يشكو السوري هيثم عبد القادر عدم قدرته على استئجار منزل في إسطنبول التركية، بعد إغلاق مناطق جديدة أمام الأجانب، ما دفعه للسكن في حي باشاك شهير (إحدى مديريات المستوى الثاني في إسطنبول) بالتراضي مع صاحبة المنزل، "إلا أنني دفعت بدل إيجار مضاعفا".
ويقول عبد القادر (53 عاماً) لـ"العربي الجديد"، إنه رضخ لجميع شروط صاحبة المنزل، سواء لناحية الدفع بالدولار أو إخلاء المنزل متى طلبت ذلك، مشيراً إلى أن "المضطر يقبل". حيث اصطحب ابنه للدراسة في تركيا بعدما أنهى إقامته في السعودية، ولم يكن يتصور هذا التضييق على السوريين حين سجّل ابنه للدراسة في الجامعة.
وكانت وزارة الداخلية التركية قد زادت قبل أيام المناطق المغلقة في وجه من تصفهم بالأجانب، معلنة عبر وزير الداخلية سليمان صويلو إغلاق مناطق كوتشوك تشكمجة، وباشاك شهير، وباغجلار، وأفجيلار، وباهجيليفلر، وسلطان غازي، وأسنلر، وزيتون بورنو، وهي الأحياء المتبقية للسوريين لاستئجار منازل، بعد إغلاق كل من الفاتح وإسنيورت في وقت سابق.
وإثر إعلانه إغلاق الأحياء الجديدة، قال صويلو إن عدد السوريين في تركيا يبلغ 3646321 شخصاً، فيما بلغ عدد السوريين بولاية إسطنبول وحدها 551829 سورياً، معتبراً أن كثافة الأجانب في مناطق مختلفة في تركيا ترتبط بإغلاق بعض الأحياء والمناطق وإيقاف تسجيل أي عقد إيجار جديد.
وكانت وزارة الداخلية التركية قد أغلقت العام الماضي نحو 781 حياً في العديد من الولايات التركية في وجه حملة بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، وزادت مطلع يوليو/ تموز الماضي عدد الأحياء المغلقة إلى 1169 حياً ومنطقة، لتضيف أخيراً ثمانية أحياء جديدة.
ويقول رئيس "تجمع المحامين السوريين الأحرار" بتركيا غزوان قرنفل، إن "زيادة عدد الأحياء المغلقة في وجه السوريين (يقولون أجانب لكن المقصود هو السوريون حصراً)، هي تضييق جديد وشكل من أشكال الترحيل غير المباشر لهم، وخصوصاً أنه أضيف إلى قرارات سابقة".
ويوضح قرنفل في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المقاربة التركية الجديدة للملف السوري تفترض بالضرورة استمرار ترحيل السوريين بطريقة أو بأخرى. ولعل وجود طاقم جديد بديلاً عن الطاقم القديم لإدارة الملف السوري في وزارة الخارجية التركية، دليل إضافي على تغيّر النهج التركي بالتعامل مع اللاجئين السوريين".
من جهته، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة ابن خلدون في إسطنبول، رجب شانتورك، أن "خطوات بلاده تهدف إلى تخفيف الضغط عن بعض الأحياء التي زادت فيها كثافة الأجانب، وليس القصد السوريين أو المصريين، بل توزيع اللاجئين على الأحياء أو الولايات. حيث تضم بعض الولايات حوالي 100 لاجئ، في حين يصل عدد اللاجئين بإسطنبول وحدها إلى أكثر من مليون لاجئ قدموا من سورية واليمن وليبيا ومصر وأفغانستان".
وفي ما يتعلق بالسوريين، يقول شانتورك لـ"العربي الجديد"، إن "ثلث اللاجئين السوريين تمركزوا في الولايات الجنوبية القريبة من الحدود السورية، و1.414 مليون سوري في غازي عنتاب وهاتاي وشانلي أورفا، فيما العدد الأكبر في إسطنبول"، مشيراً إلى أنه من الطبيعي إعادة النظر بتمركز اللاجئين لمنع أي تدهور بالبنية السكانية من دون الضرر بالسوريين أو الإكراه".
كما يشير إلى أن بلاده ماضية بخطة توزيع اللاجئين لمراعاة الكثافة السكانية، وإغلاق الأحياء المكتظة، وتوزيع اللاجئين على الولايات والمدن ذات الكثافة السكانية القليلة بشكل طوعي، وصولاً إلى تأمين فرص العيش والأمان في سورية لعودة اللاجئين بشكل طوعي إلى بلادهم.
في المقابل، يقول لاجئون سوريون إن "تركيا عام 2011 غيرها اليوم. أيام فتح المنازل ووصف السوريين بالمهاجرين ولّت إلى غير رجعة"، مشيرين إلى "التضييق الذي يتعرضون له لاستئجار منازل، وسوء المعاملة في الدوائر الرسمية لمجرد معرفتهم أن الشخص سوري، ناهيك بارتفاع العنصرية في الشوارع". واعتبر هؤلاء أنه لم يعد سهلاً تفادي الهجرة السرية إلى أوروبا أو حتى العودة إلى الشمال السوري، هرباً من الغلاء والتضييق في تركيا.