نظّم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس، ووحدة البحث: التربية والعرفان والتكنولوجيات التربوية والتعليمية، مساء اليوم الجمعة، ندوة حول موضوع "الهشاشة التربوية في المدرسة التونسية: ما هو دور المدرسين في معالجتها؟"، ويختتم أعماله غداً السبت. وتناول باحثون وخبراء موضوع الهشاشة التربوية في الوسط المدرسي.
وتقول الفلسطينية راوية الناظر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هشاشة النظام المدرسي وراء ظاهرة العنف في المدارس"، موضحة أنّ "ظاهرة العنف متشعبة جداً، وهناك عوامل عدة متداخلة منها ما يتعلق بالمناهج المدرسية، والنظام المدرسي في ظل تخلي المدارس عن دورها في إدارة المحيط لأن الإحاطة ليست داخل المدارس فقط"، مشيرة إلى أنّ "الألعاب الإلكترونية والمحيط العائلي ساهمت في جعل الظاهرة متشعبة، وكل باحث يحاول التركيز على جانب معين فيها".
تضيف الناظر أنّ "ظاهرة العنف في المدارس ليست محصورة في البلدان العربية فقط، بل هي ظاهرة كونية نجدها في بلدان متقدمة كأميركا ومجتمعات عدة"، مؤكدة أنّ "هذا الأمر يدفعنا للاطلاع على وجهات نظر عدة، ومراجعة نظام التدريس لفهم الظاهرة".
من جهتها، تؤكد الأستاذة الجامعية سندس زروق، في مداخلتها حول أسباب التسرب المدرسي، أنّ "العوامل متعددة ومنها طبيعة التعليم وطريقة التدريس المنفرة والتي تعتمد على التلقين"، معتبرة أنّ "التكنولوجيا الحديثة والوسائل الرقمية كان لها تأثير كبير على التعليم، لكن تأثير هذه الوسائل يختلف بحسب طريقة استعمال التكنولوجيا؛ فقد تكون لها مزايا إيجابية مهمة على التعليم إذا أحسنّا استعمالها أو سلبية إن أسأنا استخدامها".
وتشير إلى أنّ "جائحة كورونا فاجأت العالم وفرضت التدريس عن بعد ووجد المدرسون أنفسهم أمام حتمية التدريس عن بعد وكان لزاماً عليهم التعامل مع الوضع الجديد"، مبيّنة أنّ "دور المدرس لا يقتصر فقط على تقديم المعلومات للتلميذ بل دوره معرفي بالأساس".
وتوضح زروق: "لم نعد في وضع تقديم الدروس، وأصبحت هناك انتظارات جديدة مطلوبة من المدرس بالإضافة إلى نوعية الدروس التي يجب تقديمها للأجيال الجديدة".
أما المتخصصة في علم النفس في وزارة التربية إيمان عويشاوي، فتقول لـ "العربي الجديد" إنّ "المدارس التونسية وللأسف تعاني من هشاشة هيكلية. فهناك عدة صعوبات تواجهها المدارس التونسية وقد أثرت سلباً على نفسية التلميذ، وحتى على نفسية المربي". وتؤكد أنّ "المدارس لم تعد فضاء جاذباً للتلاميذ، وفقدوا متعة التعلم، وبالتالي لا بد من البحث في هذه الإشكالات، والاطلاع على تجارب المقارنة في بلدان أخرى كفرنسا".
وتلفت إلى أنّ "المشكلة اجتماعية واقتصادية وسياسية أيضاً. وهناك نوع من المتاجرة بالشأن التربوي"، موضحة أنه "لا بد من مراجعة جميع النقاط للحد من ظواهر عدة كالتسرب المدرسي ومعاناة الأشخاص المعوقين، وبالتالي لا بد من البحث عن حلول والتحضير للمستقبل لتحسين المنظومة التربوية".
من جهتها، ترى المتخصصة في اللغات الأجنبية، شاهيناز الجبالي، أنّ "الجيل الجديد وبحكم المتغيرات يتعامل مع التكنولوجيات الحديثة، ولكنه للأسف لا يجد تعليماً يتماشى ومتطلباته وانتظاراته". تضيف في حديثها لـ "العربي الجديد" أنها جربت التدريس عن بعد في منطقة جندوبة بالشمال الغربي، و"على الرغم من أنّ المنطقة التي درست فيها نائية والأطفال لم يعتادوا استعمال الوسائل الرقمية، إلا أن التعليم عن بعد نجح ورحب التلاميذ بالتجربة وفاقت نسبة الحضور 66%".
إلى ذلك، يقول الدكتور في المعهد العالي للتربية والتكوين المستمر، سالم سعيدية، إنّ "طرح موضوع الهشاشة التربوية والرهانات الرقمية يدفع إلى التساؤل عن جهوزية المدارس التونسية للمتغيرات الرقمية، وإذا ما كان يمكن استعمال كل ما هو رقمي في كل ما يتم تعلمه، وهل يعوض كل ما هو إنساني".
ويختم بالقول إن "العديد من المدارس تعاني صعوبات في البنية التحتية، والقاعات والوسائل الرقمية غير متاحة حتى في الجامعات. فكيف سيكون الأمر في المدارس؟ بالتالي، لا بد من النظر في جلّ هذه التحديات".