يتوسع استهلاك مخدر الكوكايين في تونس، ليصبح منافساً لمخدر القنب الهندي أو ما يعرف محلياً بـ"الزطلة" الذي شكّل لسنوات المخدر الأكثر انتشاراً في صفوف الشباب.
وباتت مكافحة شبكات المخدرات هدفاً أساسياً للسلطات التونسية مع تسجيل تحولات نوعية في أوساط الاستهلاك والمواد المروجة التي تتحوّل من الأصناف "الخفيفة " إلى الكوكايين والحبوب المخدرة، بما في ذلك المستعملة لأغراض طبية.
وتسعى السلطات الأمنية إلى تضييق الخناق على مروّجي المخدرات في محيط المؤسسات التعليمية في تونس، بعد أن سجّلت البلاد في الأعوام الأخيرة زيادة في نسب الإدمان والعنف في المدارس، كذلك دقّت منظمات مدنية، ناقوس الخطر، مطالبة بحماية اليافعين من شبكات الجريمة التي تنشط في محيط المنشآت التي يرتادها التلاميذ.
وكشفت بيانات رسمية حصل عليها "العربي الجديد" أن السلطات الأمنية تمكنت خلال عام 2023 من القبض على 3165 متورطاً في قضايا مخدرات وتسجيل 2121 قضية في الغرض، وذلك في إطار حملات واسعة النطاق تنفذها التشكيلات الأمنية لمكافحة هذا الصنف من الجرائم.
وأبرزت البيانات نفسها أن 55 في المائة من المتهمين متورطون في ترويج المخدرات، بينما تشمل 44 في المائة من القضايا استهلاك المخدرات.
ترويج الكوكايين على نطاق أوسع في تونس
وقال المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي، إن" عمل الوحدات الأمنية أسفر على امتداد عام 2023 عن القبض على 3165 متورطاً وأكثر من 50 في المائة منهم تعلقت بهم تُهم ترويج".
وأكد الجبابلي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "مروجي المخدرات أصبحوا يستعملون القصّر والتلاميذ في ترويج السموم"، مشيراً إلى أن "المسالك المؤدية إلى المؤسسات التعليمية تمثل الفضاء الترويجي الأساسي بالنسبة إليهم".
وأفاد بأن" المروجين يتفادون المسالك والأماكن التي يحضر فيها الأمن بكثافة، كما يستعملون التلاميذ في الترويج درءاً للشبهات".
ولاحظ المسؤول الأمني "رصد تحولات على مستوى الاستهلاك"، مؤكداً أن مخدر "الكوكايين أصبح يروّج على نطاق أوسع من السابق ولم يعد حكراً على الأثرياء".
ومنذ بداية العام الدراسي الحالي في سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت السلطات الأمنية التونسية حملات واسعة النطاق بهدف التصدّي لشبكات الجريمة في محيط المؤسسات التعليمية، أسفرت عن توقيف مئات من الأشخاص الملاحقين.
وفي عام 2021، كشف مسح وطني حول استهلاك المخدّرات والسلوكات المحفوفة بالمخاطر عن أرقام صادمة بشأن استهلاك التلاميذ مختلف أصناف المخدرات، إذ يتعاطى المخدرات تلميذ واحد من بين كلّ 10 تلاميذ.
وأوضح المسح، الذي شمل عيّنة تتألف من 6230 تلميذاً وتلميذة، ارتفاع استهلاك المخدرات في صفوف التلاميذ الذين لم تتجاوز أعمارهم 13 عاماً، ورأى 12 في المائة من الأشخاص المستجوَبين أنّ التزوّد بأقراص المهدّئات والمنوّمات سهل وهو أمر ممكن من دون وصفة طبية.
وأشار المسح نفسه إلى أنّ نسبة استهلاك الهيروين قُدّرت بـ0.4 في المائة في أوساط التلاميذ، إلى جانب تعاطي نسبة أخرى محدودة من موادّ مخدّرة أخرى مثل الكوكايين وأقراص "إكستاسي".
في الإطار نفسه، كشفت دراسة أعدّتها الجمعية التونسية لطب الإدمان، في عام 2021، أنّ 3 في المائة من تلاميذ تونس يستهلكون المخدرات بانتظام، وتتراوح أعمار هؤلاء ما بين 15 و17 عاماً.