أصيب أطفال سوريون، في إحدى مدارس بلدة جديدة الفضل بريف دمشق، بأعراض جانبية بعد تلقّيهم اللقاح الثنائي الكهلي الذي يحمي من الإصابة بالتيتانوس المعروف بالكزاز ومن الدفتيريا المعروفة بالخناق، اليوم الخميس. وعلى الأثر، شكّلت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري لجنة طبية لمتابعة القضية.
وأفاد واحد من أهالي تلاميذ "مدرسة فواز شنوان"، حيث سُجّلت تلك الإصابات، بأنّ "أعراض تسمّم وتشنّجات عصبية ظهرت لدى أطفال في المدرسة الواقعة غربي العاصمة دمشق، بعد تلقّيهم جرعة من اللقاح الثنائي الذي يُزوَّد به الأطفال روتينياً". أضاف لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أنّ "عدداً من التلاميذ نُقل إلى أحد مستشفيات العاصمة دمشق الذي تجمهر أمامه الأهالي وسط حالة من الهلع قبل الاطمئنان إلى أولادهم الذين تلقّوا اللقاح".
يُذكر أنّ وزارة التربية في حكومة النظام السوري كانت قد أطلقت في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالتعاون مع وزارتَي الصحة والإدارة المحلية، حملتها السنوية للتحصين في المدارس (2023-2024) التي تمتدّ على أربعة أشهر في كلّ مدارس مناطق النظام. وخلال هذه الحملة، يُزوَّد تلاميذ الصف الأول الأساسي بلقاحات شلل الأطفال الفموي بالإضافة إلى اللقاح الثنائي الطفلي (لمن هم دون السادسة)، فيما يتلقّى تلاميذ الصف السادس الأساسي اللقاح الثنائي الكهلي (للفئات فوق ستّة أعوام). ويأتي ذلك بعد موافقة أهالي التلاميذ على الأمر.
من جهته، قال ناشط سوري، مقيم في ريف دمشق ومطّلع على هذا الملف، لـ"العربي الجديد" إنّ "الصحة المدرسية قدّمت اللقاحات لمدرسة فواز شنوان، وقد أصيب التلاميذ الذين زُوّدوا بها بأعراض مختلفة بعد 10 دقائق فقط من تلقّيها، قبل أن يُنقلوا إلى المستشفى".
وبينما أشار الناشط السوري، الذي تحفّظ عن ذكر هويته، إلى أنّ "من غير المعروف مدى خطورة الحالات"، طمأن المسؤولون في المستشفى الأهالي على صحة أولادهم.
في هذا الإطار، أصدرت وزارة الصحة في حكومة النظام السوري بياناً أفادت فيه بأنّها أُبلغت بتسجيل "حالة اختلاج حدثت لتلميذة في إحدى مدارس جديدة الفضل بعد تنفيذ وزارة التربية - مديرية الصحة المدرسية حملة لقاحات روتينية لتلاميذ الصف السادس". وأكدت أنّ أيّ حالات شبيهة أو أخرى تُذكر لم تُسجّل منذ بدء وزارة التربية حملة التحصين في المدارس، في أكتوبر الماضي.
أضافت وزارة الصحة، في بيانها، أنّ "فور ورود المعلومة (حالة الاختلاج لدى تلميذة)، تفقّد وزير الصحة حسن محمد الغباش ووزير التربية محمد عامر المارديني ومحافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران المستشفى الذي تمّ إسعاف التلميذة إليه"، من أجل متابعة الموضوع و"التأكّد من تقديم الاستجابة الإسعافية المناسبة".
وإذ شدّدت وزارة الصحة أنّ كلّ لقاحاتها "آمنة وفعّالة" وأنّها "مستوردة عن طريق المنظمات الدولية ومعتمَدة منها"، أعلنت عن "تشكيل لجنة طبية باشرت عملها لمعرفة السبب الدقيق لظهور آثار جانبية للقاح".
لا تسمم بين التلاميذ السوريين بعد اللقاح الثنائي
في سياق متصل، نفت مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية التابعة للنظام السوري هتون الطواشي الأخبار المتداولة عن "تسمّم تلاميذ" في إحدى مدارس ريف دمشق التابعة لتربية القنيطرة.
وقالت الطواشي، في تصريح لموقع "الوطن أونلاين"، إنّه خلال قيام فريق التحصين في المدارس بتزويد تلاميذ الصف السادس في "مدرسة فواز شنوان" بجديدة الفضل بجرعات اللقاح الثنائي الكهلي، علماً أنّ عددهم يبلغ 98 تلميذاً، لاحظ فريق التحصين أعراضاً جانبية على عدد من التلاميذ، بعد الانتهاء من تزويد الجميع باللقاح المذكور.
وشرحت الطواشي أنّ ألماً بطنياً وتقيّؤاً ودوخة ظهرت على التلاميذ المعنيين البالغ عددهم 11 تلميذاً، وقد قُدّمت لهم الإسعافات الأولية لهم فتحسّنت أحوال معظمهم، لكنّ عدداً منهم نُقل إلى مركز صحي قريب من المدرسة حيث خضع لتدخّلات طبية بسيطة، فيما نُقل ثلاثة آخرون إلى المستشفى بعد إصابتهم بحالات إغماء. وهناك، قُدّمت لهؤلاء إسعافات خاصة، من بينها تزويدهم بالأكسجين، وهم في حالة جيّدة وقد غادر اثنان منهم المستشفى، ومن المتوقّع مغادرة التلميذة المتبقية قريباً.
وتابعت الطواشي، في حديثها إلى الموقع الإلكتروني نفسه، أنّ "سبب كلّ ما جرى هو الهلع"، مشدّدة على أنّ اللقاح الثنائي "آمن". وبيّنت أنّ حملة التحصين في المدارس انتهت في معظم المحافظات، وقد تخطّى عدد التلاميذ الذين تلقّوا اللقاح حتى الآن 350 ألفاً، من دون أن تظهر أيّ أعراض جانبية عليهم. وطلبت من الأهالي "الاطمئنان تماماً إلى أطفالهم ليس فقط لجهة سلامة اللقاح، بل لكلّ جوانب العناية بصحة التلاميذ".
وبعد انتشار شائعات حول وفيات، نفى رئيس بلدية جديدة الفضل أيمن محمود وفاة أيّ من التلاميذ، مضيفاً أنّ حالات مرضية ظهرت على 15 طفلاً، بحسب ما نقلته عنه إذاعة "شام إف إم" الموالية للنظام.
وقد أضاف محمود أنّ طفلاً واحداً فقط يعاني من حالة صحية مسبقة أُصيب بحالة اختلاج عصبي نتيجة تداخل الأدوية، في حين أنّ الأطفال الآخرين أُصيبوا بحالات تقيّؤ ودوار وتشنّجات عصبية بعد تأثّرهم نفسياً بما حدث لزميلهم المريض.
وفي تعليقه على ما حدث في تلك المدرسة اليوم واحتمال تسجيل حالات تسمّم، قال الطبيب المتخصص في الصحة العامة محمد الصالح لـ"العربي الجديد" إنّ "عمليات الحقن العضلي أو اللقاحات التي تُعطى بالحقن لها كلها أعراض جانبية مثل الألم في وقع الحقن وارتفاع درجة حرارة الجسم، لذلك يوصي فريق التحصين بتناول أدوية خافضة للحرارة في اليومَين التاليَين لتلقّي اللقاح".
ولفت الصالح كذلك إلى أنّ ما حدث "قد يكون مرتبطاً بشروط تخزين اللقاح، والحرارة المناسبة تتراوح ما بين درجتَين مئويتَين وثماني درجات مئوية. كذلك قد يرتبط بتاريخ الإنتاج، وهو التاريخ المعتمد من قبل الشركة المصنّعة ولا بدّ من التقيّد به، ورقم طبخة اللقاح التي يجب أن تكون موحّدة، وعدم اللجوء إلى طبخات غير معتمدة أو أرقام مختلفة في فترة التوريد نفسها". وأكد أنّ "أيّ خلل بهذه الشروط قد يزيد من الآثار الجانبية للقاح وحدّتها، إلى درجة أن يفقد اللقاح فعاليته".