تداول مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة أظهرت انهيار مبانٍ سكنية عدة في مناطق وقرى مختلفة، ما طرح علامات استفهام حول أسباب الانهيارات التي تحدث عقب الزلزال وتؤدي إلى مقتل مئات، وكذلك عن معنى تصنيف المباني المقاومة للزلازل، ومدى إمكان تشييدها.
في الحقيقة، بدأت دول عدة تطبيق معايير السلامة المتعلقة بالمباني، أي تشييدها لمقاومة الهزات الأرضية والزلازل. وعدت اليابان أول بلد اعتمد تقنيات خاصة للحدّ من خطر الزلازل، إضافة إلى دول أخرى، مثل الصين ودول الأوروبية، لكن مفهوم المبنى المقاوم للزلازل لا يزال محدوداً نسبياً.
لماذا تنهار المباني؟
الزلزال لا يؤدي في حدّ ذاته إلى حدوث وفيات، لكنّها تقع بسبب أمواج مدّ تسونامي وانهيار مبانٍ وبنى تحتية من جسور وشوارع، وهو ما يلفت إليه المهندس المدني إيلي زاغر في حديثه لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أنّ "المباني تسقط عادة بعد حصول زلزال لأسباب عدة، منها عدم قدرتها على امتصاص الضغط، إذ يجب أن تتميز المباني بمرونة في تلقي الصدمات. وهكذا يحصل الانهيار في حال لم يستطع المبنى امتصاص الصدمات وتوزيعها، أكان المبنى قديماً أو حديثاً". يضيف: "يمكن أيضاً أن تتسبب عيوب هندسية في انهيار المباني، فالأساس الضعيف يعد أحد أهم أسباب سقوط المباني أثناء الزلزال، كذلك تكون المباني التي لم تشيّد لتحمل القوى الجانبية أكثر عرضة للسقوط بسبب ضغوط الزلازل، كما تلعب أيضاً التربة الناعمة التي توضع في أساسات المباني دوراً في انهيارها، وأيضاً فشل الهيكل".
ويوضح زاغر أنّ "المهندسين يحاولون تصميم مبانٍ جديدة تراعي متطلبات تعزيز القدرة على تلقي الصدمات، والتمايل معها بدلاً من امتصاصها، وهو ما تمكن ملاحظته من خلال الهندسة المعمارية اليابانية الحديثة. ورغم ذلك، لا يوجد مبنى مقاوم للزلازل بنسبة مائة في المائة، بل مبانٍ قادرة على استيعاب الصدمات بدرجات مختلفة، وتخفيف تأثيراتها.
كيف يشيّد مبنى مقاوم للزلازل؟
وباعتبار أن الزلزال يهز الهيكل بحركات ذهاب وإياب، تتمثل النقطة الأهم في مقاومة الانهيار وسط هذه الحركات في بناء هيكل مرن، أي تصميم مبانٍ تتماشى مع الضغط والحركات الاهتزازية، وبالتالي لا بدّ من بناء هياكل تتمتع بالقوة والصلابة، وتكون مرنة في الوقت نفسه بحسب ما يؤكد المهندس المدني راشد سركيس، مؤسس الجمعية اللبنانية لتخفيف أضرار الزلازل.
ويقول لـ "العربي الجديد: "الهزة الأرضية أو الزلزال عبارة عن ضغط أو قوة أفقية تضرب الأرض، وتؤثر في المباني التي تتعرض لتصدعات، وقد تنهار بفعل قوة الضربة أو الضغط العمودي".
ويتحدث عن أن "المباني مصممة لمقاومة الضربات العمودية وليس الأفقية، أي أنها مجهّزة لتحمل ثقل الباطون والبلاط ومكوّنات أخرى، لكن عندما تعصف بها قوة أفقية فهي غير مجهّز لها، لذا من أجل تشييد مبانٍ مقاومة للزلازل يجب التنبه إلى اكسابها القدرة على تحمل الضربة الأفقية بنسبة معينة".
يُتابع: "في دول عدة، لا تزال المباني غير مجهزة لاستيعاب الصدمات الأرضية، لذا هناك طريقتان يمكن استخدامهما في هذا الصدد، إما دعم المبنى كي يستطيع مواجهة الاهتزازات أو هدمه".
ويشرح أن "دعم البناء يحصل عادة باتباع طريقتين، تلحظ الأولى تدعيم المباني بباطون مسلح، أي وضع الكثير من الحديد داخل الباطون، وإذا حصل أي شرخ في الجدارن تحافظ على هيكلها على الأقل، أما الثانية فاستخدام عازل بين الأرض وأساس المبنى، وهذا ما يتبعه المهندسون في اليابان، وعند حصول الهزة تتحرك الأرض، ويبقى المبنى ثابتاً".
وبحسب سركيس، لا تضمن هذه الوسائل بقاء المباني سليمة، لكنها تساهم على الأقل في تخفيف حدة النتائج السلبية، وبالتالي حجم الأضرار.
ويخلص كل من سركيس وزاغر إلى أن تشييد مبانٍ مقاومة للهزات الأرضية يتطلب مراعاة الأمور التالية:
- إنشاء أساس مرن يمكن أن يتمايل مع الاهتزازات الأرضية والصدمات، سواء الأفقية أو العمودية.
- عزل القاعدة وتشييد مبانٍ مقاومة للزلازل فوق منصات مرنة.
- تقوية هيكل المنشآت باستخدام أقواس متقاطعة وجدران قص.
- تقوية الجدران الداخلية بحديد وإسمنت، ما يشكل تقنية بناء فعّالة قد تساعد في نقل موجات صدمات الزلزال، وتدعم حفاظ المباني على شكلها أثناء الزلازل.