تعاظم تمثيل التيار الديني في النخبة الإسرائيلية الحاكمة

22 يناير 2023
حاز التيار الديني على وزارات سيادية وخدمية (عامير ليفي/Getty)
+ الخط -

حاز ممثلو الأحزاب الدينية على خمس عشرة وزارة في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، مما يتوقع معه أن يزيد تمثيل أتباع التيارات الدينية في النخبة البيروقراطية التي تشرف على إدارة العمل الحكومي في الوزارات، إذ تمنح القوانين الوزير هامشاً كبيراً في تعيين كبار الموظفين بوزارته.
وحظيت الأحزاب الدينية بعدد مهم من الوزارات ذات الطابع السيادي والخدمي في الحكومة الجديدة، من بينها وزارات المالية، والداخلية، والأمن الوطني، والصحة، والإسكان، والرفاه الاجتماعي، والهجرة، وتسمح اللوائح القائمة للوزير بتعيين موظفين يختارهم في ما يطلق عليه اسم "مواقع الثقة"، مثل وكيل الوزارة ومساعديه، وكبار المستشارين، فضلاً عن حقه في استحداث كثير من المناصب، لا سيما المتعلقة بالإشراف على المشاريع الجديدة التي تنفذها إدارات وزارته.
كما يحق للوزير أن يلعب دوراً في تعيين رؤساء المؤسسات المرتبطة بأعمال مع وزارته، فعلى سبيل المثال، يحق لوزير الصحة الجديد، زعيم حركة "شاس" الحاخام آريي درعي، أن يسهم في تعيين مديري صناديق المرضى التي تقدم الخدمات العلاجية، وتحوز على كثير من المستشفيات والعيادات ودور الرعاية الطبية.

تمثيل المتدينين في القضاء الإسرائيلي أكبر من نسبة تمثيلهم سكانياً

في الوقت ذاته، فإن "الثورة القضائية" التي أعلن عنها وزير القضاء الجديد، يريف ليفين، ستزيد من تمثيل التيار الديني في النخبة القضائية، ممثلة في قضاة مختلف مستويات المحاكم، والنيابة والمستشارين القضائيين، وأعلن ليفين، أنه سيتم تمرير قانون أساسي يسمح بزيادة دور الوزراء والنواب في تحديد هوية القضاة والمستشارين القانونيين، مما يمكن الأحزاب الدينية من الدفع بأتباعها لملء الكثير من الشواغر في الجهاز القضائي. 
ولا يمكن تجاهل أن حضور المتدينين في الجهاز القضائي كبير، فحسب صحيفة "كالكليست"، يعد تمثيل المتدينين ضمن قضاة المحاكم اللوائية ومحاكم الصلح أكبر من نسبة تمثيلهم في تعداد السكان.
وحتى ثمانينيات القرن الماضي، كانت جميع المؤسسات الأكاديمية والبحثية تحت سيطرة النخب العلمانية، باستثناء جامعة "بارإيلان" التي تأسست على أيدي التيار الديني القومي. لكن مشاركة الأحزاب الدينية في الحكومات المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية، أسهمت في تحولها إلى ثاني أكبر جامعة في إسرائيل من حيث التخصصات وعدد الطلاب، وعمدت الحكومة والمؤسسة الأمنية إلى تعزيز دور الجامعة من خلال تشجيع الموظفين في السلك السياسي والأمني على استكمال تأهيلهم الأكاديمي فيها. 
وحقق التيار الديني إنجازاً كبيراً في عام 2012، عندما دشن جامعة ثانية تمثله، وهي جامعة "أرئيل"، وهي أول جامعة يهودية في الضفة الغربية المحتلة.

حضور لافت لأتباع التيار الديني في النخبة الإعلامية الإسرائيلية

في ذات السياق، بات حضور أتباع التيار الديني في النخبة الإعلامية ملحوظاً بسبب التحولات التي شهدها سوق الإعلام الإسرائيلي، وقد سمح احتكار رجال الأعمال من ذوي التوجهات اليمينية للاستثمار في مجال الإعلام خلال العقدين الماضيين بهذا الصعود، إذ استقطبت صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي تعد حالياً أوسع الصحف انتشاراً، والتي دشنها الملياردير شيدلون أدلسون قبل عقدين، كثيرا من الصحافيين والكتاب من أتباع التيار الديني، ومنهم مراسلها السياسي أرئيل كهانا، ومعلقها للشؤون الحزبية ميخائيل توخفيلد، ومعلقها لشؤون الاستيطان نداف شرغاي.

كما اشترى أدلسون صحيفة "ميكور ريشون" لتكون ناطقة بلسان التيار الديني القومي، ويرأس تحريرها حالياً حجاي سيغل، والذي اعتقل في أواسط الثمانينيات بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي خطط لتدمير المسجد الأقصى، فضلاً عن تدشين رجل الأعمال اليميني إسحاك ميريشلولي قناة "14" قبل عدة سنوات، والتي لعبت دوراً في منح أتباع التيار الديني الفرصة للحضور على الشاشات.

في الوقت ذاته، ومع زيادة تمثيل الأحزاب الدينية في دائرة صنع القرار، اضطرت سلطة البث التي تمولها الحكومة إلى استيعاب العديد من أتباع التيار الديني في وسائلها الإعلامية المختلفة، فضمن طاقم قناة "كان" الرسمية عدد من المتدينين، من بينهم  المراسل العسكري روعي شارون، ومراسل الشؤون الحزبية ميخائيل شيمش، والمراسل الدبلوماسي إيلي شتيمان، ومقدم البرامج عكيفا نوفيك. 
ولم تغب قنوات التلفزة التجارية عن استقطاب أتباع التيار الديني لزيادة مستوى المشاهدة، لنجد اليميني عميت سيغل المعلق السياسي لقناة "12"، ومراسلها الحزبي يئير شراكي، ومعلق الشؤون العربية في قناة "13" تسفيكا يحزكيل، وهم من أتباع التيار الديني.
كما زاد حضور المتدينين في النخبة الثقافية، لا سيما في مجال الغناء، وتمكن المطربون المتدينون من فرض أغراض أيديولوجية تشمل الدعوة الصريحة لتبني مواقف متطرفة من الصراع، واشتهر المطرب دوف شورن بأغانيه الداعية إلى الانتقام من العرب والفلسطينيين، وعلى رأسها أغنية "انتقم لي يا رب"، والتي جاء في مطلعها: "اذكرني يا رب. وأمدني بالقوة. فقط هذه المرة يا رب. مكني من الانتقام. مكني من عيون الفلسطينيين".

المساهمون