يقف الفلسطيني وافي البطران، من مُخيم جباليا للاجئين، شمالي قطاع غزة، أمام كرسيين متحركين، يجلس عليهما طفلاه نور الدين (14 عامًا)، وشقيقته حلا (5 أعوام)، واللذان يعانيان من الشلل الدماغي، خلال وقفة تضامنية مع الأشخاص ذوي الإعاقة، تم تنظيمها اليوم الاثنين.
وظهرت ملامح الحزن وقلة الحيلة واضحة على وجه البطران خلال الوقفة التي نظمها ائتلاف الناشطين لتبني قضايا الإعاقة، قبيل أيام من اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، 3 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، وهو ينظر إلى طفليه اللذين يعانيان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة المُحاصر إسرائيليًا منذ 16 عامًا، علاوة على ضعف الاهتمام الرسمي والمؤسساتي بهما.
وشارك في الوقفة التضامنية عدد من المؤسسات والأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة، وتم تنظيمها في منطقة الفاخورة، التي شهدت المجزرة التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية في 6 يناير/ كانون الثاني 2009، خلال الهجوم على غزة، وراح ضحيتها 43 شهيداً.
ويقول البطران لـ"العربي الجديد"، إنه شارك في الفعالية للمطالبة بحقوق أطفاله ودمجهم في المجتمع، كما يكفل لهم القانون الدولي والإنساني.
وحمل الأشخاص أصحاب الإعاقة على كراسيهم المتحركة شعارات تطالب بإنصافهم في يومهم العالمي والذي يصادف الثالث من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، ومن بينها "الإعاقة لا تلغيني"، "إلى متى سيظل الأشخاص ذوو الإعاقة محرومون من المأكل، المشرب، الملبس، المسكن، الزواج، الصحة، التعليم، العمل، المشاركة السياسية، الترفيه".
فيما رفع الأطفال المشاركون في الوقفة لافتات تضمنت شعارات إسنادية، ومنها "جميعنا متساوون في الحقوق والواجبات"، "نحن أصحاب الهمم"، "أذني لا تسمع ولكن هنا قلبي يسمع"، "اصنع من إعاقتك طاقة"، "الحق في التعليم"، "الحق في العمل"، وغيرها من الحقوق التي تضمنتها القوانين والمواثيق الدولية.
وتلخص حلم الفلسطيني نافذ شبير في توفير كرسي كهربائي بدلًا من الكرسي المتحرك، الذي جلس عليه منذ أربع سنوات، بعد تعرضه لجلطة دماغية، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن زوجته أصيبت بالغضروف بسبب الدفع المتواصل للكرسي المتحرك يدويًا.
ويبين شبير أنه شارك في الوقفة لتنبيه المؤسسات والجهات الحكومية والرسمية إلى معاناتهم المتفاقمة، ويقول "إلى جانب الألم الذي يسببه المرض، وعدم قدرتنا على الحركة بسهولة، نعاني أيضاً من غياب الاهتمام بنا وبمتطلباتنا البسيطة والمشروعة، والتي تكفلها لنا كل القوانين".
وتضمنت الوقفة العديد من الكلمات، وكانت للمتضامنين مع ذوي الإعاقة كلمة ألقاها نبيل دياب، أوضح فيها أن الأشخاص ذوي الإعاقة استطاعوا التحدي والنجاح على الرغم من مختلف الظروف الصعبة، فيما أظهروا في العديد من المُناسبات والمواقف إبداعًا منقطع النظير.
وأوضح دياب أن فلسطين تضم نحو 300 ألف من الأشخاص ذوي الإعاقة، ويمثلون 7% من نسبة الفلسطينيين، مؤكدا أن الأشخاص ذوي الإعاقة يتمتعون بطاقات وإمكانيات ذهنية كبيرة، تمكنهم من المشاركة في مختلف المهام والقضايا، و"من الضروري أن يتم توفير فرص عمل حقيقية تلائم أوضاعهم، وأيضاً مواءمة الجامعات والمدارس ومختلف المؤسسات والمرافق".
وطالب دياب بتطبيق القوانين المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تكفل حقوقهم، داعيًا إلى فتح الأبواب أمامهم للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وقال "لا نريدهم أرقاما، وإنما مشاركون حقيقيون في المجلس التشريعي والمجالس البلدية وغيرها من المؤسسات الهامة".
ورُفعت في الوقفة أيضاً العديد من التساؤلات المتعلقة بحقوق المعاقين وتمكينهم في المجتمع، كما حقوقهم في التعليم والتشغيل والتدريب، والحق في التأهيل، والحق في الحماية أثناء حالات الخطر والطوارئ، وباقي الحقوق الغائبة.
من جانبه، ألقى عبد الله المصري كلمة المؤسسات، أكد خلالها أن الأشخاص ذوي الإعاقة قدموا كثيرًا من أجل الوطن، وفي المقابل ينتظرون تفهم قضيتهم، وإدراك المسؤولية لدعمهم وتقديم الدعم لهم في كل المجالات، داعيًا أصحاب القرار إلى الاهتمام بحقوقهم، والالتزام بكل المواثيق التي توصي بالتكفل بتحقيقها.
وأكد عبد الباري بركات، خلال المُداخلة الأخيرة في الوقفة، والتي ألقاها باسم الاتحاد العام لذوي الاعاقة، أن اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة يأتي في ظروف معقدة، من حيث تزايد الانتهاكات من جميع النواحي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الفقر والبطالة، وزيادة الخلافات السياسية، وضعف الدعم العربي والإقليمي لقضية الشعب الفلسطيني، وحقوقه المشروعة.
وأوضح بركات أن الأمم المتحدة أقرت الثالث من ديسمبر يوماً للأشخاص ذوي الإعاقة، ليصبح فرصة للتنبيه بأوضاعهم والتذكير بمعاناتهم، كما للمطالبة بحقوقهم، وإلزام الجهات المعنية بتطبيقها، واحترام القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على حقوقهم.