تونسيون يرفضون اقتطاع أجورهم "بلا نهاية"

01 أكتوبر 2021
استياء عمالي من اقتطاع الأجور (العربي الجديد)
+ الخط -

يرفض عدد كبير من أجراء القطاعين العام والخاص في تونس اليوم استمرار إجراءات اقتطاع نسبة 1 في المائة من رواتبهم الشهرية، تنفيذاً لقانون أقرّته السلطات عام 2018 بهدف "معالجة العجز في الصناديق الاجتماعية". ويطلق عشرات من رافضي الإجراء منذ فترة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لآرائهم، في حين يواصل آخرون نشر عرائض وتقديمها للجهات المختصة للمطالبة بإلغاء ما يسمى "المساهمة الاجتماعية التضامنية"، والتوقف عن المسّ بأجورهم، وفرض الاقتطاعات الإجبارية التي لا تنال موافقة صريحة من الأجراء المعنيين، علماً أن القانون دخل عامه الرابع من دون تحديد سقف زمني لوقف العمل به، وترافق مع عدم تقديم كشوفات واضحة ودقيقة تحدد مصير الأموال المقتطعة منذ ذلك التاريخ. 
اللافت أن خبراء ماليين يؤكدون أن أزمات الصناديق الاجتماعية لا تزال متواصلة رغم الاقتطاعات المفروضة منذ أربع سنوات على أجور العاملين والموظفين، ويشيرون إلى أن العجز في احتياطي الصناديق الاجتماعية يناهز ملياري دولار، وأنه سيبلغ نحو 1.76 مليار دولار بحلول 2030 في صندوق الضمان الاجتماعي وحده. 
ويعزون خلل الموازنات المالية للصناديق إلى "عدم تسديد وزارات عدة مساهماتها الشهرية طوال سنوات، ما فاقم ديونها لدى صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، وكذلك إلى تأثير الأزمة الاقتصادية على المؤسسات الخاصة الذي جعلها غير قادرة على دفع مساهماتها في صندوق الضمان الاجتماعي، بسبب تراجع الإنتاجية، خصوصاً في العامين الأخيرين اللذين شهدا أزمة تفشي فيروس كورونا.  

وينتقد الموظف في القطاع العام عبد الرحمن عدم تحديد فترة زمنية لقانون الاقتطاع، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا نعلم متى سينتهي هذه الإجراء، في حين لم نعرف منذ بدء تطبيقه قبل أربع سنوات مدى فاعليته في توفير سيولة كافية للصناديق الاجتماعية، ولم نطّلع على أرقام دقيقة عن هذه المساهمات ودورها في تخفيف حدّة العجز". 
أيضاً، ترفض الموظفة في القطاع العام لمياء (39 عاماً) مواصلة تطبيق إجراءات الاقتطاع من الرواتب، وتشير إلى أنّ "المؤسسات الرسمية لا تقدم أرقاماً دقيقة حول العجز، أو مقدار معالجة المساهمات له. كما تتجاهل تحديد الفترة الزمنية لمواصلة تطبيقه، رغم تأثيراته الكبيرة على أوضاع الأجراء الذين يعانون اليوم من ارتفاع الأسعار، وتدهور قدراتهم الشرائية". 
وكان قانون المالية الخاص الذي أصدرته السلطات عام 2018، وقضى بحسم مساهمة تضامنية دائمة نسبتها 1 في المائة من أجور جميع العاملين والموظفين وأصحاب المداخيل في القطاعين العام والخاص من أجل سد العجز الكبير في موازنات الصناديق الاجتماعية، قد واجه إنقساماً لدى الرأي العام بين مرحبين ورافضين. 

الصورة
قانون 2018 يشمل كل الأجراء (العربي الجديد)
قانون 2018 يشمل كل الأجراء (العربي الجديد)

وأعقب ذلك تأكيد السلطات أن وضع القرار قيد التنفيذ أنقذ فعلاً الصناديق الاجتماعية من الإفلاس. لكن الانتقادات تجددت العام الماضي إثر مصادقة مجلس النواب على قرار فرض تبرع الأجراء بيوم عمل لدعم القطاع الصحي، ومواجهة فيروس كورونا، وذلك استناداً إلى مشروع قانون اقترحه الاتحاد العام للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) من أجل توفير مبلغ يتراوح بين 20 و30 مليون دولار، والذي وصفه مسؤولو الاتحاد في إبريل/ نيسان من العام ذاته بأنه "مبلغ بسيط مقارنة باحتياجات القطاع الصحي المنهار". 
وكانت لافتة دعوة الاتحاد ذاته بعد شهر واحد، على هامش اليوم العالمي للعمال، الحكومة إلى اتخاذ تدابير قانونية لوقف المساهمات التضامنية المرتبطة بالأجور المقتطعة من العمال والموظفين، "بعدما تحوّلت إثر اضطلاعها بدورها في تسديد مبالغ العجز إلى عبء على الأجراء الذين باتوا لا يستطيعون التضحية بأكثر من ذلك". 
ويعتبر خبراء في الاقتصاد أنّ الاقتطاعات من أجور الموظفين والعمال لإنقاذ صناديق اجتماعية "إجراء خاطئ يُثقل كاهل المواطنين"، ويطالبون بدفع مؤسسات خاصة وعامة المساهمات التي تأخرت منذ سنوات عن تسديدها. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

لكن ذلك لم يمنع وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، في 9 سبتمبر/ أيلول الماضي، من إعلان مواصلة الإجراء، والتأكيد أن المساهمات التضامنية حسّنت وضع الصناديق، وسمحت بتسديد مستحقات المتقاعدين بشكل عادي في السنوات الأربع الأخيرة.
في المقابل، أكدت الإدارة العامة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أن "الصندوق يواجه عجزاً كبيراً منذ سنوات وبات مهدداً بالإفلاس، والامتناع عن دفع مستحقات المتقاعدين". واقترحت زيادة المساهمات الاجتماعية للمؤسسات.

المساهمون