انطلق اليوم الجمعة عشرات البحارة من مدينة جرجيس جنوب شرق تونس في عملية تمشيط بحري واسعة، بحثاً عن مفقودين من أبناء جهتهم كانوا قد ركبوا قارب هجرة سرياً منذ أسبوعين، قبل أن تنقطع أخبارهم بعد نحو ساعة من انطلاق المركب.
وأعلن عشرات البحارة من الجهة تطوعهم للبحث عن ناجين أو جثث مفقودين من مركب الهجرة الذي انطلق من سواحل المنطقة وعلى متنه نحو 18 راكباً. وتقررت عملية التمشيط الواسعة للبحر بعد إخراج جثتين لامرأة ورضيع طفتا يوم الأربعاء الماضي.
وتمكنت عائلة الضحيتين من التعرف إلى الجثتين بعد التقاطهما من البحر عن طريق الملابس وإحدى الأساور التي كانت تلبسها الشابة التي ظهرت جثتها في منطقة أغرير بجزيرة جربة.
وتعيش مدينة جرجيس الساحلية منذ أسبوعين حالة حزن بعد اختفاء قارب على متنه 18 مهاجراً من أبناء المنطقة كانوا ينوون الوصول إلى إيطاليا في رحلة هجرة سرية قبل أن ينقطع الاتصال بهم بعد مدة وجيزة من الإبحار.
كذلك بدأ عدد من الأهالي عملية تمشيط على طول شواطئ المنطقة عبر عربات "الكواد" القادرة على السير على الرمال بينما تكفّل متطوعون آخرون من باقي مدن المحافظة بتوفير وصولات الوقود لمساعدة أصحاب العربات والقوارب على المشاركة في عملية التمشيط .
وقال مروان، وهو أحد المشاركين في عملية التمشيط البحرية، إن المبادرة انتظمت من جمعية البحار التنموية البيئية بجرجيس، حيث انطلقت مراكب صيد ميناء الصيد البحري في عملية تمشيط. وأكد في حديثه لـ "العربي الجديد" أن عمليات تمشيط سابقة انتظمت بمبادرات من البحارة والصيادين في الجهة غير أنها لم تكن بالكثافة ذاتها، مرجحاً العثور على مفقودين جدد اليوم.
وأشار إلى أن أصحاب القواعد البحرية السياحية والعديد من المتطوعين خرجوا في عملية بحث مماثلة لم تسفر عن أية نتائج باستثناء التقاط بعض الأغراض التي لا يمكن أن تكون دليلاً واضحاً على أنّ لها صلة بالمفقودين من عدمه.
وانتقد مروان ضعف التدخل الرسمي للبحث عن المفقودين، مؤكداً أن الوقفات الاحتجاجية التي نظمها أهالي المفقودين أمام الدوائر الرسمية بالجهة للمطالبة بالبحث عن أبنائهم لم تؤد إلى نتائج. ويتواصل الصمت الرسمي إزاء نزيف الهجرة السرية من المنطقة.
واعتبر أن الهبة الاجتماعية والمشاركة الواسعة من بحارة المنطقة في البحث عن المفقودين تخفف من آلام عائلات تنتظر مصير أبنائها، بينما يخيّم الحزن على المدينة بأكملها. وتعيش مدن الجنوب التونسي على وقع نزيف غير مسبوق من الهجرة السرية عبر البحر أو الجو عبر خط البلقان.