أعلنت الداخلية الإيرانية، مساء اليوم الثلاثاء، اعتقال أشخاص في 6 محافظات إيرانية، بسبب "إعداد مواد مهيّجة ونشرها بين طلبة المدارس، مما أدى إلى ظهور أعراض بينهم"، وذلك على خلفية حوادث تسمم الطالبات.
وأضافت الداخلية الإيرانية أن ثلاثة أفراد من المجموعات المكونة من أربعة أشخاص "لديهم سجل سيّئ، مثل النشاط في أعمال الشغب الأخيرة ووسائل الإعلام المعادية"، في إشارة إلى الاحتجاجات الأخيرة في إيران على وفاة الشابة مهسا أميني، بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب.
وتابع البيان أن أحد أعضاء المجموعات كان قد نقل "المواد المهيجة" إلى المدرسة، عبر ابنته لنشرها بين الطلاب، قائلاً إنه بعد أن ساء الوضع الصحي لعدد من التلميذات جرى سريعاً تصويرهن داخل المدارس والمستشفيات، وإرسال الفيديوهات إلى "الإعلام المعادي في إطار سيناريو لبث الرعب والخوف بين الإيرانيين".
وكان مساعد وزير الداخلية الإيراني مجيد مير أحمدي قد كشف للتلفزيون الإيراني، ظهر اليوم الثلاثاء، عن اعتقال أفراد في خمس محافظات إيرانية على خلفية القضية، مشيراً إلى أن الأجهزة المعنية تواصل تحقيقاتها، متهماً أعداء إيران بـ"السعي لإثارة المخاوف والإخلال بالنظام التعليمي الإيراني".
ولم يوضح المسؤول الإيراني ما إذا كان هؤلاء المعتقلون قد اضطلعوا في تسميم الطالبات، أم أن اعتقالهم جاء على خلفية "إثارة القلق" حول الموضوع.
من جهة أخرى، نظم معلمون إيرانيون في مدن عدة، الثلاثاء، تجمعات احتجاجية للتضامن مع الطالبات الإيرانيات اللواتي تعرضن للتسمم، وفق فيديوهات متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي الإيرانية.
وتظهر هذه الفيديوهات، التي لم يتسن لـ"العربي الجديد" التأكد من صحتها، أن بعض المعلمين في مدن إيرانية، بينها أصفهان وسنندج وبابل ومشهد، تجمعوا مرددين هتافات عدة، وذلك بعد دعوة للمجلس التنسيقي لاتحاد نقابات المعلمين في البلاد.
ولم ترد بعد أنباء حول هذه التجمعات على وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية وغير الرسمية.
وتأتي هذه التجمعات فيما لا تزال قضية تسمم الطالبات الإيرانيات تتفاعل في إيران وسط غموض مستمر حول أسبابها وطبيعتها.
وأكد أول تقرير للجنة العلمية المختصة المعنية بوزارة الصحة الإيرانية أن بعض التلميذات اللواتي نقلن للمستشفيات تسممن "بمادة استنشاقية محرضة تشبه الغاز". وأضاف أن هذه المادة "يمكن أن تكون على شكل صلب أو مسحوق أو عجين تبخرت بعد وضعها على أجهزة التدفئة" بالمدارس.
وقال نائب وزير الصحة الإيراني سعيد كريمي إن اللجنة العلمية المعنية ببحث التسمم مكونة من ثلاثين عالماً من مختلف التخصصات، منها الرئة والسم والالتهاب وعلم النفس.
إلى ذلك، أصدرت الداخلية الإيرانية بياناً أوردت فيه أنه حسب التقارير التي وصلت إليها، فإن "عدداً محدوداً من التلاميذ في 250 صفاً دراسياً في مدارس بأنحاء البلاد عبّر عن الإحساس بأعراض".
وأكدت الوزارة، التي لم تستخدم في بيانها كلمة "التسمم"، أنه "حتى الآن لم يعثر على مواد سامة وخطيرة في أجساد التلاميذ الذين راجعوا المصحات". وأضافت أن "التحاليل أظهرت وجود مواد محركة لدى أقل من خمسة في المائة من المراجعين، وهو ما أدى لسوء وضع الطلاب وظهور أعراض، لكن أياً منها لم تؤد لحسن الحظ لمخاطر وأعراض مستدامة".
وتابعت الداخلية الإيرانية أن ذلك "قد يكون عملاً متعمداً وإجرامياً، وتواصل الأجهزة الاستخباراتية والأمنية تحقيقاتها بهذا الخصوص".
وقالت الداخلية الإيرانية إن "أكثر من 90 بالمائة من الطلاب عبّروا عن عدم ارتياحهم بسبب القلق والمخاوف التي نشأت في الفصل والمدرسة"، مضيفة أنه "بحسب التحقيقات، فإن بعض الحالات التي تسببت في التهابات ببعض المدارس ترجع إلى "أفعال مغامرة جرت معالجتها"، حسب قولها.
كما نقلت وكالة "نور نيوز" المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، عن "مسؤول أمني مطلع"، قوله إنه جرت معاينة جميع الكاميرات في المدارس المزودة بها فضلاً عن الكاميرات في أطراف المدارس، "لكن حتى الآن لم يعثر على أي شيء يثير الشك".
وأثار تكرار حوادث التسمم في مدارس البنات الإيرانية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، الرأي العام الإيراني، بعد تصاعد هذه الحالات خلال الأسبوعين الأخيرين، وسط حالة غموض بشأن أسباب هذا التسمم، والجهة المحتملة التي تقف خلفه.
ويتهم نشطاء على شبكات التواصل ووسائل إعلام إيرانية، جماعات دينية متطرفة بالوقوف وراء هذه الحوادث لمنع دراسة الطالبات، فيما تربطها المعارضة الإيرانية بالاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني، بعد أيام من احتجازها لدى شرطة الأخلاق، بتهمة عدم الالتزام بقواعد الحجاب، متهمة السلطات بالانتقام من الطالبات اللواتي شاركن في الاحتجاجات.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد وجه، الجمعة، أصابع الاتهام إلى "أعداء" إيران، متهماً إياهم بالسعي لبث الإحباط في الشارع الإيراني "بغية إثارة الفوضى".