تسعى الحكومة الاتحادية الألمانية وحكومات الولايات إلى ترتيب دمج الأطفال والتلاميذ من اللاجئين الأوكرانيين في المدارس، لا سيما وأن أعدادهم أضحت بالآلاف. في هذا الإطار، قدم وزراء التعليم خلال مؤتمر وزراء التربية والتعليم المشورة بشأن كيفية تقديم المساعدة بوسائل غير معقدة، واقترحوا جذب المعلمين من اللاجئين أنفسهم إلى المدارس الألمانية، على اعتبار أن الألمان مطالبون بتقديم مساعدة سريعة للأشخاص الذين يصلون إلى البلاد، هي التي تعتمد نهج الترحيب باللاجئين في المدارس.
في ظل هذا الواقع، قالت وزيرة التعليم والبحث بيتينا شتارك فاتسينغر مع مجموعة "فونكه" الإعلامية الألمانية إنها تؤيّد السماح للمعلمين الذين هربوا من أوكرانيا بالعمل في المدارس ومراكز الرعاية النهارية في ألمانيا، مشيرة إلى أن هناك حاجة إلى أماكن ومدارس تكفي التلاميذ اللاجئين الذين يجب أن يلتحقوا بالمدارس في أقرب وقت ممكن. وتشمل الخطة استخدام الكتب المدرسية الأوكرانية الرقمية وإقامة فصول منفصلة، وتقديم الرعاية النفسية والاجتماعية لهم، موضحة أن المعلمين الأوكرانيين اللاجئين سوف يرغبون بالتأكيد في المساعدة، وسيكونون قادرين على ذلك، الأمر الذي سيشكل تحدياً للنظام التعليمي والمدارس ورياض الأطفال في ألمانيا.
الأمر نفسه أكدت عليه رئيسة جمعية حماية الطفل هاينز هيلغرس في تصريحات صحافية، موضحة أن جهود التكامل مهمة منذ البداية، وكل ما سنقوم به في ما يتعلق بالتعليم والاندماج سيفيد أيضاً لاجئي الحرب إذا ما عادوا إلى وطنهم. مع ذلك، يجب أن يكون المرء مستعداً لحقيقة أن العديد من لاجئي الحرب قد يبقون في ألمانيا لسنوات أو إلى الأبد.
من جهتها، أشارت وزيرة التعليم المحلية بولاية شلزفيغ-هولشتاين كارين برين إلى ضرورة الحفاظ على اتصال بنظام التعليم الأوكراني، والاستعانة بالمعلمين الأوكرانيين للتمكن من رعاية وتعليم العدد المتزايد من الأطفال اللاجئين، أو قد تواجه أوكرانيا جيلاً ضائعاً، موضحة في حديث ضمن برنامج حواري مشترك بين القناتين الأولى "إيه آرد دي" والثانية "زد دي أف" أن الواجب الأخلاقي لا ينحصر فقط بتأمين مأوى ووجبة ساخنة، لكن وقبل كل شيء تأمين التواصل مع الأطفال الآخرين. وشددت على أهمية دمجهم في الهياكل التعليمية القائمة، لا سيما وأن كل التوقعات تشير إلى لجوء آلاف الأطفال الآخرين إلى ألمانيا.
اللغة الألمانية
وذكرت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية أن وزراء التربية يتولون التنسيق لاتمام دمج الأطفال الأوكرانيين في ألمانيا، إذ إن هناك شعوراً بالمسؤولية للترحيب بالتلاميذ اللاجئين من دون إجراءات بيروقراطية، وقد أنشئت فصول ترحيب وأخرى تحضيرية ومكثفة في الدروس الألمانية، في وقت يتعلم 6000 طالب في برلين اللغة الألمانية لدمجهم في الصفوف المدرسية بأسرع وقت ممكن. وأشارت إلى الحاجة إلى معلمين على وجه السرعة في ظل النقص الهائل للكوادر التعليمية، وقد يصار إلى الاستعانة بمعلمين متقاعدين للمساهمة في دمج الأطفال اللاجئين بنجاح.
من جهتها، تشير وزيرة التربية في ولاية شمال الراين إيفون غيباور إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على تعليم الأطفال اللغة الألمانية، لكن أيضاً تقديم المساعدة النفسية في المدارس لتمكين الأطفال والمراهقين الذين يفرون إلينا من العودة إلى المدرسة، الأمر الذي يمنحهم شعوراً بالأمان والاستقرار، ويسهل عليهم متابعة تعليمهم، مشيرة إلى أن تجربة الهرب مؤلمة دائماً في البداية.
ولمواجهة هذا التحدي وتأمين الرعاية للأطفال، تطالب الجمعيات المعلمين والمدارس في الولايات الفيدرالية بالمزيد من الأموال والموارد الإضافية والمدرسين. ويقول الرئيس الاتحادي لجمعية التعليم والتدريب (VBE) أودو بيكمان إن المطلوب مساندة المعلمين بموظفين إضافيين مع تأمين الدعم المالي من دون عقبات بيروقراطية. ويشير البعض إلى ضرورة الاستعانة بمزيد من المعلمين المؤهلين لتدريس اللغة الألمانية كلغة أجنبية مع اعتماد مترجمين فوريين.
في هذا الإطار، دعت جمعية حماية الطفل الألمانية الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات إلى عقد قمة للاجئين مع التركيز على ملف اللاجئين الأوكرانيين الهاربين. وتشير التقديرات إلى وصول ثلاثة إلى أربعة ملايين طفل من بين لاجئي الحرب الأوكرانيين.
في المقابل، يخشى خبراء تعرض أطفال من أصول روسية للتنمر. في هذا السياق، يفيد أحد العاملين في هيئة التعليم في مدينة فولدا بأن "المدارس مستعدة لمواجهة الموقف، وعلى المرء أن يكون جاهزاً لوقوع حوادث مماثلة". وأرسلت مواد إلى المدارس تتضمن كيفية مواجهة المعلمين التمييز والتعامل مع قلق الأطفال في ما يتعلق بأخبار الحرب الدائرة في أوكرانيا، مع التأكيد على ضرورة وجود متخصصين اجتماعيين وتربويين في المدارس.
إرشادات استباقية
في هذا الإطار، تلقت إدارات المدارس في ولاية سكسونيا السفلى من وزارة التعليم معلومات وإرشادات ونصائح حول كيفية التعامل مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية في مدارسها، ومن بينها كيفية حل المناكفات بين التلاميذ من أصل روسي وأولئك من أصل أوكراني، وكيفية التعامل مع التلاميذ الهاربين من الحرب والذين يعانون مشاكل سلوكية. وقال وزير التعليم في الولاية غرانت هندريك تون إن الهدف هو تزويد معلمينا بالمعلومات الأساسية بشكل استباقي ودعم قدراتهم على التصرف بثقة مع ما يمكن توقعه من مواقف صعبة تتطلب تقديم المشورة التربوية والنفسية وسرعة التعامل معها.
وفي سياق متصل، قالت وزيرة الدولة الجديدة في الاستشارية الاتحادية ومفوضة الحكومة الاتحادية للهجرة واللاجئين والاندماج ريم العبالي رادوفان، إنها تشعر بالقلق إزاء الإهانات المتزايدة ضد الأشخاص من أصول روسية في ألمانيا منذ بداية الحرب إذ لا يمكن تحمل ذلك، لافتة إلى أن البعض من الروس لا يجرؤون على التحدث بلغتهم في الشارع. وأدانت الهجمات على المحال الروسية وتعرض الأطفال للإهانة في المدارس، مشددة على أن الحرب ضد أوكرانيا تقع على عاتق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وليس المواطنين الروس، ووعدت بأن توفر ألمانيا الحماية لجميع اللاجئين الأوكرانيين.