تقييد عمل قوارب إنقاذ المهاجرين في المتوسط يزيد نداءات الإغاثة

23 اغسطس 2024
مهاجرون قبالة مدينة صفاقس في تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

ترتفع نداءات استغاثة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط في ظل تقييد إيطاليا عمليات الإنقاذ لترتفع أعداد الوفيات نتيجة الغرق، فيما يتوقع تنفيذ مراكب البحث والإنقاذ التونسية مهمات بحرية خارج مياهها الإقليمية

تسجّل منظمات الإغاثة البحرية طلبات استغاثة متزايدة من زوارق المهاجرين التي تواجه صعوبات في البحر، مع تقييد عمل مراكب الإنقاذ من قبل السلطات الإيطالية بمقتضى قانون الإنقاذ البحري الذي بدأ تطبيقه منذ عام 2023.
وتخشى المنظمات غير الحكومية أن يتسبب الغياب الطويل لمراكب الإنقاذ في المتوسط في المزيد من الوفيات في البحر. وبحسب جمعية الإنقاذ "أس أو أس هيومانيتي"، خسرت سفن الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط العام الماضي ما يعادل 374 يوماً من الإنقاذ، بسبب الوقت الذي تستغرقه الرحلات الطويلة للوصول إلى موانئ الإنزال الإيطالية البعيدة، بعدما كانت تستغل الموانئ الأقرب.
ومنذ يناير/ كانون الثاني الماضي، لقي أكثر من 1000 مهاجر حتفهم أو فقدوا وسط البحر الأبيض المتوسط، بحسب المنظمة الدولية للهجرة مقارنة بـ 3155 في عام 2023.
وتؤكد المسؤولة في شبكة "هاتف إنذار المتوسط" هيبة محمد، أن "طلبات النجدة التي يتم تلقيها عبر الشبكة في تصاعد مستمر منذ عام 2014"، مشيرة إلى أن "مهمات الإنقاذ التي تنفذها القوارب المتخصصة تتم أساساً في منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط، بينما تغرق المراكب في ممرات بحرية مختلفة". تضيف في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "الشبكة تلقت في الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني وأكتوبر/ تشرين الأول عام 2023 نحو 959 طلب نجدة من قوارب أبحرت من سواحل تونس وليبيا، وذلك من مجموع أكثر من 1900 طلب نجدة تلقتها الشبكة في كامل دول البحر الأبيض المتوسط".

وتفيد بأن "السياسات الأوروبية في منع المهاجرين من الوصول إلى سواحل أوروبا أدت إلى نتيجة عكسية، إذ يتصاعد من عام إلى آخر تدفق المهاجرين غير العابئين بمحاولات الصد التي تمارسها الشرطة البحرية". وتشير إلى أن "تراجع نشاط مراكب الإنقاذ في المتوسط في ظل القيود الإيطالية يزيد مخاطر غرق المهاجرين، لكنه لا يحد من الهجرة عموماً". وتقول: "غالباً ما تجرف التيارات البحرية القوارب ويغرق راكبوها قبل وصول مراكب الإغاثة التي تتمركز في مناطق بعيدة نسبياً عن الممرات البحرية التي تسلكها القوارب بعيداً عن مراقبة الحرس البحري" .
تتابع: "تجازف قوارب المهاجرين بسلك ممرات بحرية غير آمنة وغير مشمولة بالتغطية من قبل مراكب النجدة، ما يفسر ارتفاع عدد المفقودين والقتلى في حوادث الغرق". ويوم 15 أغسطس/ آب الجاري، أنقذت سفينة المساعدات الإنسانية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود 57 مهاجراً في قارب مطاطي انجرف قبالة الساحل التونسي، وخصصت لها السلطات الإيطالية ميناء ليفورنو الآمن لإنزال ركابها، ما يمثل ثلاثة أيام ملاحية.

خلال عمليات إنقاذ على السواحل التونسية (ياسين قايدي/ الأناضول)
خلال عمليات إنقاذ على السواحل التونسية (ياسين قايدي/ الأناضول)

وأعلنت المنظمة على موقعها على منصة "إكس" أن سفينة "جيو بارنتس"، وهي سفينة إنسانية تابعة لمنظمة "أطباء بلا حدود"، أنقذت 57 مهاجراً وسط البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل تونس، بعد التقاط إشعار من شبكة "هاتف إنذار المتوسط"، فيما قدّمت طائرة من جمعية "طيارون متطوعون" غير الحكومية الدعم الجوي للعملية.
وقال تقرير صادر عن شبكة "هاتف إنذار المتوسط" إن "اتفاق الشراكة الذي وقعته تونس مع الاتحاد الأوروبي عام 2023 يمثل استمراراً لآلية التعاقد لمراقبة الهجرة من تونس في مجال التعاون البحري، من خلال تزويد قوات الأمن التونسية بالقوارب والرادارات المتنقلة والآليات وقطع الغيار والمحركات، من أجل التحكم بعمليات التنقل باتجاه أوروبا".
وأكد التقرير الصادر في يونيو/ حزيران الماضي تحت عنوان "بحر مسيّج"، أن التعاقد المبطن بين تونس والاتحاد الأوروبي يهدف إلى إنشاء نظام الإعادة القسرية بالوكالة إلى تونس".
وفي مقابل تقييد نشاط مراكب الإغاثة والإنقاذ الدولية، من المتوقع أن تنفذ مراكب البحث والإنقاذ التونسية قريباً مهمات بحرية خارج المياه الإقليمية التونسية، بعد الإعلان رسمياً عن إنشاء تونس منطقة البحث والإنقاذ الخاصة بها والخاضعة لمسؤوليتها.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وبحسب المسارات الجديدة لمراكب الإنقاذ، سيكون متاحاً للبحرية التونسية القيام بعمليات اعتراض وإعادة المهاجرين على مساحة جغرافية تغطي مسارات المراكب من غرب ليبيا نحو جزيرة لمبيدوزا الإيطالية. وأصدرت تونس في إبريل/ نسيان الماضي الأمر رقم 181 المتعلق بتنظيم البحث والإنقاذ البحريين.
وعرّف الأمر "البحث" بأنه "عملية تهدف إلى الاستدلال على الأشخاص المكروبين في البحر، يتولى تنسيقها المركز الوطني لتنسيق عمليات البحث والإنقاذ البحريين أو المراكز الفرعية"، بينما المقصود بـ "الإنقاذ" هو "عملية انتشال أشخاص مكروبين في البحر وتلبية احتياجاتهم الأولية الطبية أو غير الطبية ونقلهم إلى مكان آمن".
ويرى المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن نشر المنظمة البحرية الدولية خريطة منطقة البحث والإنقاذ التونسية يعدّ تتويجاً لمسار سعي الاتحاد الأوروبي وخصوصاً إيطاليا لتحقيقه منذ سنوات. ويقول لـ "العربي الجديد": "عملياً، سيكون متاحاً للبحرية التونسية القيام بعمليات اعتراض وإعادة المهاجرين على كامل طول هذه المساحة الجغرافية الضخمة، وسيكون على كل سفينة تقوم بعمليات إنقاذ في هذه المنطقة الاستجابة لتعليمات السلطات التونسية".

المساهمون