تركيا تعاود الإغلاق الجزئي بسبب كورونا

19 نوفمبر 2020
من الحياة اليومية بإسطنبول في ظل كورونا (فايد الجزيري/ Getty)
+ الخط -

انضمّت تركيا إلى الدول التي دفعتها الموجة الثانية لتفشي كورونا، وارتفاع عدد الإصابات والوفيات، إلى الإعلان عن تدابير جديدة للحدّ من انتشار الفيروس، وخصوصاً بعدما أصاب وزيرة الأسرة والعمل زهرة سلجوق، ورئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أغلو، والناطق باسم الرئاسة إبراهيم قالن، ووزير الداخلية سليمان صويلو، بالإضافة إلى وفاة النائب السابق في البرلمان التركي والخبير القانوني برهان قوزو.
استجابة لما سبق، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس، عن تدابير جديدة لاحتواء الوباء، وفي مقدمتها فرض حظر تجول جزئي على من هم دون العشرين وفوق الـ65 عاماً ما بين الرابعة عصراً وحتى العاشرة صباحاً، وفرض حظر تجول في عطلة نهاية الأسبوع في عموم البلاد من الساعة الثامنة مساء وحتى العاشرة صباحاً. وتضمنت القرارات اعتماد التعليم عن بعد حتى نهاية العام الدراسي، وإغلاق دور السينما والمكتبات الوطنية والأنشطة الرياضية في الملاعب المغلقة حتى نهاية العام الجاري، على أن يستمر دوري كرة القدم التركي من دون جمهور. 
كذلك، شملت القرارات الجديدة، بالإضافة إلى منع التدخين على الطرقات والأماكن العامة، تحديد ساعات العمل في المطاعم والمقاهي والمحال التجارية وصالونات الحلاقة ومراكز التسوق والبقالة، ما بين الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثامنة مساءً.

وأوضحت وزارة الداخلية أن الحظر الجزئي سيبدأ من يوم غد، الجمعة، لافتة إلى أن المسنين من عمر 65 عاماً فأكثر يمكنهم التجول بين الواحدة ظهراً والعاشرة مساءً. أما من هم أقل من 20 عاماً، فسيكون تجولهم محدداً ما بين الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.
ويقول مدير سلسلة مطاعم "طربوش بتركيا" نزار بيطار، لـ"العربي الجديد": "أبلغنا بالقرارات الجديدة. لكنها، برأيي، لن توقف انتشار الوباء، لأن المطاعم والمقاهي وغيرها ستشهد ازدحاماً حتى الساعة الثامنة مساء". ويسأل: "هل ينتشر كورونا ليلاً فقط؟". يضيف أن الخطر الأكبر يتمثل في الازدحام إلى درجة الالتصاق في وسائل النقل، في حين أن المطاعم والمقاهي التزمت بالتباعد وإجراءات الوقاية"، مشيراً إلى أن "الأتراك ينامون باكراً، في حين أن رواد المساء والليل هم السياح. فإن كان المطار مفتوحاً وتسعى تركيا لزيادة عدد السياح، فأين سيأكل هؤلاء؟".
على النقيض، رحب المدرسون والطلاب بهذه القرارات. وتقول المعلمة التركية سهام أصلان، لـ"العربي الجديد"، إن "التعليم عن بعد حتى نهاية العام الدراسي حل مجد للحد من الاختلاط والازدحام. لاحظنا زيادة في انتشار الوباء بعد الفتح التدريجي للمدارس". وتشير إلى أنه عادة ما يتولى الأهل في تركيا توصيل أولادهم إلى المدارس وإعادتهم، ما يسبب ازدحاماً شديداً أمام المدارس. لكن داخل المدراس، جميع إجراءات الوقاية مطبقة.
وزاد عدد الإصابات والوفيات بتركيا بشكل مضطرد خلال الشهرين الأخيرين بالتزامن مع عودة المدارس والانفتاح، إذ تجاوزت الإصابات اليومية، بحسب بيان وزارة الصحة في آخر إحصاء يومي، أمس الأول، 3819، ووصل عدد الوفيات إلى 103، في وقت تعافى 2688 شخصاً.
وبينت وزارة الصحة أن إجمالي عدد الإصابات بكورونا منذ بداية ظهور الفيروس في تركيا حتى الآن بلغ 421413 إصابة، بينما بلغ إجمالي عدد الوفيات 11704، فيما تم تسجيل 359063 حالة شفاء.
وفرضت البلاد حظراً جزئياً في كل الولايات التركية. وأعلنت ولاية كارابوك، شمال غربي تركيا، عن حظر الزيارات العائلية مدة 14 يوماً في كل أنحاء الولاية. كما أعلنت السلطات التركية في كيركلاريلي، شمال غربي تركيا، عن فرض حظر تجول على سكان قرية ساكيزكوي، ضمن منطقة لوليبرجاز، بشكل كامل، بعد ارتفاع كبير في عدد الإصابات بكورونا.
إلى ذلك، طالب 84% من المواطنين بإعادة فرض قرار حظر التجول خلال عطلة نهاية الأسبوع، كإجراء وقائي لمنع تزايد عدد إصابات فيروس كورنا في البلاد، بحسب بحث أعدته شركة "إيبسوس" للدراسات والبحوث، لصالح صحيفة "ملييت" التركية. وأشارت نتائج البحث إلى أن 8 من كل 10 أتراك يطالبون بفرض قيود أكثر صرامة للحد من الانتشار المخيف والمتزايد يوماً بعد يوم للإصابات بفيروس كورونا. فيما يطالب 33% من المشاركين بضرورة فرض إغلاق كلي للأماكن العامة التي يجتمع فيها عدد كبير من النّاس، على غرار المحلات التجارية، والمطاعم والمقاهي، ومقاهي الإنترنت، وإلا سيكون من الصعب للغاية السيطرة على الفيروس الذي بدأ ينتشر بشكل مخيف.

وأعرب باقي المشاركين في الاستبيان عن رضاهم على الإجراءات الأخيرة التي فرضتها وزارة الداخلية، مثل إغلاق المحلات والمقاهي والمطاعم بعد العاشرة ليلاً، وفرض حظر تجول جزئي على المسنين الذين يبلغون من العمر 65 عاماً فما فوق. 
وبعد إعلان شركة "فايزر" الأميركية بالتعاون مع شركة "بيونتيك" الألمانية للتكنولوجيا الحيوية واللقاحات عن قرب التوصل إلى لقاح ضد الفيروس، هاتف وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة رئيس مجلس إدارة شركة "بيونتيك" الذي يتحدر من أصول تركية، وكتب في تغريدة: "تكلمت مع العالمين التركيين أوغور شاهين وأوزلم توريجي، مالكي الشركة، وبحثنا تفاصيل اللقاح المضاد لكورونا"، مبيناً أن وزارة الصحة التركية كانت على تواصل معهما خلال مرحلة تطوير اللقاح.
وعن واقع الحال في تركيا، قال قوجة إن عدد الحالات يتزايد بشكل كبير، لا سيما في المدن الكبرى، مثل إسطنبول وإزمير وبورصة، وجميع أنحاء البلاد تقريباً. لذلك، لا بد من اللجوء لاتخاذ إجراءات جذرية لوقف هذا المسار، على الرغم من مكافحة سير هذا الاتجاه بشتى الطرق.

المساهمون