أعلنت مجموعة من المُنظّمات النسوية والحقوقية التونسية المدافعة عن الحقوق والحريات، المنضوية تحت الديناميكية النسوية المستقلة تنظيم تحرك تحت شعار: "لا تراجع لا استفتاء عن الحريات وحقوق النساء".
ويضمّ تحرك عدة جمعيات حقوقية، من بينها "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات"، و"جمعية بيتي"، "مجموعة توحيدة بالشيخ"، و"جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية"، وجمعية "مواطنة"، و"نساء بالكاف"، و"جمعية أصوات نساء".
ويأتي هذا التحرك بسبب ما تعتبره الجمعيات "تهديدات تواجهها المكتسبات الديمقراطية والنسوية، وغياب المقاربة التشاركية، واستثناء النساء من الحوار للخروج من الأزمة السياسية، وأيضاً أمام تصريح رئيس الجمهورية حول إعفاء قضاة ومنها التداول في ملف قاضية والتعرض لمعطياتها الشخصية عبر صفحات التواصل الاجتماعي".
وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الجمعيات المنضوية تحت الديناميكية النسوية التي تضم 9 جمعيات اختارت العمل معاً للدفاع عن حقوق النساء في الأزمات، وخاصة خلال هذه الفترة بالذات التي تواجه فيها عدة نساء حملات تشويه ووصماً أخلاقياً واجتماعياً قد يهدد حياتهن"، مؤكدة أنّ "على رئاسة الجمهورية أن تنأى بنفسها عن هذه التهم والحملات وأن تعتذر رسمياً من النساء، وأن تتحمل الدولة المسؤولية في أي اعتداء أو تهديد يطاولهن ويمسّ بسلامتهن النفسية والجسدية".
ولفتت المتحدثة إلى أن "الديناميكية لن تكتفي بالتنديد، بل ستنظم وقفة احتجاجية يوم الجمعة تحت شعار "المساواة الآن الآن... ولا استفتاء ولا تراجع عن حقوق النساء"، مبينة أنه "في وقت الاستثناء تتم التضحية بحقوق النساء وبالحريات الفردية"، مشيرة إلى أن "الفئات الهشة كالنساء والأطفال يتم حرمانهم من أبسط حقوقهم، وللأسف نجد أن أعلى هرم في السلطة يستعمل أعراض النساء لتبرير إعفائه لـ57 قاضياً وللمسرحية التي قام بها"، مبينة أن هناك "هياكل نصّبها قيس سعيّد ولكن ليس لديه الثقة في أن تتولى هذه المؤسسات تنفيذ التعليمات فقام بتقديم تبريرات واهية".
وأوضحت أن "التأسيس فعلاً لدولة الحريات والديمقراطية يتطلب هياكل ومؤسسات تنظر في مثل هذه المسائل وتسلط العقوبات اللازمة، لأن القرارات الفردية لا تصلح الأوضاع والمراسيم الصادرة تباعاً والتي تتم بطريقة تسلطية فردية دون أي مقاربة تشاركية لن تحل أزمة تونس" .
وقالت إنه "تمت دعوتها بصفة شخصية وبالهاتف للحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، ولكن حواراً بمثل هذه الصيغة لا يمكن قبوله"، مبينة أنها "طلبت دعوة كتابية للرد عليها رسمياً ولكن هذا لم يحصل، كما تمت أيضاً دعوة رئيستين سابقتين للجمعية وعضو مؤسسة، وجميعهن رفضن ولم يشاركن في الحوار بهذه الصيغة".
بدورها، أكدت عضو الهيئة المديرة للنساء الديمقراطيات، سمر سحيق، أنه "لا بد من احترام الحقوق والحريات وحقوق النساء، وخاصة في الفترات الاستثنائية والأزمات التي تشهد انتكاسة وتكون الفئات الهشة ضحيتها"، مبينة أنه "لا بد من نهج ديمقراطي يحترم خصوصيات النساء بعيداً عن التصريحات التي تشوههن مثلما يفعل رئيس الجمهورية الذي يقسم النساء حسب الوسط والفئات وضمن خطاب قائم على التفرقة"، مؤكدة أن هذا الخطاب ذكوري ولا يؤسس إلا لدولة ذكورية تقوم على القمع والتفرقة بين النساء والرجال.
وأضافت سحيق في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "المخاوف على حقوق وحريات النساء قائمة وتم التعبير عنها منذ 26 يوليو/تموز، خاصة أن فترات الاستثناء والأزمات في العالم ككل تشهد انتكاسة وتراجعاً لهذه الحقوق"، مبينة أنه "رغم الدعوات المتتالية للحوار وإشراك المجتمع المدني، لم تحصل أي استجابة لهذه الدعوات من قبل رئيس الجمهورية، بل انتهج اتجاهاً أحادياً وفردياً وقرارات تقلص من الحقوق والحريات".
وأضافت أن "الأمر الرئاسي والإقالات للقضاة وتسريب معطيات شخصية لقاضيتين وما تضمنه ذلك من هتك للأعراض جعل حياتهما حطباً يبني عليه رئيس الجمهورية قراره"، مبينة أنه "لا مجال لاستعمال الحياة الشخصية لأي شخص لتبرير أي قرار".
من جانبها، ترى عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حليمة الجويني، أنه رغم ما تضمنه دستور 2014 من مكاسب وحقوق وتناصف أفقي في الهيئات المنتخبة ومسؤولية الدولة في حماية حقوق المرأة، إلا أنّ إيقاف العمل به والمضي في إجراءات جديدة ودستور جديد لجمهورية ثالثة عززا المخاوف والقلق ودفعا الحقوقيات إلى إطلاق صيحة فزع.
وأوضحت الجويني لـ"العربي الجديد" أن النضال من أجل دولة ديمقراطية مدنية ودولة مؤسسات يدفع اليوم إلى الوقوف أمام هذا التوجه الانفرادي"، مبينة أن "هذه الإجراءات تؤسس لدولة استبدادية سبق أن ثار عليها الشعب التونسي، وناضلت أجيال من الحقوقيين والحقوقيات من أجل حرية التعبير والحق في التنظيم، وما يحصل من ضرب للسلطة القضائية بهذا الشكل والإعفاءات التعسفية وهتك الأعراض يكشف عن تغلغل الفكر التسلطي والنساء يدفعن الثمن".