تلاميذ إدلب يرفضون إجراء الامتحانات في مناطق النظام السوري

16 مايو 2024
عند فتح معبر الترنبة - سراقب لمرور التلاميذ إلى مناطق النظام السوري، 11 مايو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أغلق النظام السوري معبر الترنبة - سراقب بعد عدم استخدامه من قبل التلاميذ لأداء امتحاناتهم في مناطق سيطرته، مما يعكس عدم الثقة والرغبة في البقاء بمناطق المعارضة.
- التلاميذ في إدلب يفضلون إجراء امتحاناتهم بمناطق المعارضة، مبررين ذلك بتوفر الإمكانيات التعليمية والخوف من الاعتقال، مع وجود شهادات معترف بها دوليًا.
- الشهادات الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة معترف بها دوليًا، مما يسمح بمتابعة التعليم الجامعي في الخارج ويعزز من مكانة التعليم في مناطق سيطرة المعارضة.

أعلن النظام السوري عن إغلاق معبر الترنبة - سراقب الذي يفصل المناطق التي يسيطر عليها عن مناطق سيطرة المعارضة بريف إدلب الشرقي في شمال سورية، وذلك بعد ستّة أيام من فتحه، بهدف السماح لتلاميذ الشهادتَين الإعدادية والثانوية بالمرور والخضوع لامتحاناتهم الرسمية في مدارسه. وقد أتى الإغلاق على خلفية عدم اجتياز أيّ من التلاميذ هذا المعبر الواقع على طريق حلب - اللاذقية المعروف بـ"إم 4".

وفي حين أنّ غياب الثقة بالنظام السوري يحول دون توجّه التلاميذ إلى المناطق الخاضعة لسيطرته، لا يبدو أنّ ثمّة دافعاً لدى هؤلاء وذويهم للقيام بهذه الخطوة والخضوع للامتحانات في تلك المناطق. في هذا الإطار، يخبر أيمن الشيخ خليل "العربي الجديد"، وهو تلميذ في الصف التاسع، أنّه يعيش في إدلب ويرفض شأنه شأن كثيرين من زملائه التوجّه إلى مناطق النظام، مبرّراً ذلك بالقول "لدينا هنا مدارس ومناهج". بالنسبة إليه "لا يمكن لأيّ تلميذ منّا أن يسلم من الاعتقال في حال توجّه إلى تلك المناطق، فلا ثقة لنا بذلك".

من جهته، يقول غسان الحلاق، التلميذ في الثانوية العامة، لـ"العربي الجديد": "أستعدّ لإجراء الامتحانات في إدلب. احتمال اعتقالي من قبل النظام قائم في أيّ لحظة، في حال ذهبت إلى مدارسه". ويؤكد: "عندنا في إدلب، كلّ شيء متاح... المدارس والجامعات والكوادر وفرص التعليم، كذلك ثمّة فرص عمل. وبالتالي لا مبرّر قطّ للخضوع للامتحانات في مدارس النظام السوري، بتوفّر شهادة معترف بها هنا".

في هذا الإطار، يفيد وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة جهاد حجازي "العربي الجديد" بأنّ شهادات الثانوية العامة الصادرة عن الوزارة "معترف بها في كلّ الولايات التركية وفي دول من الاتحاد الأوروبي، وهذا أمر يؤكّده آلاف الطلاب السوريين الذين سبق أن حصلوا عليها. ومنهم من تخرّج من الجامعات التركية، في حين أنّ كثيرين ما زالوا يتابعون دراستهم في تلك الجامعات وفي جامعات أوروبية". وبالنسبة إلى شهادة المرحلة الابتدائية، يقول حجازي إنّها "موثّقة ومعترف بها من قبل يونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) ويونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) ودول أوروبية وتركيا"، مشدداً "نحن نحافظ على نزاهة الامتحانات وجودتها من أجل الحفاظ على هذا الاعتراف".

ويتابع حجازي أن دولاً كثيرة في الاتحاد الأوروبي اعترفت بهذه الشهادة، بعدما عمدت هيئة الاعتراف والاعتماد لمؤسسات التربية والتعليم العالي في بريطانيا (نارك) الداعمة لتعليم السوريين بمراقبة امتحانات دورة 2017 وتقييم مطابقتها المعايير الدولية، مشيراً إلى أنّ "من الدول التي عادلت الشهادات الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وهولندا والسويد وجمهورية التشيك والبوسنة والولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا". ويوضح حجازي أنّ "الحكومة المؤقتة ممثلة بوزارة التربية والتعليم تشرف على العملية التعليمية، بصورة كاملة، وعلى تحصيل اعتراف كامل بشهادات الثانوية العامة، وبالتالي إتاحة فرصة الدراسة الجامعية أمام الطلاب الذين هجّرهم النظام السوري، ومساعدتهم في بناء مستقبلهم من جديد".

ويلفت وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة إلى أنّ النظام يفتح معبر الترنبة - سراقب "سنوياً، ليوحي بأنّه مهتمّ بتلاميذ المناطق الخارجة عن سيطرته، ويوجّه رسائل مفادها أنّه الجهة الوحيدة المعترف بها. لكنّ هذا بخلاف الواقع، والناس يعرفون أنّ الشهادات الصادرة عن الوزارة في الحكومة السورية المؤقتة مقبولة دولياً، وأنّ طلاباً كثيرين انتسبوا من خلالها إلى جامعات ألمانيا وفرنسا ودول أخرى. وهذا هو سبب عدم توجّه التلاميذ هذا العام إلى مناطق النظام، وهذا يمثّل كذلك دليلاً على تمسّك التلاميذ بمناطقهم بالتخرّج" من مؤسساتها التربوية. ويعبّر عن تفاؤله بما تحقّق، على الرغم من الصعوبات التي مرّت بها المنطقة، مشدّداً على "بذل كلّ ما نستطيع لنؤمّن لتلاميذنا أجواء مناسبة للتعليم والامتحانات من أجل الحفاظ عليهم، إذ إنّهم الثروة الحقيقية التي نعوّل عليها في مستقبل سورية".

وقد جرت العادة أن يفتح النظام السوري معبراً في كلّ عام، من مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، وأن يقدّم تسهيلات لمرور التلاميذ منها، بهدف استثمار المسألة سياسياً لحسابه. ويتخوّف التلاميذ من الاعتقال، فيما يتحسّب الأهالي والجهات الأمنية من محاولة النظام الحصول على معلومات معيّنة من هؤلاء الفتيان، أو محاولة توظيفهم للعمل لمصلحته أمنياً.

المساهمون