تتخوّف النساء في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، من السير في الشوارع وهنّ يحملن حقائبهنّ الشخصية، أو مبالغ مالية مهمة، بسبب تحول سرقة الحقائب والنّشل إلى ظاهرة مخيفة، تتفاقم يومياً دون معالجة جدية حتى الآن من قبل سلطات الأمر الواقع في المنطقة.
وترى الحقوقية منتهى العبدة التي تقيم في مدينة القامشلي بالمحافظة، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ البطالة ليست السبب المباشر لتفشي الظاهرة، فمعظم الشبان الذين يحترفون السرقة أصحاء وقادرون على العمل. وأضافت: "غلاء المعيشة والفوضى، وعدم وجود سلطة رادعة، وتداخل السلطات، من أسباب انتشار السرقة".
وتلفت العبدة إلى أنّ "التبرير دائماً يكون بأنّ السرقة لم تحدث ضمن مناطق سيطرة الجهة المتنفذة، وهذا يساعد اللصوص على الاحتماء، فضلاً عن عدم وجود محاسبة قانونية، حيث تتعدد السلطات ولا يعرف الضحية أين يشتكي".
وتضيف أنّ "السرقات التي تحدث على الدراجات النارية بشكل يومي تتراوح ما بين 8 و12 حالة، ينفذها في الغالب شبان ملثمون على دراجاتهم يخرجون ليلاً للعثور على ضحية تسير وحدها في الشارع، وفي بعض الأحيان يلجؤون للعنف في حال قاومت الضحية المعتدين".
وتشدد على أنّ "الإدارة الذاتية" "تتساهل كثيراً مع الصغار والنساء، وهذا يشجعهم على السرقة، وخاصة النساء المختبئات في ثوب متسولات قرب الصيدليات وفي الأسواق"، مشيرة إلى أنّ عمليات السرقة "غالباً ما تكون منظمة، ويتكون عناصرها من مجموعات يمتهنون السرقة ويختارون ضحاياهم بدقة في كثير من الأحيان".
وتتبع "الإدارة الذاتية" لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على منطقة شمال شرقي سورية، وتشمل أجزاء من محافظات الحسكة، الرقة، حلب ودير الزور.
وتتسبب ظاهرة السرقة في أضرار مادية ومعنوية بالنسبة للضحية، وفق العبدة، ففي إحدى الحالات في مدينة الحسكة أفضت عملية سرقة امرأة إلى موتها، حيث لجأ اللصوص إلى العنف عندما قاومتهم، وتردف "شخصياً أعتقد أنّ الفوضى هي السبب وراء انتشار هذه الظاهرة، فلا سلطة رادعة تحاسب في هذا الموضوع، سواء من قبل النظام السوري أو مركز الجريمة التابع للإدارة الذاتية، وأغلب من قدموا الشكاوى لم يتوصلوا إلى نتيجة".
وتضيف: "الظاهرة غير طبيعية وتسبب فوبيا للضحايا والأشخاص المحيطين بهم، حيث يغيب الإحساس بالأمان في الشارع، بينما تتمسك المرأة بحقيبتها بشكل قوي وتخاف من النشل، وأحياناً تضيع بطاقات شخصية أو أوراق مهمة جداً للضحية". وحثت على ضرورة "التشدد في معاقبة الجميع دون تمييز"، مشيرة إلى أنها نفسها تعرضت لمحاولة سرقة حقيبتها بذات الطريقة.
والثلاثاء الماضي، توفيت امرأة بعد تعرّضها لنزيف دماغي، حيث سقطت خلال مقاومتها لصّين حاولا سرقة حقيبتها، خلال عودتها من السوق في حي الصالحية بمدينة الحسكة.
وأوضحت خديجة المحمد المقيمة في مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الظاهرة "أصبحت مخيفة للغاية، خاصة مع الأحاديث اليومية التي يتم تبادلها عن عمليات سرقة بحق النساء". وتابعت "أغلى ما أملك في الحقيبة هو هاتفي المحمول، وأحرص دائماً على وضعه في جيبي بعد انتشار السرقة، كذلك في حال حملت مبلغاً مالياً أحرص على إخفائه، الأمر مخيف ويجب وضع حدّ له".
بدوره، يوضح الناشط الإعلامي مدين العليان، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "في حال لم يتم التعامل مع الظاهرة من قبل سلطات الأمر الواقع، على الأهالي العمل على الحدّ منها، كما حدث خلال العامين الماضيين في مدينة القامشلي، حيث كان الشبان يتجمعون لحماية المنازل من السرقة، وهذا قد يكون الحل الأنسب في الوقت الحالي".