خوفاً مستمراً، بينما تشعر الأم بالقلق على أبنائها وتخشى من أن تكون هناك ردة فعل من عائلة الجاني خصوصاً بعد اعتقاله.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وتتحدث لـ"العربي الجديد"، عن حجم المضايقات التي تتعرض لها أسرتها. وعلى الرغم من كلّ الظروف الصعبة هذه، تضطر للذهاب إلى العمل وترك ابنها وائل بمفرده في البيت. وتخشى أن يصيبه مكروه في غيابها من دون أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها. وتشير إلى أنّها كلما تذكرت ما تعرض له ابنها داخل الحمام الشعبي تشعر بالألم. عندما تسير في الطريق تمسك بيد ابنتها الصغيرة بشدة خوفاً عليها.
وتذكر أنّه في إحدى المرات كان أولادها يلعبون الكرة في البيت، فدخلت مجموعة من الأطفال وأخذت الكرة مستغلة الإعاقة البصرية للعائلة. وتشير إلى أنّ هذه الحادثة أثرت فيها كثيراً. مع ذلك، لم تفرط بحق أطفالها وظلت تبحث عن الفاعل إلى أن استعادت الكرة بمساعدة بعض الأطفال. المضايقات لم تقف عند هذا الحد، ففي إحدى المرات وقبيل عيد الأضحى، كان وائل يتجول في السوق حيث تباع الأضاحي وقد حمل معه حبلاً. فعمد شاب إلى أخذ الحبل وربطه في إحدى النوافذ. وبقي على هذه الحال ساعات إلى أن مرّ أحدهم وصدم بما رآه وسارع إلى فك الحبل الذي كان قد لُفّ حول رقبته. وتشير إلى أنّها لن تسامح الشاب الذي ارتكب هذا الفعل.
ولا تقف المضايقات عند هذا الحد، إذ يستغلّ البعض الإعاقة البصرية للأسرة للطرق على الباب ثم الفرار، أو الاقتراب من النافذة ونعتهم ببعض الألفاظ الجارحة، إلى درجة اعتياد العائلة عليها. وفي مقابل كلّ هذه المضايقات، وجدت العائلة من يساعدها ويقف إلى جانبها، خصوصاً بعد حادثة الاعتداء الجنسي.
من جهته، يكشف الأب، ويدعى ناجي كرفاعي، أنّ وائل لديه إعاقة حركية أيضاً، لافتاً إلى أنّ غالبية الجمعيات التي قصدها كانت تقبل باستقباله في البداية، ثم ترفضه مبررة الأمر بعدم تخصصها في مثل هذه الحالات. يضيف أنّ ابنه يعيش في عزلة اليوم وليس لديه أيّ عمل، مضيفاً أنّ غالبية الجمعيات ترفض المساعدة، وتحاول التملص من الاهتمام به، ما زاد من عزلته، مشيراً إلى أنّ إمكانات الأسرة ضعيفة.
منذ وقوع الحادث الأخير، تغير وائل كثيراً وأصبح أكثر عصبية ويميل إلى العزلة والنوم، وبالكاد يتناول الطعام. وما يزيد من معاناته أنّه لا يعبر عن مشاعره. ويتمنى أن يتمكن ابنه من تعلّم أي حرفة تساعده في الخروج من أزمته، هو الذي أمضى معظم وقته في البيت من دون القيام بأيّ نشاط يذكر، مشيراً إلى أنّ إمكانات الأسرة لا تسمح لها بزيارة طبيب نفسي.
يتابع الأب أنّه ليس لدى وائل أصدقاء باستثناء شقيقته المكفوفة التي تقيم في مبيت وتزورهم فقط في نهاية الأسبوع. وعادة ما يخبرها وائل بما يضايقه ويتحدث معها عن مشاكله، وقد كانت أول شخص يروي له حادثة الاعتداء الجنسي من دون أن يكون قد فهم فعلاً حقيقة ما تعرض له.
وقررت النيابة العامة في المحكمة الابتدائية في تونس سجن المعتدي وعرض المعتدى عليه على طبيب شرعي وآخر نفسي، ليظهر التقرير الطبي تعرضه لضرر جسدي ونفسي عميق. يشار إلى أنّ الجاني من أصحاب السوابق، وقد اعتدى جنسياً على مسنة في عام 2016، كما ارتكب غيرها من الجرائم.

ويقدر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس بـ250 ألفاً. ورغم أن القانون رقم 83 الصادر عام 2005 أقر بمسؤولة  الدولة والمجتمع في حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أنهم ما زالوا يعانون بسبب التهميش والإقصاء، بالإضافة إلى التمييز والنظرة الدونية في الكثير من الأحيان.

المساهمون