قامت قوات الأمن التونسية، ليلة أمس الأربعاء، بتفريق معتصمين بساحة الحكومة بالقصبة من المُعطّلين عن العمل، ومنعتهم من التعبير عن احتجاجهم على عدم تضمين ملفهم بجدول أعمال المجالس الوزارية السابقة، رغم سلسلة التحركات التي بلغت في المجمل 31 وقفة احتجاجية منذ المصادقة على القانون لما يزيد عن سنة.
ويبدو أن ملف خريجي الشهادات العليا الذين فاقت بطالتهم 10 سنوات والمشمولين بالقانون المعروف بالعدد 38 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية، لن يُطوى سريعا بعد تنكر الحكومة الحالية لوعودها وقبلها الحكومات السابقة.
وهتف المتظاهرون في الشارع، داعين الحكومة إلى الوفاء بتعهداتها، وإيلاء الأهمية الكافية لهذا الملف الذي طال أمده.
وفي السياق، يقول الناطق الرسمي باسم المعطلين عن العمل، حسام سعايدية، لـ"العربي الجديد": "عدنا للاحتجاج مرة أخرى بعدما تمّ الإخلال بكل الوعود، وكان آخرها أن يكون ملفنا في جدول أعمال أول اجتماع وزاري، لكن ذلك لم يحدث وهو ما سبب لنا خيبة أمل واضطرّنا إلى الإعلان عن الاحتجاج مجددا انطلاقا من يوم أمس، من أجل مزيد من الضغط وإدراج ملف المشمولين بالقانون عدد 38 في جدول أعمال المجلس الوزاري الذي سينعقد هذا الأسبوع".
ويضيف: "ما حدث يوم أمس من معاملة أمنية مخجلة ومهينة في حقنا، يُذكرنا بالعهد السابق لما قبل الثورة ولا نريده أن يعود ولن نخضع أبدا مهما كلفنا الأمر".
ويوضح سعايدية: "تمت أمس محاصرتنا بأطواق حديدية وكأننا قطيع أغنام أمام المسرح البلدي، وثم منعنا من تنظيم مسيرة في اتجاه ساحة القصبة رغم الإعلان عن ذلك مسبقا وأيضا تنظيمنا لمسيرات ضخمة قبل ذلك على غرار مسيرة 16 مارس/آذار 2021 ولم يتم منعنا ولا معاملتنا بتلك الطريقة التي تمس بحقوقنا وكرامتنا".
ويبيّن أن "كل المحتجين لم يتمكنوا من الوصول إلى ساحة القصبة إلا في شكل مجموعات متكونة من خمسة أو ستة أشخاص، ليتم منعنا بعد ذلك من الاعتصام بساحة الحكومة وتفريق ما يقارب 300 عاطل عن العمل من أصحاب الشهادات العليا بالقوة العامة، حيث كان المكان مدججا بسيارات الأمن التي بلغ عددها 30 سيارة".
ويوضح سعايدية: "أكثر من ذلك، تمّ إرغام المحتجين القادمين من الجهات على الصعود في الحافلات ومغادرة المكان بمرافقة سيارات أمنية، وأيضا وسط سخرية رجال الأمن الذين كانوا يتهكمون علينا بطريقة مخجلة ومهينة".
ويبيّن أن "ما حدث ليلة أمس واليوم من معاملة أمنية كارثية لا يبشر بخير رغم أن كل وقفاتنا كانت سلمية وفي كنف القانون، حيث كنا نُعلم عن كل تحركاتنا أولا بأول ووفق تطورات الملف الذي لم يشهد أي تقدم إيجابي".
ويتابع: "هذا التحرك الاحتجاجي جاء على خلفية ما أسفر عنه لقاء أربعة من ممثلي المحتجين أول الأسبوع بممثلين عن الحكومة، وكانت الإجابات مخيبة جدا. من ذلك أن ملف قانون عدد 38 غير واضح بالنسبة لهم وهم بصدد دراسته. وهذا ما يبعث على التساؤل هل هناك ديمومة للدولة أم لا؟ إلى جانب تأكيدهم أن هناك حاليا ملفات ذات أولوية أكبر وحارقة أكثر في جدول أعمال رئاسة الحكومة في الفترات القادمة".
ويواصل قوله: "لذلك قررنا الانطلاق مجددا في احتجاجات والاعتصام بساحة القصبة أمام رئاسة الحكومة، ثم الانطلاق اليوم الخميس في مسيرة نحو رئاسة الجمهورية، وهو ما لم يحدث حيث تم تفريقنا مساء أمس في حدود الساعة الثامنة ونصف مساء ولم يتمكن إلا 40 معطلا من التجمع من جديد ولم يسمحوا إلا لشخصين فقط بالذهاب في اتجاه رئاسة الجمهورية".
يذكر أنّ وتيرة احتجاجات العاطلين عن العمل، من أصحاب الشهادات العليا في تونس، تصاعدت في السنوات الأخيرة، مطالبين بتوفير فرص عمل تضمن كرامتهم، ووضع حد للوظائف الهشّة، وخصوصاً في التعليم وعمال الحضائر.